ما يزال الصراع قائماً في أذهان كثير من الأزواج حول تسليم المرأة دفة تسيير الأمور الاقتصادية في المنزل، حيث تظل العادات القبلية والعرف حاجزا منيعا يقف أمام إعطاء المرأة تلك الصلاحية بدوافع الخجل، وربما يعتبره بعضهم تنازلا عن بعض سلطاته كرجل. و يرى الزوج خالد الثقفي أن العادات القبلية والعرف يعطي الرجل الحق في تسيير أمور الأسرة اقتصاديا حتى وإن كانت المرأة تعمل وتتقاضى راتبا شهريا، كون الرجل لديه القدرة على التخطيط المستقبلي، بينما المرأة تستثيرها المواقف والحياة من حولها، إلى جانب تأثرها بالموضة سريعا أكثر من الرجل وهذا الأمر يجعل الإنفاق أكثر لدى المرأة وبالتالي يظل الرجل أكثر قدرة على تقنين المصاريف المالية في المنزل وإعطاء كل شيء حقه. بينما ترى الزوجة خديجة ناصر أن العصر القديم اختلف ولدينا الكثير من الزوجات المتعلمات في العصر الحاضر ويحملن شهادات عليا وأثبتن في مواقف عدة قدرتهن على تحمل أعباء إعالة أسرة بكاملها في حالة فقدان الزوج، وهذا مؤشر يؤكد أن المرأة لديها القدرة، ولكن تحتاج إلى الفرص الكاملة دون أن تسلب منها الثقة، كما أن الزوجة تأخذ بالمشورة داخل المنزل لتحقيق التوازن الاقتصادي لكافة أفراد الأسرة إلى جانب مشاركة الزوج الرأي والقرار، بينما يجهل ويغفل كثير من الأزواج ذلك الأمر، مما يجعل الأمر أكثر مغامرة ومخاطرة باقتصاد الأسرة. ويرى الزوج ماجد الوقداني أن النظرة التقليدية تحد من الاستفادة من الكثير من الأمور ذات الجدوى، و يرى بعضهم أن لدى زوجته القدرة على تسيير الكثير من الأمور الاقتصادية داخل المنزل ولديها الكثير من مقومات النجاح في هذه المهمة ولكن تظل العادات القديمة التي تمنع المرأة من حق تسيير شؤون المنزل سواء المالية أو غيرها عقبة أمام الاستفادة من قدراتها في هذا الشأن، حيث توارث بعضهم هذه الفكرة ومازال يطبقها حتى وإن آمن بعدم جدواها. وتقول الزوجة فاطمة الشريف إن منح الزوجة التصرف الاقتصادي مجدٍ بعد أن يتفق الزوجان على أهداف مقننة وسبل تحقيقها، حيث إن الزوجة لديها القدرة على إيجاد التوازن بين المتطلبات والمتغيرات، خاصة أنها ستقدر تلك الأهداف والتطلعات إلى المستقبل وسيجعل ذلك المرأة أكثر ادخارا من الزوجة التي لم تتسلم الإدارة الاقتصادية، وسيجعلها تتنازل عن الكثير من المتطلبات كما أنها ستخلق جوا أسريا جيدا، حيث لديها القدرة على تعويض النقص وعدم تلبية الطلبات التكميلية لأفراد الأسرة بالعامل العاطفي، كما أنها تتسم بشفافية أكثر مع كافة أفراد الأسرة في الأمور الاقتصادية التي تساعدها في خلق التوازن بين حجم الطلبات وحجم الإنفاق. وعلى الجانب الآخر يقول صالح الغامدي إن بعض الزوجات يسعين إلى نسف القدرة الاقتصادية التي يتمتع بها الزوج، خشية أن يتوفر لديه المال ويصبح قادرا على الزواج من أخرى فكيف نمنحهن الثقة وهن يحملن تلك الأفكار الوهمية التي تضر بحجم الادخار الأسري. بينما يرى الزوج عايض الحارثي أن المرأة بطبيعتها تحكم العاطفة أكثر من العقل بعكس الرجل حيث الجوانب الاقتصادية تحتاج إلى تحكيم العقل أولا ومن ثم العاطفة في تلبية رغبات أفراد الأسرة وكشفت الحياة عن مواقف ضعف المرأة أمام طلبات الأبناء حتى وإن كانت تلك الطلبات ليست من الضروريات بل من الكماليات وهذه الأمور قد تؤثر في الحفاظ على معدل الاقتصاد لدى الأسرة وتزيد في حجم الاستهلاك. ويرى عبدالله الفعرأن إعطاء المرأة حق التصرف المالي إجحاف بحق الرجل وانتقاص، وقد تمتد إلى تسلط المرأة على قرارات كثيرة في المنزل كون المال يعد عاملا كبيرا في تسيير شؤون الأسرة وهذا سيحدث خللا في تركيبة الأسرة والقوامة التي هي خاصة بالرجل. وعن أيهما أقدر على إدارة الشؤون المالية للأسرة الرجل أم المرأة، يقول أستاذ طب الأسرة والمجتمع بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عدنان البار: هذا الأمر يتفاوت فيه الناس بعيدا عن الجنس كونه ذكرا أو أنثى، فهناك رجال لديهم القدرة على ضبط وإدارة الأمر المالي في البيت وآخرون يعانون من القصور في هذا الجانب، كما هو لدى الزوجات فالبعض منهن يجدن فن الصرف ومنهن من تجيد فن التدبير، والتجارب أثبتت حقيقة ذلك الاختلاف بين البشر. وتحتاج الأسرة إلى أن تتدارس ذلك الأمر فيما بينها، فقد تجد بعض الأسر أن الزوجة أكثر قدرة على ضبط الأمور المالية والتدبير وعلى تحديد الأولويات والاحتياجات والمسألة ليس لها علاقة بالرجل أو المرأة، فقد يكون أحدهم أقدر من الآخر على ذلك، وربما يكون الرجال أقدر في الناحية العاطفية. ومنح المرأة التصرف في الأمور المالية لدينا فيه إشكالية كبيرة ونتصور دائما أن هناك معركة بين الرجل والمرأة، بينما هي علاقة تكاملية ولكل واحد من هؤلاء قدراته النفسية والذاتية. والأسرة الجيدة هي التي تستفيد من تكامل قدرات الأب والأم والأبناء سواء في الجانب المالي أو التعليم وغيرها، على أن تتفق الزوجة والزوج على من يتولى الأمور الاقتصادية، وهنالك الكثير من الأسر التي تنجح نجاحا كبيراً لإدراكها لقدرات كل طرف والاستفادة منها، وبالتالي تتكامل الجهود وتسعد الأسرة. وبشكل عام لابد أن يكون للتخطيط أهمية في حياة أي أسرة، وأن يتناقش الأب والأم والأبناء في تحديد الأهداف للأسرة ووضع آليات لتحقيق تلك الأهداف.