أجمع الأدباء والمثقفون والوزراء العرب من مختلف الأطياف والاتجاهات على أن الأديب والمبدع الراحل علي أحمد باكثير هو الوحيد الذي لم يختلف عليه العرب والمسلمون، معتبرين أن مؤتمر مئوية باكثير الحاشد الذي انطلقت أعماله مساء الثلاثاء المنصرم بقلعة صلاح الدين الأثرية بوسط القاهرة حيث مقر اتحاد كتاب مصر، بمثابة بداية لرد الاعتبار لهذا الأديب المتفرد الروائي والقاص والناثر والشاعر والمسرحي والرائد في كل فن أبدع فيه بعدما ظلمه النقاد حياً وميتاً. وقال الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب رئيس اتحاد كتاب مصر منظم المؤتمر مع الرابطة العالمية للأدب الإسلامي الأديب محمد سلماوي إن اختيار باكثير للاحتفال به لما له من مكانة وقيمة كبيرة في تراث الأمة ونهضتها الثقافية، مشيراً إلى أن أسرة علي أحمد باكثير "أهدتنا وثائق ومستندات هامة جدا منها مسرحية بخط يده لم تنشر، وأيضا قصيدة بخط يده للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما حصلنا على تسجيل تلفزيوني لحوار نادر أجراه الشاعر فاروق شوشة مع باكثير بالكويت". أما رئيس الرابطة العالمية للأدب الإسلامي الدكتورعبدالقدوس أبو صالح فأوضح في المؤتمر بحضور كل من سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة السفير هشام ناظر، ووزير الثقافة المصري فاروق حسني ونظيره اليمني محمد أبو بكر المفلحي ووزير الإعلام اليمني حسن اللوزي ورئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور حسين جمعة أن اللجنة المنظمة عندما أعلنت عن المؤتمر تلقت أكثر من 60 بحثاً حول باكثير وإنتاجه وعطائه المتنوع مشيراً إلى أن إحياء تراث باكثير هو إحياء لتراث الأمة، داعياً إلى إعادة الاعتبار لباكثير عبر إنصاف أهله الحضارم. وأوضح مقرر المؤتمر الباحث اليمني المتخصص في كل ما أبدع باكثير والذي قام بجمع أعماله التي أصدر منها المجلس الأعلى المصري للثقافة المجلدين الأول والثاني بمناسبة المؤتمر الدكتور محمد أبو بكر حميد أن باكثير مات مقهوراً مظلوماً من النقاد الذين تجاهلوه وها هو يعود الآن منتصراً في المؤتمر، لافتاً إلى أنه كتب لكل العالم العربي والإسلامي فقد أبدع 50 مسرحية عن فلسطين و5 مسرحيات عن العراق و20 مسرحية عن مصر و10 عن المغرب العربي. وأعلن وزير الإعلام اليمني حسن اللوزي عن إنشاء مؤسسة باكثير للطباعة والصحافة والنشر لتكون رابع مؤسسة وطنية كبرى في اليمن الأولى مرتبطة بالثورة والثانية مرتبطة بالجمهورية والثالثة مرتبطة بالرابع عشر من أكتوبر والرابعة مرتبطة بأحمد باكثير، وتحدث اللوزي عن أهمية المؤتمر قائلا إنه يكتسب أهمية كبيرة ومعاني ودلالات قيمية كبيرة وخالدة في حياة أمتنا العربية وفي مقدمتها الوفاء تجاه الشخصيات العظيمة التي جاهدت في حياتها وأعطت لوطنها وأمتها بسخاء، مشيراً إلى أن أديب العروبة والإسلام الراحل علي أحمد باكثير قدم إضافات جديدة لتاريخ الأمة العربية، وأن باكثير هو ذلك الشاعر الرائد والمجدد الروائي والمسرحي القدير، والكاتب المرموق والمتصف بكل صفات النبوغ والعبقرية وهو أيضا الذي اجترح التجديد - باعتراف الجميع - في الإبداع الشعري العربي وابتكر الشعر المرسل فكان بحق رائدا في ابتكار وإنتاج القصيدة الحرة والينبوع الأول الذي أطلق عنان القصيدة العربية الحديثة من بنيتها التشكيلية والتقليدية. واعتبر اللوزي أن هذا المؤتمر الذي يأتي في المئوية الأولى لميلاد باكثير يعد اعترافا بذلك وبأنه قبل ذلك كله كان مفكرا وأديبا ملتزما مناضلا ضد الاستبداد والاستعمار، وداعيا إلى النهضة العربية والوحدة اليمنية مؤمنا بالعروبة والوحدة العربية وجاهد من أجلها موظفا كل قدراته الإبداعية وطاقاته الخلاقة. وأكد اللوزي أن بلاده ستبدأ في ديسمبر المقبل سلسلة من الاحتفاليات بباكثير تشمل مؤتمرا ومنتديات وإعادة إصدار أعماله وتقديم مسرحياته. وقد واصل المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم مناقشة أوراقه البحثية بمشاركة أكثر من 300 باحث وشاعر وأديب من مصر والعالمين العربي والإسلامي، حول الأثر الأدبي الذي خلفه باكثير في كل الأنواع الأدبية التي أسهم وتميز فيها، باعتباره روائيًّا كبيرًا، ومسرحيًّا متميزًا، ورائدًا للشعر الحر. كما تحدث الشاعر فاروق شوشة عن علاقته بأحمد باكثير والجلسات المشتركة التي كانت تجمعه بأحمد باكثير ونجيب محفوظ ويحيى حقي، كما ألقى قصيدة الشاعر الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد - رفيق باكثير في رحلاته الثلاث إلى غزة وكانت آخرها بمخيم البريج في العام 1966 حيث قال باكثير لأبناء غزة يوماً ما سوف تأتيكم قوافل الحرية وعندها سوف تتحرر كل فلسطين وشاءت إرادة الله أن يكون أسطول قافلة الحرية في ذكراه الأربعين. وشهد المؤتمر تكريم كل من الشيخ عبدالله بقشان الراعي لإحياء تراث باكثير وتحويل بيت باكثير لمتحف، وكذلك تكريم الباحث القائم على تراث باكثير الدكتور محمد أبو بكر حميد.