على الرغم من اعتراف وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان ب"اكتشاف ثغرات" في لائحة الأندية الأدبية ظهرت جلية في انتخابات نادي مكةالمكرمة الأدبي، إلا أن فكرة التعديل في اللائحة التي استغرق خروجها بهذا الشكل أعواما عدة واستنزفت من الأوقات والأحبار ما الله به عليم، قد تعيد الأمور لنقطة الصفر، وبالتالي فالواقع يقول إن على الجميع مسايرة التجربة والسير في ركاب مرحلتها الأولى. وتتأكد تلك الثغرات في حالة "الارتباك" - كما يصفها بعض المراقبين - التي تشهدها أروقة الأندية الأدبية حاليا خصوصا تلك التي ما زالت تستقبل طلبات العضوية. ويسود توجس داخل هذه المجالس وخارجها من تبعات تطبيق بعض مواد اللائحة مثل"أحقية مجلس الإدارة في استثناء من يراه من شرطي المؤهل العلمي والإنتاج الأدبي" فعلى الرغم من أن هذا الاستثناء حصل بعد مطالبات مثقفين ومجالس إدارات لوجود أدباء لهم ثقلهم، ومع ذلك لم يصدروا كتبا حتى الآن ومؤهلاتهم العلمية خارج نسق الآداب واللغات، إلا أن الكثيرين رأوا أن هذا الاستثناء بدأ فعلا في فتح باب الجدل وربما الصراعات بين بعض مجالس الإدارات، وطامحين في دخول الجمعيات العمومية قد لا يكون لهم صلة بالأدب والثقافة، ولكن من مبدأ "البرستيج" الاجتماعي. ولم تكن مادة "المؤهل العلمي" أقل جدلا حيث بدأت الشكوى تتسرب من تقاطر عشرات من حاملي شهادات في اللغة العربية مثلا للتسجيل في الجمعيات العمومية ليس اهتماما بالأدب ولكن من مبدأ "الفزعة" لأحد الأقارب أو الأكاديميين حتى يحصل على أصوات تؤهله لمنصب قيادي في مجلس الإدارة، ولذلك يتخوف البعض من صراع تيارات قادم داخل أسوار الأندية، وهو ما يؤكده عضو مجلس إدارة نادي نجران الأدبي محمد آل هتيلة الذي علق "هذا الأمر وارد وبشدة، وأعتقد أن فتح باب القبول على مصراعيه هو الذي سيدخل الجميع في هذه الدوامة". وأضاف "يمكن التقليل من احتمالية صراع التيارات الفكرية في الأندية الذي قد يتسبب فيه دخول أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة، من خلال القبول المشروط الذي حددته اللائحة، وأن يضع مجلس الإدارة محددات لقبول العضوية بجانب مؤهل البكالوريوس (غير المحدد) خصوصا في المناطق التي لا يتوافر فيها العدد الكافي من الأدباء لتشكيل جمعية عمومية، ومن المحددات التي أرى توفرها إثبات مشاركة المتقدم في أحد المجالات الثقافية سواء داخل المؤسسات الثقافية أو خارجها كالكتابة في الصحف - مثلا - في المجال الثقافي". بين القانوني والأدبي وبعيدا عن التفسيرات المختلفة لبعض بنود لائحة الأندية التي وصفها البعض ب"العائمة" بل وصل الأمر إلى أن يطلق عليها الشاعر والكاتب الصحفي أحمد السيد عطيف صفة "الجائحة"، يثير آخرون تساؤلات حول اللغة التي كتبت بها، فهناك من يرى أنها "إنشائية لا ترقى إلى لغة لائحة منظمة" يقول عطيف هنا: اللائحة صاغها أدباء لا قانونيون، وظهر في لغتها عموميات الأدباء، فهي مثلا تعرف النادي بأنه "مؤسسة ذات شخصيه اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً وتعنى بالأدب والثقافة" دون أي توضيح للمقصود بالأدب والثقافة توضيحا ملزما لا يسمح بتكييفه مع مزاج مجلس الإدارة، فالفنون كلها ثقافة لكن الأندية لا تنهض إلا بما هو (أدب) حسب العرف السائد، وقس على تلك اللغة لغة الحقوق والواجبات. يضيف عطيف: أما فيما يتعلق بالشروط والاستثناءات فلا بد من الاعتراف بأن من الصعب وضع شروط دقيقة كما أنه لا يمكن ترك المسألة بلا شروط. هناك من يستحق أن يستفيد من الاستثناءات لكن هناك أيضا من استفاد وهو لا يستحق بحكم علاقة ما أو للاستفادة من صوته لمرشح ما. وعلى كل حال ستبقى هذه النقطة مثار اختلاف دائم لأنها في منطقة معتمة. سواء قام بها مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية. "الوطن" طرحت على عطيف فكرة أن يضع مقترحات حولها فقال: لو قدر لي أن أقترح تعديلا في اللائحة لاقترحت الآتي: أولا: جعل احتساب المكافآت من مهام الجمعية العمومية، فالدعم كله مليون ريال، ألا يمكن أن يكون جمع من الأدباء محل ثقة في التصرف فيه؟ لا أرى أي سبب لتتولى الوزارة نفسها توزيع مبالغ مالية ضئيلة مثل 350 ريالا!، فهل الوزارة لا تثق بالأدباء؟!. ثانيا: إعطاء الجمعية العمومية صلاحيات حقيقية لرسم سياسة النادي ونوعية برامجه ومحاسبة المجلس، وترك مساحة للتنافس بين الجمعيات في مختلف الأندية. اللائحة الحالية لا تسمح بالتنافس. ثالثا: تنتخب الجمعية العمومية رئيسا لها قبل أن تنتخب أعضاء مجلس إدارة النادي، فاللائحة الحالية تجعل رئيس النادي هو المسيطر على الجمعية وكأنه رئيسها. لا بد من رئيس للجمعية ورئيس للمجلس. ويرى عطيف أن اللائحة المالية الحالية "كانت دقيقة في توزيع مبلغ الدعم وضمنت أن لا يستفاد منه في إنشاء فعل ثقافي بسيط كمسابقة تتطلب مبلغ 20 ألف ريال". ودلل على ذلك بتصريح نسبه لرئيس نادي جازان الأدبي أحمد الحربي، يقول عطيف "الحربي صرح قبل أيام بأن المبلغ المتبقي، نظريا حتى بعد المكافآت هو في حدود 50 ألف ريال فقط!".