على خلفية نجاح الشابة عبير حسن )من فتيات المدينةالمنورة( في توجيه مؤسستها باتجاه تزويج الشابات والشبان في المدينةالمنورة بنظام التقسيط المريح («عكاظ» 5/10/1432ه)، استطلعت «عكاظ الشباب» آراء الشابات والشبان، وأولياء الأمور والأمهات في هذه الطريقة للزواج، حيث أجمعت عدد من الأمهات والشابات على رفض الفكرة، مطالبات بعدم تعميمها، ورأين أن في هذا الاتجاه إهانة لهن، وأن المسار يصبح شبيها ب«الإيجار المنتهي بالتمليك» في الشكل العام. وفي ذات الوقت، أصرت عبير حسن )صاحبة الفكرة( على نجاح مشروعها، وأنه لقي إقبالا من قبل الشابات والشبان، وقالت إن الفكرة مضى عليها حتى الآن 10 أشهر وأنها أسهمت بطريقة الزواج بالتقسيط في تزويج 13 شابا، مشيرة إلى أنها تخرجت من جامعة طيبة ولم تجد عملا فاتجهت لافتتاح مؤسسة لتزويج الشباب بالتقسيط المريح، فيما اختلفت آراء المتخصصين بين مؤيد ورافض ومحذر من هذا النوع من الزواج. لا أقبله لابنتي «منذ 20 عاما مررت بنفس الموقف حينما تقدم لخطبتي زوجي السابق، فطلب منه أبي مهرا مقداره 60 ألف ريال، بما فيه كافة متطلبات الزواج، لكنه دفع لوالدي 40 ألفا ومقدما، وبعد ستة أشهر أكمل 12 ألفا، ثم أخذ يماطل في باقي المهر، إلى أن كتب عليه والدي ورقة بإكمال المهر قبل الزواج، وكان الشرط أنه إذا لم يكمله قبيل عقد الزواج فإن ذلك يعني فسخ العقد، ولا يعاد له المبلغ السابق، وجاء يوم الزفاف ولم يحضر المبلغ المتبقي (ثمانية آلاف ريال)، فذكره أبي بما تم الاتفاق عليه، ومرر أبي زفافي أمام الناس ولكنه أعادني إلى بيته على أن أبقى لدى أهلي حتى إكمال المبلغ. وبالنسبة لي، لن أسمح أن تمر ابنتي بنفس الظروف مهما كان الأمر، فأسعار مستلزمات الأعراس والأثاث في زيادة مستمرة، وأنا أريد أن أفرح بها وأريد لها أن تعيش حياة هانئة مع زوجها دون ديون أو أقساط تعكر صفو حياتهم». هاجر مساعد أم عروس يذهب بسهولة «مررت بنفس الموقف منذ سنوات طويلة مع الزوج الأول حينما تقدم لخطبتي رجل يبدو عليه التدين، فانخدع أبي بمظهره ووافق على تزويجي به، وطلب منه 40 ألفا كمهر، وعقد والدي قراني عليه قبل أن يدفع ريالا واحدا من المهر، وتحمل والدي تكاليف العقد، وبعد العقد بثلاثة أشهر دفع 20 ألف ريال، وأخذ يماطل في الباقي، ولأنني أحببته وأحبني بعد أن تواصلنا عبر الهاتف فترة طويلة، تمسكت به وحاول أن يتزوجني بالعشرين ألفا فقط، لكن أبي رفض وبشدة، وبعد شهرين آخرين أكمل المبلغ وتزوجنا، لكنني للأسف صدمت فيه بعد الزواج لأنني اكتشفت أنه كان يضع الدين ساترا، وطلقت منه بعد أن أنجبت منه عددا من الأبناء، لذا لن أسمح لأي واحد من أبنائي وبناتي بالزواج بهذه الطريقة مهما كانت ظروف ابني أو من سيتقدم للزواج من ابنتي، لأن ما أخذ بسهولة يذهب بسهولة أيضا». فاطمة سعود أم مشاعر بالتقسيط «من المستحيل أن أفكر ولو مجرد تفكير بقبول تزويج ابنتي بهذا الأسلوب، هذا يعني أنني أرخص من قدرها، لأن الشاب إذا كان غير قادر على الزواج فلا داع أن يتزوج إلى أن تتحسن ظروفه. من جهتي لن أضيق على من يتقدم لابنتي بطلبات الزواج، لكنني في ذات الوقت لن أقبل أن يتزوجها بالأقساط وذلك بأن يقسط المهر، لأنني لن أقبل بالإهانة لابنتي أو لابنة الناس التي سيتزوجها ابني، لأن هذا الأسلوب من الزواج يجعل الزوجين في مشاكل مستمرة جراء الديون والأقساط، حيث ستقف التزامات التقسيط حائلا أمام سعادتهم، ذلك بالإضافة إلى أن مشاعرهم تجاه بعضهما ستكون أيضا بالتقسيط إلى أن يسدد جميع ما عليه من التزامات مادية، والله وحده يعلم إذا ما سيبقى في المشاعر رصيد إلى أن يتم التسديد». نورة محمد أم فيصل اتكالي حتى الصميم «لن أقبل شابا يقبل أن يزوجه المجتمع حتى وهو عاطل بالتقسيط زوجا لي، لأن ذلك يعني أنه شاب اتكالي يعتمد على الغير في شؤونه، وذلك مدعاة إلى أنه مستقبلا سيقبل أيضا أن ينفق عليه الآخرون حتى لو كانت زوجته، وسأجد نفسي في وقت ما مسؤولة عن الإنفاق على بيت الزوجية ويبقى هو لتربية الأبناء وسيكون اتكاليا حتى الصميم، لدرجة أن كل شيء في حياتنا سيكون بالتقسيط حتى المشاعر بيننا إلى أن يكمل دفع بقية الأقساط، ومن هانت عليه نفسه تهون عليه مشاعر زوجته وأبنائه». نجود فهد شابة أجبرتني الظروف «للأسف، قبلت بهذه الطريقة من الزواج مضطرا، حيث قاربت ال30 عاما وراتبي لا يزيد على أربعة آلاف ريال، ومن سأتزوجها مطلقة وقبل أهلها تزويجي بها بالتقسيط وبمهر 30 ألف ريال، استدنت ودفعت جزءا منه عند عقد القران، والباقي سأدفعه أقساطا، وبالنسبة للذهب، فكانوا متفهمين لوضعي ولم يطلبوا الكثير، علما بأن من أصدقائي من أهداني هدايا قيمة قدمتها للعروس وكأنها مني، وفيما يختص بالأثاث سيكون بالتقسيط أيضا، خصوصا أنني سأسكن مع أسرتي ولن يكون علي سوى غرفة النوم والثلاجة فقط، تكاليف الزواج كثيرة ولذلك أقدمت على الزواج بهذه الطريقة نسبة إلى وضعي المادي، وإذا بقيت أنتظر تحسن الأحوال المادية فسينقضي العمر دون أن أتزوج، ومع ذلك لن أقبل بأن يتزوج أبنائي أو بناتي في المستقبل بهذه الطريقة». تركي فهد شاب مقبل على الزواج إهانة للفتاة «أنا أسميها إهانة، وإذا كان الرجل يستطيع الزواج فلماذا يلجأ إلي التقسيط؟، والمفارقة أن الشاب إذا فكر في السفر مثلا فإنه سيلجأ للقروض ليسافر وفي يده مبالغ (كاش) ليرتاح و«ينبسط»، لكن عندما يكون الأمر في شأن الزواج، فإنه سيتذكر حينها معاناته من الظروف المالية، ويدعي أن المجتمع ظلمه، ويبدأ التحدث عن دفع المهر بالأقساط. شخصيا مر بي موقف استغربته من صديقة لي، عندما تقدمت لخطبتي لشقيق زوجها عارضة علي شروطه وكأنني تخطيت عمر الزواج بسنوات طويلة، إذ عرض 20 ألفا مهرا دون حفل زفاف أو ذهب، وقالت لي بالحرف الواحد «احمدي ربك فهو رجل كفؤ وأخلاقه رائعة والرجل ذو الأخلاق العالية أصبح عملة نادرة هذه الأيام وستعيشين مع والدته!»، ونحن نعرف مدى عصبية أمه وسوء معاملتها، والأغرب أنها ظلت لأشهر تقنعني بذلك لأنه يريد سمراء وبمواصفاتي، ونسيت أنني أعيش في بيت أهلي مكرمة ومعززة وأتقاضى راتبا من وظيفتي ولا أبخل على نفسي بشيء، ومن المستحيل أن أعيش مع أهل زوجي وأتزوج بهذه الطريقة المهينة التي قبلتها على نفسها من خطبتني لشقيق زوجها وهي الآن تعيش للأسف على صدقات الناس ومعونة أهله وأهلها». أسماء سعد شابة غير منطقي «ما يمر به العالم من أزمة عالمية اقتصادية جعلنا نتجه إلى اللجوء لمثل هذا التفكير غير المنطقي، فكيف سأقسط المهر وقاعة الزواج والأثاث؟، كيف أقبل ذلك على نفسي أو على (بنت الناس) التي سأتقدم لها؟، وبطبيعة الحال لن أقبل هذا الأسلوب من الزواج على أختي أو أبنائي وأعتبرها أهانة لي ولغيري، ولذلك لن ألجأ إلى هذه الطريقة في الزواج أبدا، فقط أتمنى من أولياء أمور الفتيات وأمهاتهن أن يطلبوا مطالب منطقية تكون في متناول الجميع، وأن يطبق الاعتدال في هذا الاتجاه، لا أن ينادي أحد بالتيسير على الشباب والفتيات في الزواج بينما يكون هو نفسه زوج ابنته بتكاليف باهظة وبمظاهر باذخة، بل يكون قد دفع لهم مهورا بمبالغ عالية، لأنني ألاحظ أن بعض القبائل تنادي بالتقيل في المهور، وأنا أعرف أن عددا من رؤساء هذه القبائل زوجوا بناتهم في احتفاليات ضخمة وصرفوا على ذلك مئات الآلاف من الريالات بخلاف المهر العالي. ولذلك، فالتقسيط لن يجدي ولا تطبيق تيسير المهور على البعض وترك الآخرين يجدي أيضا». محمد بن حسن شاب إنقاذ ماء الوجه «للأسف التقسيط عرفناه نحن أهالي المنطقة الجنوبية بسبب المهور المبالغ فيها والتي تصل إلى أكثر من مائة ألف ريال، لذا نلجأ إلى تقسيط المهر وهو فكرة ليست جديدة، بل معمول بها منذ سنوات، فإذا تقدم الشاب منا إلى فتاة لخطبتها فإنه سيطالب بمهر عال بطبيعة الحال، وهو أول صدمة يتلقاها الشاب المقبل على الزواج بخلاف المطالب الأخرى من هدايا لوالد العروس ووالدتها وأحيانا أعمامها وأقاربها، وإذا وفقني الله وتمكنت من جمع ودفع الجزء الأكبر من المهر الذي غالبا ما سيكون عن طريق قروض، سواء كانت بفوائد أو لا، إذ يعمد ولي العروس إلى كتابة ورقة علي مفادها أنني إذا لم أدفع بقية المهر قبل الزفاف، فسيتم زف الفتاة أمام الناس فقط، وعند وصولها إلى غرفة النوم وبدلا من أن تكمل طريقها إلى داخلها، فإنها تعود أدراجها مع وليها إلى منزله، وبعد ذلك إما أن أكمل المهر أو يتم تطليقها دون استعادة أي مبلغ تم دفعه سابقا، ولهذه الأسباب نلجأ إلى أسلوب الاستدانة أو التقسيط بعد الزواج لإنقاذ ماء وجهي وغيري من الشباب الراغبين في الزواج أمام الناس جراء أفكار غريبة لايمكننا القضاء عليها أبدا». أحمد عسيري شاب نصف تقسيط «للأسف قبلت تزويج ابنتي بالتقسيط لظرف يصعب توضيحه هنا، إذ قبلت إتمام الخطبة فقط وطلبت مهرا مقداره 20 ألفا، إلى جانب الذهب على أن يكون الزواج مقتصرا على الأسرتين، وحاول أهل الزوج إقناعي بعقد القران ومن ثم إكمال المهر بعد ذلك، لكنني رفضت وبينت لهم وجهة نظري بأن ابنتي ماتزال صغيرة وأخشى أن يؤثر عليها بمعسول الكلام وتذهب معه دون زفاف ولا يمكنني حينها الرفض لأنه سيكون زوجها على سنة الله ورسوله، حينها اقتنعوا بوجهة نظري ووافقوا على ذلك، ووجد وظيفة راتبها لايتجاوز ثلاثة آلاف ريال، لكنني لن أتهور وأتمم عقده على ابنتي قبل أن يكمل بقية متطلبات الزواج، والله وحده يعلم ماذا سيحدث جراء زواج التقسيط هذا والذي وافقت عليه على مضض». خالد مشهور والد عروس د.المطيري: تكافل إسلامي يرى الدكتور غازي المطيري، أستاذ كرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة، أن «مثل هذا المشروع هو من التكافل الإسلامي وجائز شرعا ويساعد المتزوجين على عيش حياة كريمة ويعفهم، خصوصا إذا ماتم تطبيق أحكام الإجارة والسلم عليه شرط أن يخضع للضوابط الشرعية»، حاثا الشباب على استكمال نصف دينهم بالطريق التي يرونها مناسبة، وتمنى أن يبادر المجتمع بكافة أطيافه إلى مساعدتهم «لأن في ذلك أجرا عظيما». مقلم: حيطة واحتراز عبر أحمد مقلم مدير عام باب رزق جميل في المنطقة الشمالية، عن تأييده لهذا المشروع الخدمي، مؤكدا «أنه مشروع يخدم ويساعد الشباب على الزواج»، محذرا عبير حسن صاحبة فكرة مشروع الزواج بالتقسيط انطلاقا من خبرته في مجالات التقسيط للشباب من غير الملتزمين، لأن في ذلك خلخلة للمشروع، وأنبهها لاعتماد الحيطة والحذر والاحتراز من الأخطاء»، مؤكدا «هو من المشاريع المجتمعية الجميلة التي تسهم في خدمة شباب المجتمع وتساعدهم على حياة زوجية جميلة شرط الالتزام بالتسديد أولا بأول». د. ثاني: محكوم بالفشل ألمح الدكتور حسن ثاني، وهو متخصص في علم النفس التربوي في جامعة طيبة، إلى أن أي زواج يعتمد على الدين «محكوم عليه بالفشل، والمجتمع يشجع الشباب على الاعتماد على أنفسهم في توفير كلفة الزواج لا الاتجاه إلى التقسيط في كل شيء، وبالتالي تزيد المعاناة»، وأضاف موضحا «الشرع الإسلامي يقول بالنسبة للزواج (أولم ولو بشاة)، فلماذا هذا الإسراف أو مسايرة التقاليد غير الصحيحة والمؤدية إلى المشكلات والمعاناة، وأرى أن الاعتماد على الزواج بالتقسيط يعقد الموضوع ولايصل إلى زواج مستقر، لأن تكاليف الحياة الأخرى صعبة والزواج بهذه الطريقة يضيف إليها معاناة أخرى». مشيرا إلى أن مثل هذه المشاريع تجعل الشباب والمقبلين على الزواج يعتمدون على غيرهم «وبالتالي تزداد معاناتهم، وخلص قائلا» من ليست لديه إمكانات للزواج، فمن الأفضل أن لايتزوج بدلا من تأسيس حياته الزوجية على الدين الذي يمكن أن يدخله في متاهات تبعد به عن ما أراد من استقرار وحياة سعيدة».