شكلت 5 عوامل محور جذب في منطقة الخليج العربي، للاستثمار في مجال الطاقة، مما أنعش المنافسة بين شركات النفط العالمية منذ مطلع العام الحالي، في سعي منها للحصول على الامتيازات والعقود المتوسطة والطويلة الأمد، على مستوى الخبرات والتقنيات والمعدات اللازمة للاستكشاف والتنقيب. وحدد خبيرا نفط تحدثا ل"الوطن" أسباب توجه الشركات العالمية للاستثمار في أسواق الطاقة الخليجية ب 5 عوامل، هي الاستقرار السياسي، وانحسار الأزمة المالية العالمية، وعدم جدوى الاستثمار في كثير من الدول المنتجة للنفط في مناطق كثيرة بالعالم مقابل الثروة النفطية في دول الخليج، وحرص دول تلك الشركات على تدفق النفط ومصادر الطاقة لأسواقها من خلال الاستثمار في دول الخليج التي تمثل ضماناً وأماناً لاستثماراتها، إضافة إلى مقاطعة النفط الإيراني. وتوقع حجاج أبو خضور خبير النفط الكويتي، أن ينعكس انتعاش سوق الطاقة وضخ الاستثمارات فيه إيجاباً على صناعة الطاقة، مشيراً إلى أن من شأن ذلك المساهمة في خفض تكلفة إنتاج مصادر الطاقة من النفط والغاز، وزيادة كفاءة الإنتاج، وإعطاء استقرار أكثر للصناعة، إلى جانب إيجاد جدوى استثمارية واقتصادية كبيرة جداً، ومساندة التوجه العام بدعم الاقتصاد العالمي. من جهته قال الخبير النفطي راشد أبانمي أن عامل الاستقرار السياسي لعب دورا كبيرا في دول الخليج لجذب الاستثمارات في مجال الطاقة، إضافة إلى انحسار الأزمة المالية العالمية، وفرض عقوبات على إيران بمقاطعة إنتاجها من النفط، حيث بدأت الدول تدريجيا بخفض استيرادها من النفط الإيراني، استعدادا لمقاطعته نهائياً بحلول يوليو المقبل، الأمر الذي دعا الشركات للاستثمار في مناطق أكثر أماناً واستقرارا وهذا ما يمثله السوق الخليجي. وعن أسباب تأخر بعض الشركات في الدخول إلى سوق الطاقة الخليجي، قال أبانمي، إن الدول الغربية كانت مستمرة في الاستثمارات وبدأت تتقلص بعد أحداث 11 سبتمبر، ومن ثم أثرت حرب العراق على هذا التقلص والتي أحدثت نظرة سلبية للغرب تجاه المنطقة بداعي الخوف من الإرهاب، مضيفاً: "ما أن بدأت تتحسن الأمور السياسية وبدأت الاستثمارات تتحسن من جديد حتى أتى العامل الاقتصادي الأكثر تأثيرا وهو الأزمة المالية العالمية، حيث حجمت الأزمة من مستوى الاستثمارات، أما الآن وبعد انحسار الأزمة المالية العالمية بدأت الاقتصادات تنتعش ويتحسن وضع الاستثمارات". وذكر أبانمي أن 3 دولاً خليجية بما فيها المملكة بدأت تنظر إلى الاستثمار مع الشركات الأجنبية دون النظر إلى الربحية، حيث بدا واضحاً التركيز على توظيف الأيدي العاملة الذي يشكل عامل استقرار للدول، فبدأت الحكومات تتجه إلى التركيز على توظيف الأيدي العاملة الوطنية من خلال الشركات الأجنبية المستثمرة. وبالعودة لحجاج أبو خضور قال إن ما يشهده سوق الطاقة في منطقة الخليج من إقبال من الشركات المستثمرة، يعود إلى عدة عوامل أولها عامل الاستقرار الذي تدعمه العقلانية والموضوعية في خطاب دول الخليج الذي يعبر عن سياساتها النفطية المتزنة والتزامها بدورها المسؤول كدول منتجة للنفط تجاه الاقتصاد العالمي، والذي يتمثل في تصريحات وزير البترول السعودي علي النعيمي، حيث أكدت تلك التصريحات عدم استغلال دول الخليج للظروف الجيوسياسية لتحقيق مكاسب من شأنها الإضرار بالاقتصاد العالمي. وأضاف أبو خضور: دول الخليج لا تستغل الأوضاع السياسية والجيوسياسية لرفع الأسعار والنظر بمدى قصير جدا كدول أخرى في أوبك مثل إيران وفنزويلا، ففي حين يصدر من الوزير السعودي على سبيل المثال أنه يسعى لتخفيض أسعار النفط عن المستويات التي تتجه إليها وكبح جماحها أمر يدل على بعد النظر وتحمل المسؤولية والتفكير بعقلانية تمثل السياسة النفطية الحكيمة، باعتبار أن زيادة الأسعار لها عواقب وخيمة". وقال إن الموقف الواضح لدول الخليج ومنها السعودية يدفع شركات الطاقة بأن تركز استثماراتها وجهودها في منطقة الخليج لما يمثل ذلك استقرارا لاستثماراتها. وأضاف:"أما السبب الثاني فهو أن الاستثمار في مجال الطاقة في كثير من دول العالم المنتجة للنفط أصبح غير مجد، قياسا بدول الخليج، في حين يكمن السبب الثالث في أن الاقتصاد العالمي يعتمد الآن في انتعاشه على ضمان استمرار التدفق النفطي ومصادر الطاقة لأسواقها وبالتالي تكون هي مسؤولية على هذه الدول وشركاتها التي تحظى بسياسات الدول المستهلكة للنفط، وبالتالي تسعى لضمان استمرار مصادر الطاقة لأسواقها لأن أي انقطاع في مصادر الطاقة سيؤثر على الاقتصاد العالمي وعدم توازنه، أما السبب الرابع فهو فرض العقوبات على إيران وعدم التزام إيران بالعقود ووفائها بالالتزامات التي عليها، الأمر الذي جعل دولاً مثل الصين ثاني أكبر مستهلك بالعالم تتحول في اعتمادها على النفط إلى دول الخليج العربي بدلاً من النفط الإيراني".