الذهب يحلق سعريا حتى وصل حتى الآن إلى أسعار قياسية غير مسبوقة ، ووصل حتى الأن لسعر يقارب 1024 دولاراِ للأونصة , وهو يقترب من مستويات تاريخية هي الأعلى وهو سعر 130.80 دولاراً، في الجانب الآخر نجد أن الدولار تتراجع أسعاره وقيمته مع كل ارتفاع للذهب ، وهذه العلاقة العكسية بين سعر الدولار والذهب لها ما يبررها خاصة أن الذهب مقيم بالدولار الأمريكي الذي تراجعه يعني عمليا ارتفاع الذهب ، ولكن السؤال لماذا يضعف الدولار ويرتفع الذهب ؟ ضعف الدولار هو مرتبط بضعف الاقتصاد الأمريكي وتبعات الأزمة المالية لازالت مستمرة حتى الآن رغم التحسن البطيء، وأيضا رغبة البنك الفيدرالي بالاستمرار بضعف الدولار دعما للتصدير للسلع الأمريكية وان تكون إحدى السياسات النقدية لدعم الاقتصاد الأمريكي وإن طالت مدة التحسن الاقتصادي ولكن أن تكون مؤسسية لا طارئة ولا مؤقتة ، ضعف الدولار يخدم الاقتصاد الأمريكي في ظل الظروف الراهنة وليست بصفة دائمة والمستثمرين الأجانب ويشجعهم على الاستثمار ، ولكن في الجانب الأخر هو مضر جدا للمستثمرين الأجانب في الأوراق المالية الأمريكية وحتى أسواقها ، فالضعف لا يخدم السياسة المالية والنقدية للمدى الطويل ، أما ارتفاع الذهب هو الملاذ الآمن للدول التي ترى أن مستقبل الأقتصاد العالمي غير مستقر ولم تنته الأزمة المالية مما اضطر الصين أكبر مشتر إلى رفع قيمة مشترياتها بنسبة 75% ، ومع توقعات وشبح التضخم دعم ذلك أسعار الذهب حتى الن ، والتوقعات أن يستمر الذهب بهذه التسارع السعري الذي يعكس حالة قلق وتوقعات تضخم قادمة وأيضا سيكون مصيره التصحيح السعري وقد يكون حادا ، وتدفق الأموال الحاد الآن بالشراء للذهب يضع من الصعب السيطرة أو تقدير أين سيكون مصير الذهب صعودا ، هناك حالة قلق من هذا الارتفاع للذهب والنفط وتراجع للدولار ، فالذهب تاريخيا ارتفاعاته الحادة لا تستمر طويلا فسرعان ما يصحح سعريا، ولكن هذه المرة التصحيح سيكون في وقت تحسن اقتصادي بطيء ونمو أيضا بطيء ، ولا يقارن بفترة سبتمبر 2008 وقت بداية انهيار الأسواق والأزمة المالية . ارتفاع الذهب لهذه المستويات المتسارعة يخدم المضاربين لا المستثمرين ، وأيضا يقدم ويعطي مؤشرا على تضخم تبدو مؤشراته بالأفق حتى الآن آتية، وأيضا هي انعكاس حالة قلق عالمي من التحسن الاقتصادي ، ولازال التعارض بين انتهاء الانكماش والركود محل نقاش وجدال وهو الذي يعتمد على الضخ الحكومي والدعم المالي المركزي ، قبل انهيار سبتمبر 2008 كان الذهب والنفط وصلا لأرقام قياسية ، والآن السيناريو يتكرر فقط بالذهب لا النفط ، مما يعكس أن التركيز على مستويات التضخم هو الأكثر حدوثا لانهيارات متكررة أو أن يعود سيناريو سابق . مؤشرات ارتفاع الذهب بقوة دفع هائلة ليست إيجابية حتما بل هي تقدم مؤشرات اقتصادية أكثر سلبية نسبيا خلال المرحلة القادمة وهي تعكس مؤشرات ودلالات كثيرة للاقتصاد العالمي وسنرى نتائجها حتما .