"أبو محمد" رجل في السبعين من عمره ولديه 7 بنات أوضح ل" الوطن " أنه يحرص على تزويج بناته لرجال صالحين، معروفين بالأخلاق الطيبة والذكر الحسن، بغية سترهن، في زمن انتشرت فيه المعاصي وملاهي الحياة، وقل الرجال الطيبون أصحاب الخير والمعروف والإحسان. وأضاف أن المهر بات اليوم عقبة كبيرة أمام المتقدم للزواج، خاصة مع ازدياد متطلبات الحياة اليومية، وغلاء المعيشة، ما يجعل ولي الأمر يخفف على زوج ابنته مطالب الزواج، مشيرا إلى أنه زوج اثنتين من بناته بمهر قدره ريال واحد وأنهما تعيشان حياة كريمة مع زوجيهما. وهكذا يلجأ بعض أولياء الأمور لعبارات خاصة، ومفردات معينة منتشرة لدى الوسط الاجتماعي عند تزويج بناتهم من أجل تيسير الزواج، وعدم التكلفة على الزوج في المهر والتجهيز لحفل الزفاف، فمن الآباء من يقتنع بالمثل القائل "مهر بناتنا ريال وشيمة رجال " وعادة ما يرد بهذه العبارة على سؤال المتقدم لخطبة ابنته عن مبلغ المهر المطلوب. وهناك من يرفض التحدث عن المهر، ويرى في تزويج ابنته أولوية كبيرة، ويحاول قدر المستطاع إزالة كل العوائق في سبيل الزواج، خاصة مع عزوف الشباب عن الزواج في ظل التكاليف الباهظة، التي تفوق إمكاناتهم وهم مازالوا في مقتبل العمر، ما يجعل أولياء الأمور يتعاونون مع المتقدمين لخطبة بناتهم بالتخفيف عليهم في المطالب. ولكن هذا الموقف النبيل من قبل أهل الزوجة يقابل أحيانا بموقف سلبي من قبل الزوج، هذا ما تؤكده قصة مروة عبدالرحمن ( 24 عاما) التي تقول إن والدها رفض طلب مهر من الرجل المتقدم لخطبتها، بعد أن لمس فيه صفات حسنة وأخلاقاً عالية تغني عن المال، وقال له : نحن نشتري الرجل الصالح، ولا نريد منك سوى الستر على ابنتنا، وهي عطية لك حافظ عليها. وتضيف مروة "بعد عقد القران ذهبت مع زوجي للعيش في بيت أسرته، ولم أشعر بفرحة الزواج واستقلالية الزوجين، وكان زوجي يعاملني بدونية أمام أهله، وهو أمر طبيعي فأهلي لم يشعروه بقيمتي، وكأنهم كانوا يريدون التخلص مني لأول رجل يطرق الباب للزواج بي". وأوضحت عضو جمعية حقوق الإنسان الدكتورة سهيلة حماد زين العابدين أن "التقليل من شأن الفتاة عبر تزويجها دون مهر، وتداول عبارات موروثة من أجل تزويج الفتاة بأي طريقة يساهم بدور كبير في زعزعة ثقة الفتاة بنفسها، ويشعرها بأنها رخيصة أمام أهلها، ويؤثر سلبا على حالتها النفسية، خاصة وأنها مقبلة على حياة جديدة". وأضافت أن على ولي الأمر أن يعلي من قدر ابنته عند من يطلبها للزواج، ويوصيه عليها، ويكفل حقها في المهر، مشيرة إلى أن هناك نوعية من الرجال يمارسون العنف ضد المرأة، وينظرون إليها نظرة دونية، نتيجة موروث ثقافي خاطئ تداولته الأجيال، وقد ساعد ذلك على انتشار العنف ضد المرأة بمختلف أنواعه وتعدد صوره.