أعاد باحث سعودي تاريخ المحمل المصري للواجهة مجددا، وقلب في صفحاته الثقافية والاقتصادية، مستعرضا أوصافه عبر عرض إلكتروني، ذاكرا أنه عبارة عن هيكل خشبي "مخروطي الشكل" يحمل فوق الجمال، ويطلق عليه مصطلح "المحمل الشريف"، حيث يشمل مرتبات الصرة، وموظفي قافلة المحمل والأهم من ذلك كسوة الكعبة الشريفة ونفقاتها. وقال الباحث عدنان عيسى العمري في ورقته "الجديدة أشهر محطات طريق المحمل السلطاني"، التي قدم لها المشرف على صالون الوادي المبارك الدكتور هاني فقيه أول من أمس "إن المحمل ليس مجرد شكل هرمي بقدر ما يمثل معنى وقيمة وفائدة في ذلك العصر حيث كان من أسباب رواج التجارة البرية بين مصر والحجاز، حيث يصاحبه بعض التجار الذين يبيعون بضائعهم في أسواق الحجاز ويشترون من أسواقه، فتكونت حينها شركات تجارية بين مصر والحجاز تنقل الحجاج وتقدم لهم المؤن والطعام طوال رحلة الذهاب مما أسهم في تعميق التقارب بين الحجاز ومصر من خلال تردد علماء مصر ومشايخ الأزهر على الحرمين الشريفين. ولفت العمري إلى أن المحمل يمثل مرحلة زمنية لها ظروفها وأسبابها، وانعكست فوائدها على السكان في تلك الحقبة "اتفقنا مع المحمل أم لم نتفق". وعدد العمري في استعراض تاريخي القرى التي كان يمر بها المحمل المصري عبر الطريق السلطاني ومن بينها طريق الصفراء وهي قرية"الواسطة" والحسنية، وأبيار بن حصاني، وأبيار الشيخ، ومستورة وغيرها. كما كشفت ورقة العمري عن عدد من الأخطاء التي وقع فيها جملة من الباحثين في تحديد موقع "الجديدة" غرب المدينةالمنورة، والتي تشمل قريتي "خيف الحزامي"، و"أم ذيان"، مشيرا إلى أن بعضهم يعتبرها اندثرت فيما ذهب أحد الباحثين إلى أنها مسمى "قبيلة" وليست "منطقة". وعد العمري الجديدة واحدة من المحطات الشهيرة فيما كان يعرف قديما ب"الطريق السلطاني" والتي وقعت فيها أشهر المعارك بين الإمام عبدالله بن سعود وطوسون باشا عام 1226، وتتميز بموقعها الجغرافي وبوفرة المياه، وأنها تقع في مضيق بين الجبال، فيما تشتهر بواحات النخيل والمياه لذلك كانت القوافل بحسب -عدد من المصادر التاريخية التي أوردها العمري - تقف فيها للاستراحة. وقال العمري إن أشهر من ذكر منطقة الجديدة هو عبدالقادر الجزيري، وذلك في بداية القرن العاشر، حيث تذكر المصادر أنه حج ممتطيا تلك الطريق لمدة 30 عاما، ووصف في مدونته الثقافية تلك القرية بأنها "صغيرة بين جبال وعشش وحدائق ونخيل، يطيب عندها النزول والرحيل"، ومضى الجزيري بالوصف "تلك القرية جبالها شامخة عالية ونخلها وأرطابها متدانية والعين التي يستسقى منه الحاج تسمى أم زيان". وقال العمري: إن الصواب هو "أم ذيان". كما ذهب الجزيري إلى أن في منطقة الجديدة عين ثانية هي أحلى من الأولى تسمى "الحزامى". وفي المداخلات من الحضور، أشار الباحث عبدالله مصطفى الشنقيطي إلى وجود طريق أخرى هي طريق الأنبياء، التي تمر عبر حزمة من القرى من بينها منطقة الروحاء، فيما تساءلت مداخلة المحامي سعود الحجيلي عن عدم ذكر الباحث لقرية"المسيجيد"، وعدم ذكر سلبيات تلك المرحلة ، فجاء رد العمري بأنه وثق لتلك القرية تحت عنوان "المنصرف"، وهي واحدة من القرى التي تذكر المصادر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بها.