الدمام – فاطمة آل دبيس وصل عمرهما ثلاثين عاماً ووالدهما يرفض تزويجهما من المتقدمين لخطبتهما. والدهما ذكر في رسالة نصيّة: لو جاءت الملائكة تخطبكما ما زوّجتكما. مريم: أُصبت بجروح دامية جراء اعتداء والدي المتكرر. تقدَّم لي رجل ذو علم وخلق بشهادة أئمة المساجد ووالدي رفض استقبال الخاطب. جمعية مودة: نعمل على تثقيف الفتيات المتعرضات للعضل من الناحية القانونية. العجيان: قضايا العضل يرافقها اكتئاب وتدمير للحالة النفسية قبل بدئها وأثناء نظرها وبعد الحكم فيها. المشيخص: لابد من تكوين لجان اجتماعية للنظر في قضايا العضل دون إحالة الأمر إلى المحكمة. تحملت مواطنتان ظلماً مركّباً بعد أن تقدمتا بدعوى عضل ضد والدهما الذي يمتنع عن مقابلة أي متقدم لخطبتهما، دون النظر في أخلاقه ودينه، وذلك بعد تعسف قاضي المحكمة العامة في المخواة (جنوب المملكة)، في النظر في قضية عضل رفعتها الفتاتان اللتان أوضحتا فيها معاناتهما مع والدهما الذي يرفض تزويجهما من جميع المتقدمين لخطبتهما، ورفضه أي اتصال أو اللقاء مع المتقدمين ليعرف إذا ما كان المتقدم كفئاً وصالحاً ديناً وعلماً أم لا، إلى أن وصل عمر كلتاهما ثلاثين عاماً، حيث أقر القاضي بعد مضي عامين من النظر في القضية بصرف النظر عنها لعدم الاتصال بين الخاطب والولي إلا بعد رفع الدعوى. عناء السفر ووصفت والدة الفتاتين منى محمد (أم محمد) فترة النظر في القضية بالفترة العصيبة التي رافقتها وبنتيها على أمل أن تحل مشكلة الفتاتين لتراهما مكونتين أسرتين، وهو حلم كل والدة على حد قولها، وقالت أم محمد «تكبّدت المشقة وعناء السفر من وسط المملكة لجنوبها لمدة عامين رغم ضعف المادة لديّ كوني تحملت تكاليف سفري أنا وفتاتيّ، رغم أنه ليس لي من المال إلا ما يقدم من معونة عن طريق الضمان الاجتماعي»، وكان السفر بهدف الحضور للمحكمة بعد أن رفعت الفتاتان قضية عضل ضد والدهما الذي يمتنع عن تزويجهما، ويرفض المتقدمين لخطبتهما دون استشارتهما في الخطبة ودون أن يذكر أي سبب للرفض، ولتصريحه أكثر من مرة بعزمه على عضلهما، عن طريق إرساله رسالة جوال يذكر فيها «لو جاءت الملائكة تخطبكما ما زوّجتكما». التهديد والعنف وقالت الفتاة المتعرضة للعضل مريم راشد إن والدها بعد انتقالهما لسكن مع والدتهما، تعسف في استخدام حقه في ولاية التزويج، على الرغم من أنها عندما كانت معه أصيبت بجروح دامية جراء اعتداء والدها عليها بالضرب المتكرر، الأمر الذي أدى إلى تقدمها بشكوى ضد والدها في البحث الجنائي في شرطة الخرج، وتثبيت العنف بالتقارير الطبية، ثم أحيلت القضية لمكتب الحماية الاجتماعية الذي ناقش والدها في مسألتي العضل والإيذاء، وأخذ عليه التعهد بعدم الإضرار ببنتيه، لكن هذه الواقعة زادت من إصرار والدها في التعسف في استخدام حقه. استخدام الوساطة وذكرت الفتاة مريم راشد أن عمرها اقترب من سن الثلاثين وتقدم لها رجل ذو علم وخلق بشهادة أئمة المساجد التي يرتادها، وبشهادة الأوراق والوثائق الرسمية المرفقة، وقد حاولت الفتاة قبل رفع الدعوى التحدث معه حول الموضوع بجعل شقيقها الأكبر واسطة بينهما، لكن والدها رفض أي حوار في موضوع زواجها ورفض استقبال الخاطب، وهو الأمر الذي فعله سابقاً مع أختها، حيث لم يسمع للخاطب ورفض استقبال أهله دون أسباب، فهو يرفض المبدأ. منع دون مبررات وأوضحت الفتاة أنها منذ سن العشرين تقدم لها عدد من الخطّاب، الأمر الذي اضطرهما لرفع قضية عضل ضد والدهما الذي يقيم في محافظة المخواة، وبلغ عمر القضية عامين والقاضي لم يفصل فيها دون مبررات، وتستغرب الفتاة بقاء القضية في المحكمة دون حكم، رغم أنها من القضايا المستعجلة. مطالبة بالحكم وطالب مصدر قضائي في وزارة العدل النساء المتعرضات للعضل والآتي طالت مدة النظر في قضاياهن أمام المحاكم أو حضرن عدداً من الجلسات دون جدوى، بالمطالبة بإصدار الحكم من القاضي مهما يكن سواء صدر لصالح الفتاة أو عليها، لكي لا تطول المدة أكثر دون جدوى، وفي حال صدور الحكم ضدها تعترض على الحكم في مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً من صدوره ليُرفع إلى محكمة الاستئناف. 349 قضية عضل وذكر ذات المصدر أن قضايا العضل خلال شهري محرم وصفر من العام الجاري بلغت 47 قضية، ونظرت محاكم المملكة خلال العام الماضي 349 قضية، موضحاً أن هذه القضايا يكون لها طابع خاص، حيث لا يتم استدعاء الأب بالطرق الرسمية، وإنما عن طريق اتصال مباشر من القاضي إلى الولي يطلب منه الحضور ويناصح ويفاد بمعنى حق الولاية في التزويج وكيفية استخدامه وعدم جواز التعسف فيه، حيث إن هذا الحق أعطي له من باب الحرص على مصلحة الفتاة وليس ذلها فيه، ويُذكَّر بالأمور الشرعية، وفي حال عدم وجود جدوى للمناصحة وعدم استجابته وعدم تقديم إثبات على عدم صلاح الخاطب، للقاضي سحب ولايته في التزويج، أما عدا التزويج فلا ولاية للمرأة البالغة العاقلة، حيث إن لها ذمة مستقلة شأنها شأن الرجل في باقي أمورها. فوبيا الزواج وأوضحت نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان نورة العجلان، أن غالب القضايا التي ترد إلى الجمعية يتضح فيها أن سبب العضل هو خوف الولي مما بعد الزواج، حيث إن كثرة قضايا الطلاق والعنف سببت فوبيا الزواج لدى الأسر، مما قاد إلى عضل فتياتهم، وبدورها تعمل كل من جمعية حقوق الإنسان ومودة ولجان إصلاح ذات البين على التحاور مع هذه الأسر لرفع المضرة عن الفتيات، وفي حال عدم الجدوى تتجه الفتاة إلى المحكمة. تضرّر الفتاة وبيّن قاضي دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف محمد الجيراني، أن قضايا العضل تنظر في المحاكم العامة بعد تضرر الفتاة من تعسف وليها في تزويجها ومنعها من التزوج بالكفء وهو الإنسان الصالح ديناً وعلماً بشهادة المجتمع، ويُفترض في حال انعدام الجدوى من المناصحة واتضاح تعسف الأب أن يقوم القاضي بنزع الولاية مباشرة ولا يتعدى النظر في الجلسة أكثر من شهر، إلا إذا كان للأب ما يثبت عدم صلاح الولد، وخوفه على ابنته. أسباب اقتصادية وذكر الجيراني بعض أسباب تعسف الولي في تزويج من تحت ولايته، وهي أغلبها أسباب اقتصادية، أو إظهاراً للعصبية والتحدي، إضافة لاستخدام حقة في الولاية بالنيل من الخلافات الشخصية كما لو كان بينه وبين بناته أو والدة بناته خلاف سابق. محرم شرعاً عبدالعزيز الزامل وأوضح المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز الزامل معنى العضل، وهو منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه، وهو محرم شرعاً ومجرم نظاماً، وهو منتشر عند كثير من الأسر، ويرجع ذلك لعدة أسباب؛ أهمها الأعراف القبلية أو الانتقام من الأم إذا كانت مطلقة، أو طمع في رواتب البنت إذا كانت موظفة، أو البحث عن المغالاة في المهر بقصد الاستيلاء عليه، أو غير ذلك من الأسباب، حيث ينتج عن ذلك غالباً أن حياء المروءة هو ما يمنعها من أن تتقدم بدعوى العضل، وقد حدد نظام المرافعات الشرعية اختصاص المحاكم العامة بنظرها، حيث إن القاضي يستدعي الأب لمعرفة أسباب العضل وهل هي وجيهة ومقنعة أم لا، وإذا اتضح خلاف ذلك تنتقل الولاية للحاكم، وذلك للنظر في حال المتقدم بطلب الزواج، هل لديه استطاعة على دفع المهر، وكذلك مسألة العدالة والصلاح، وبعدها يقوم بتزويجها، حيث يحرص كثير من القضاة على إنهاء تلك القضايا بشكل ودي منعاً لقطع الرحم ووجود شحناء بين الأقارب. مفاسد العضل وأشار الزامل إلى أن العضل له مفاسد خطيرة جداً على المستوى الأسري والاجتماعي، حيث قد ينتج عنه انتشار الرذيلة -لا سمح الله- أو العنوسة أو أمراض نفسية على الفتاة لكره الزواج أو إجبارها على زوج لا ترغب فيه، أو كره الأب وعدم البر به، وغيرها من الأسباب. تثقيف الفتيات وأوضحت مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في جمعية مودة، أن الجمعية تعمل على تثقيف الفتيات المتعرضات للعضل من الناحية القانونية، وكيفية صناعة صحيفة الدعوى لكي لا تحتوي على ثغرات قانونية تؤدي إلى خسارة قضية لها الأحقية فيها، كون الزواج سنّة الله في الكون ولها الحق في المطالبة به، وذكرت أن من أسباب التعسف هو خلاف بين الطليقين فيتعنّت الأب ويرفض تزويج ابنته من الخاطب لها، أو عدم صلاحية الأب كولي لتزويج الفتاة لإدمانه أو إصابته ببعض الأمراض النفسية. انقسام المجتمع فؤاد المشيخص وقال الاختصاصي الاجتماعي فؤاد المشيخص إن المجتمع انقسم إلى شقين في نظرته للفتاة التي ترفع قضية عضل ضد وليها، فالشق الأول هو الذي لا يقبل هذا الأمر مطلقاً وإن كانت الفتاة مظلومة ومطالبة بحق شرعي من حقوقها، أما الشق الآخر فهو الذي يحاول الخروج من قيود المجتمع الذكوري ويشجع الفتاة على المطالبة بحقوقها، وطالب المشيخص بضرورة تكوين لجان اجتماعية للنظر في هذه القضايا لرفع الضرر عن الفتيات دون إحالة الأمر إلى المحكمة، لما يترتب على هذا الأمر من بعض الضرر قد يصل إلى الضغط على الشاب المتقدم لخطبة الفتاة وجعله يتراجع عن طلبه. اكتئاب نفسي فيصل العجيان وبيّن الاختصاصي النفسي فيصل العجيان أن قضايا العضل يرافقها اكتئاب وتدمير في الحالة النفسية قبل بدئها وأثناء النظر فيها وبعد صدور الحكم وإن كان لصالح الفتاة، لذلك يجب على ولي الفتاة أن يتقي الله في أمر هذه الفتاة، حتى لا يتسبب لها في حالة اكتئاب قد يستغرق علاجها سنوات طويلة، عدا سنوات النظر في القضية. صك الحكم