“سواء كان أتباع جولن يعيشون في الولاياتالمتحدةالأمريكية أو في لندن أو في أي بلد آخر لن يستطيعوا الإفلات منا، سنواصل عمليات الخطف ضدهم ونحاصرهم في أي مكان”.. هذا كان جانبا من حديث إبراهيم كالين أحد الدبلوماسيين الأتراك والمستشار المفوض من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقتها للرد على أسئلة الصحفيين في مؤتمر أعقب محاولة الانقلاب الفاشلة، عندما وجهه أحدهم بسؤال مباشر عن كيفية التعامل مع معارضي النظام وغير الراضين عن حكمه. رد السياسي التركي البارز الذي كان صادما لوسائل إعلام أجنبية ذائعة الصيت والتي تناقلته على شاشاتها وصفحاتها، إنما يكعس في طياته طريقة تعامل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قوى المعارضة، ويرسم الخطوط العريضة أمام العالم للسياسة القمعية المتخفية في ستار الحفاظ على أركان أنقرة. قبل أسابيع قليلة بدأت الأجهزة التركية محاولات استهداف جولن في مقر إقامته بأمريكا، فيما بدا واضحا بعملية اغتيال، بمحاولة استهداف المجمع السكني، الذي يقطن به فتح الله جولن، وأثار ذلك علامات استفهام كثيرة حول ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات التركية تقف خلف هذه الواقعة، خاصة في ظل تهديدات الحكومة التركية عدة مرات باستهداف المعارض التركي الأبرز والمتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة على حكم الرئيس التركي في العام 2016. تأكيدات خرجت من مصادر مقربة من المعارضة تفيد بأن الشرطة الفيدرالية في ولاية بنسلفانيا قامت بتفقد المجمع السكني الذي يقيم فيه المفكر الإسلامي فتح الله جولن على خلفية الكشف عن شخص مسلح يرتدي قميصًا أسود بجوار العمارة، موضحة أن الشرطة الأمريكية دخلت المنزل الذي يقيم فيه جولن ثم غادرته بعد عملية التفقد، ولفتت إلى أن المواطنين المقيمين في المنطقة ذاتها أكدوا أن الشرطة طالبتهم بعدم الخروج من منازلهم حتى إشعار آخر، وذلك لأن فرق الشرطة تبحث عن رجل يرتدي ثوبًا أسود، لافتة إلى أن السلطات التركية هددت في وقت سابق فتح الله جولن، حيث تصل أحيانا تهديدات الكتاب والصحفيين الموالين للحكومة التركيين، بينهم فاتح تزجان، إلى حد المطالبة باغتياله من خلال إطلاق صاروخ على الحديقة التي يقع بها منزله. لم تكن العملية ضد غولن هي الأولى من نوعها فقد سبقها في يونيو الماضي، عمليات فضحتها وكالة (نوفينا) الأوكرانية للأنباء من خلال الإجراءات الأخيرة التى قام بها جهاز الاستخبارات التركى حيث نفذ عملية سرية، وقام من خلالها باختطاف شخصين فى أوكرانيا بتهمة انتمائهما لحركة الخدمة المعارضة للنظام، ورحلهما إلى تركيا، دون علم السلطات الأوكرانية. عملية الاختطاف استهدفت اثنين هما صالح زكى يغيت وشخص آخر، بتهمة انتمائه لحركة الخدمة، وصدرت فى حقه مذكرة اعتقال فى تركيا، وبحسب الوكالة الأكرانية، فإن جهاز الاستخبارات الأوكرانى ووزارة الداخلية الأوكرانية وكذلك النيابة العامة لم يكن لديهم أى معلومات حول عملية الخطف التى نفذها جهاز القمع التركى على الأراضى الأوكرانية. وبحسب صحيفة “زمان” التركية” قال موقع “سترانا” الأكثر متابعة فى أوكرانيا أن جهاز الاستخبارات التركى يستعد لشن عمليات أخرى داخل أوكرانيا، ونشر مجموعة أسماء لأتراك مقيمين فى أوكرانيا، وقال الموقع أن تركيا تخطط لاختطافهم وترحيلهم إلى أنقرة. عملية أوكرانيا لم تكن الأولى بل قام جهاز القمع الاستخباراتى فى تركيا باختطاف كثير من العناصر المعارضة، وشهدت الأشهر الأخيرة ترحيل أكثر من 80 مواطنا تركيا من أنصار حركة الخدمة المعارضة المقربة من الداعية فتح الله جولن، من 80 دولة إلى تركيا، بحسب تصريح لنائب رئيس الوزراء السابق بكر بوزداغ فى أبريل الماضى. كما نفذ جهاز المخابرات التركى عملية اختطاف وترحيل 6 أتراك من كوسوفو قبل 3 أشهر خلال عملية سرية أثارت أزمة سياسية فى بريشتينا حيث نددت وسائل الإعلام ب”عملية خطف” وأشعلت الرأى العام الدولى وأقيل على إثرها مسئولين كبار فى كوسوفو بينهم رئيس المخابرات ووزير الداخلية، وتم توقيف 3 أشخاص فى مارس فى الجابون وأعيدوا إلى تركيا فى أبريل مع عائلاتهم. سياسة الخطف والاغتيال التي اتبعها النظام التركي وأجهزة الاستخبارات التركية لكسب المعارك السياسية لصالح أردوغان، ربما تُسقط ورقة التوت عن محاولات أتباع النظام التركي وأذناب جماعة الإخوان إلصاق تهم اختفاء المواطن السعودي الإعلامي جمال خاشقجي، إلى المملكة العربية السعودية، بالطريقة نفسها التي عرفها تاريخ جماعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويدرأ الشك عن روايات بدت سينمائية إلى حد ما عن اختطاف خاشقجي، رغم أن مصلحة أنقرة لا تبتعد كثيرا عن الواقعة في محاولة لإرضاء الإخوان وقصر الدوحة للحصول على مزيد من المساعدات ربما قد توقف انهيار الليرة التركية أمام الدولار وتسد رمق المستثمرين المتعطشين إلى الهروب من السوق التركية بعد تقارير مؤكدة بأزمة طاحنة يشهدها الاقتصاد التركي مجددا على خلفية العقوبات التجارية التي فرضتها واشنطن في وقت سابق، ومزيد من العقوبات هدد بها صراحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.