اعترفت 83 دولة حضرت اجتماع أصدقاء سورية في إسطنبول أمس، بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا لكل السوريين، في حين شدد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل على "ضرورة الجمع بين السعي للتخفيف من المعاناة وتوفير الحد الأدنى من وسائل الدفاع المشروع لمن هم هدف لآلة القتل". وبينما أجمع ممثلو الدول في بيان ختامي، على أن "الفرصة أمام الرئيس بشار الأسد غير مفتوحة لتنفيذ النظام السوري النقاط الست التي أعلنها المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان، بما في ذلك العودة إلى مجلس الأمن في حال استمرار القتل"، لم ينجح اجتماع إسطنبول في تحقيق تقدم في ملفي إقامة مناطق آمنة، وكذلك تسليح "الجيش الحر" الذي أعلن رئيس "المجلس الوطني السوري" برهان غليون عن تخصيص رواتب ثابتة لعناصره. وعلى صعيد المواقف، طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مجلس الأمن بتبني قرار ملزم تحت الفصل السابع لوقف إطلاق النار فورا، فيما دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسد إلى "التنحي"، مؤكدة "أنه يخطئ إذا اعتقد أنه سيهزم المعارضة". ------------------------------------------------------------------------ إسطنبول.. اعتراف بالمجلس الوطني السوري وإخفاق في تسليح الجيش الحر الفيصل: منذ عام ونحن نحضر اجتماعا تلو الآخر ولم نخرج بنتيجة عملية إسطنبول: عمر الزبيدي لم ينجح لقاء أصدقاء سورية الذي عقد في إسطنبول أمس في تحقيق تقدم في ملفي تسليح الجيش السوري الحر وإقامة منطقة آمنة، فيما اعترف بالمجلس الوطني المعارض ممثلا وحيدا للشعب السوري. وأكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أن الأولوية في توفير أدوات لدفاع الشعب السوري عن نفسه، مشيدا بموقف تركيا من الأزمة. وقال "مر علينا عام كامل ونحن نحضر الاجتماع بعد الاجتماع، ولم نخرج من اجتماعاتنا بنتائج عملية توفر للشعب السوري الوسائل العملية للدفاع عن نفسه، مع الفيتو الذي أعطى للحكومة السورية انتهاج الحل الأمني بشكل أوسع ليصبح الشعب في معاناة من القتل والتهجير". وأوضح أن الشعب السوري كان ينتظر من لقاء إسطنبول أن يكون نقطة تحول لتوفير الحد الأدنى من وسائل الدفاع المشروعة عن النفس مما كان سيجعل من الحل الأمني أكثر كلفة للنظام الذي سيبحث حينها عن الحل السياسي ونقل السلطة. وشدد الفيصل على أهمية وجود مرجعية للمبعوث الدولي من خلال قرار لمجلس الأمن يستند إلى القرارات العربية لإيقاف أعمال العنف فورا للوصول إلى حلول توافقية تساهم في الانتقال السلمي للسلطة. من جانبه دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى تبني قرار ملزم من مجلس الأمن تحت الفصل السابع للوقف الفوري لإطلاق النار ونشر المراقبين الدوليين وتوفير الإغاثة الإنسانية، مطالبا الأسد بتنفيذ وعوده التي أطلقها للمبعوث المشترك كوفي عنان حول قبول دمشق للبنود الستة، مؤكدا على ضرورة التنفيذ الفوري والكامل لهذه البنود. وقال العربي خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر "علينا العمل على إيقاف العنف فورا وبدء انتشار المراقبين. إن عنصر الوقت له أولوية فلا يقبل أن نجتمع في تونس ثم إسطنبول ثم باريس ونصدر في الجامعة العربية ومجلس الأمن بيانات الإدانة فيما تتدهور الأوضاع لتصل إلى الحرب الأهلية". من جانبه أكد وزير الخارجية القطري الشيخ حمد آل ثاني أهمية تحديد وقت لعمل المبعوث الدولي، مؤكدا أن طول أمد الأزمة السورية ليس في مصلحة سورية ولا مصلحة دول المنطقة ولا المجتمع الدولي. وشدد على أن عمل عنان يجب أن يحدد له وقت واضح، لأنه من غير المقبول الاستمرار بعمليات القتل والقمع في وقت يتحدث فيه النظام السوري مع المبعوث المشترك للسلام. وأضاف "أساليب النظام السوري في شراء الوقت يجب ألا تنطلي على أحد". ودعا لدعم خطة عنان، وإرسال قوات عربية أممية مشتركة لسورية لحفظ السلام، وإقامة مناطق آمنة على الأراضي السورية، وتوفير كافة أشكال الدعم للشعب، والارتقاء بأساليب الضغط على النظام لحمله على الانصياع لإرادة الشعب السوري. وبدوره أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان أن الأسرة الدولية "لن يكون أمامها من خيار سوى دعم حق السوريين في الدفاع المشروع عن أنفسهم"، إن لم يتحرك مجلس الأمن لوقف العنف. وأضاف "إن فوت مجلس الأمن مرة جديدة فرصة تاريخية، فلن يكون هناك من خيار أمام الأسرة الدولية سوى دعم حق الشعب السوري في الدفاع المشروع عن نفسه"، منددا بما أسماه "إعدام جماعي" تقوم به قوات النظام في حق السوريين. وأضاف "بحسب الأممالمتحدة، أوقع القمع أكثر من تسعة آلاف قتيل"، مشيرا إلى أن عدد اللاجئين السوريين بتركيا فقط بلغ 20 ألفا. وأفاد بأن السوريين "الذين عانوا من تسلط الأسد الأب يعانون اليوم من تسلط الابن". من جانبها، حثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، حكومة الرئيس الأسد على وقف العمليات التي تستهدف المدنيين وإلا ستواجه "عواقب وخيمة". وقالت إن الأسد وعد بتنفيذ خطة عنان إلا أنه عمل على شن هجمات جديدة على مدن سورية ومنع تسليم المساعدات. وأضافت "مضى حوالى أسبوع واستنتجنا أن النظام يضيف وعودا إلى لائحة الوعود الطويلة التي يخل بها". ودعت إلى تشديد العقوبات ودعم جهود المعارضة لقيام سورية المستقبلية. كما أعلنت عن مساعدة إنسانية لسورية بقيمة 12 مليون دولار، بجانب تزويد المعارضة بمعدات اتصالات. وعقب الاجتماع، اعتبرت كلينتون أن الرئيس الأسد "يخطئ" إذا اعتقد أنه قادر على هزيمة المعارضة السورية. وأضافت في مؤتمر صحفي "إذا واصل الأسد ما يفعل في عدم وقف العنف. فلا يرجح على الإطلاق أن يوافق" على تطبيق خطة عنان والتي سبق أن أعلن الموافقة عليها. واوضحت "هناك مؤشر واضح إلى أنه يريد الانتظار ليرى إن كان تمكن من قمع المعارضة بالكامل". وتابعت "أعتقد أنه يخطئ في اعتقاد ذلك". وقالت "إن قراءتي للوضع هي أن المعارضة تزداد قوة وليس العكس"، محذرة الأسد من أنه لم يعد هناك وقت لانتحال الأعذار أو التأخير في تنفيذ خطة السلام. وكذلك، دعا أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف بن راشد الزياني المجتمع الدولي لاتخاذ تدابير حاسمة لوقف آلة القتل السورية، ومساعدة الشعب للخروج من هذا الوضع المأساوي. أما وزير الخارجية المصري محمد عمرو فدعا المعارضة السورية للاجتماع عاجلا بمقر الجامعة العربية بالقاهرة للاتفاق على رؤية موحدة، مؤكدا أن "شرعية المعارضة لن تتحقق إلا بتوحيد صفوفها". في غضون ذلك، طالب رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون المؤتمر بالاعتراف بالمجلس "ممثلا شرعيا وحيدا" للشعب، وأعلن "تخصيص رواتب ثابتة" لعناصر الجيش السوري الحر. وبين غليون أن المرحلة الحالية لم تكن بمستوى التصعيد الذي قام به النظام السوري، متهما المجتمع الدولي بتشجيع النظام على قتل الشعب. وشدد على أن المخاوف غير المبررة لتنامي الإرهاب لا تتوافق مع حقيقة الواقع، مؤكدا أن بقاء النظام الأسدي هو الإرهاب وأن التردد بدعم الشعب لا يزيد من خطورة الوضع في الداخل السوري فقط بل على مستقبل المنطقة والعالم. وأوضح أن أعمال المجلس الوطني تتمحور حول أربع نقاط هي تنظيم الجيش الحر بضمان حماية المدنيين العزل، وتخصيص رواتب لكل العناصر المقاتلة فيه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية، وتوحيد المعارضة السياسية لتكون قوة فاعلة تساهم في نجاح الثورة. ------------------------------------------------------------------------ كلمة الأمير سعود الفيصل بسم الله الرحمن الرحيم فليعذرني الإخوة أن لا أبدأ كلمتي بالتعبير عن الغبطة والسرورلأن الوضع في سورية لا يستحق منا إلا مواساة الشعب السوري ومساعدته للدفاع عن نفسه. نشارك في هذا الاجتماع الهام بشأن الوضع في سورية وذلك في أعقاب لقائنا السابق في تونس في فبراير الماضي، والذي استعرضنا فيه سوياً كأصدقاء للشعب السوري ما يتعين علينا عمله لمساعدة هذا الشعب للخروج من محنته الراهنة. ولا بد لي أن أشيد في هذا الصدد بموقف تركيا المشرف والمعبر عن صداقة حقيقية للشعب السوري بكل طوائفه وجماعاته. لقد مرعلينا عام كامل ونحن نحضر الاجتماع تلو الاجتماع ونراوح مكاننا في حين تزداد وتتفاقم الجرائم ضد الإنسانية التي يتعرض لها الشعب السوري. إن اجتماعاتنا المتتالية مع الأسف لم تخرج حتى الآن بنتائج عملية توفر للشعب السوري الحماية التي يحتاج إليها، فإذا كان استخدام الفيتو في مجلس الأمن قد أعطى النظام السوري رخصة لمواصلة حملة التقتيل والإبادة ضد شعبه، فإن مبادرة الجامعة العربية الموضحة لسبل الحل السلمي قوبلت بإصرار النظام السوري على انتهاج الحل الأمني القمعي غير عابئ بالكلفة الإنسانية والسياسية لهذا النهج. إن الشعب السوري الذي ما زال يعاني أهوال التقتيل والإبادة والتهجير حتى هذه اللحظة التي أتحدث فيها إليكم يتطلع إلى أن يكون مؤتمر إسطنبول نقطة تحول في التعاطي مع المشكلة السورية، على أساس الجمع بين السعي للتخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب السوري وتوفير الحد الأدنى من وسائل الدفاع المشروع لمن هم هدف لآلة التقتيل وأدوات القمع التي يمارسها النظام ضد كل من يعترض سبيله. عندها فقط سيصبح الحل الأمني أكثر كلفة للنظام وسيكون من الواقعي وقتها التحدث عن فرص القبول بصيغ الحوار وأسلوب الحل السياسي لهذه الأزمة، وستتوفر حينها فرص أفضل للمبعوث الدولي والعربي كوفي عنان لكي يقوم بمهمته العسيرة وفقاً للمرجعيات التي تستند إليها هذه المهمة في إطاريها الأممي والإقليمي. إن تعيين مبعوث دولي في شخص معروف عنه حكمته ودرايته لا يكفي ما لم نوفر لهذا المبعوث مرجعية قوية في شكل قرار من مجلس الأمن يعكس مسؤوليات هذا المجلس في حفظ السلم والأمن الدوليين، ويكون مستنداً إلى قرارات الجامعة العربية عبر إلزام النظام السوري بالوقف السريع والشامل لكافة أعمال العنف وإيصال المساعدات الإنسانية، وضمان حرية الحراك السلمي عندها فقط يمكننا التطلع بجدية إلى حلول توافقية تحقق وتنظم الانتقال السلمي للسلطة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.