عمرو أبو العطا تنتشر بين بعض الناس عادات وسلوكيات سيئة تعبّر عن مدى بعدهم عن الأخلاقيات والقيم، ومن بين تلك العادات السيئة عادة الكذب التي انتشرت حقيقة في مجتمعاتنا المعاصرة، حتى أصبح الكاذب في أعين الناس حاذقا يحسن التصرف والحيلة، وأصبح الصادق ساذجا لا يحسن التصرف ولا يهتدي سبيلا، وإن انقلاب المعايير في تقييم الأخلاقيات الحسنة والسيئة لا يغيّر من أصلها وحقيقتها، فالله تعالى يرضى لعباده ما حثهم عليه من قيم وأخلاق وفضائل، ويأبى لهم ما نهاهم عنه من سلوكيات وعادات خاطئة. الكذب هو قول غير الحقيقة، لأسباب نفسية تختلف من شخص لآخر، وكلنا تعرضنا لموقف ما تحتّم علينا الكذب فيه، لأسباب باتت منطقية في ذاك الوقت، وشعرنا بأن الطريقة الوحيدة للنجاة من العواقب، هو بإخفاء الحقيقة، والكذب. يصل الحدّ عند بعض الأشخاص، بإدمانهم الكذب، وباتخاذه كأسلوب للحياة، وكطريقة للتعاملات الاجتماعية، فلا تعرف صدقه من كذبه، وهذا ما يجب الابتعاد عنه، وتفادي الوصول إليه، وقيل «لا مروءة لكاذب»، فالكاذب بعيد كل البعد عن المروءة. ذكر الله تعالى الكذب في كتابه الكريم في نحو مئتي آية، كلها إما على سبيل الذم، وإما على سبيل تبيان سوء عاقبة الفاعل. والكذب يجر صاحبه إلى النار، كما في الحديث المتفق عليه «إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا»، ويؤدي الكذب إلى اللعن والطرد من رحمة الله، قال تعالى (قتل الخراصون) أي لعن الكذابون، وقال تعالي (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)، وهو من خصال أهل النفاق، كما جاء في صحيح مسلم «آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان». جعل الله الأمة الإسلامية أمة صفاء ونقاء في العقيدة والأفعال والأقوال. فالصدق علامة لسعادة الأمة، وحسن إدراكها، ونقاء سريرتها. فالسعادة مفتاحها الصدق والتصديق، والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب. ولقد أخبر سبحانه وتعالى أنه لا ينفع العباد يوم القيامة إلا صدقهم، وجعل علم المنافقين الذين تميزوا به هو الكذب في القول والفعل. فالصدق: بريد الإيمان، ودليله، ومركبه، وسائقه، وقائده وحليته، ولباسه، بل هو لبّه وروحه. والكذب: بريد الكفر، والنفاق دليله، ومركبه، وسائقه، وقائده، وحليته، ولباسه، ولبه، فمضادة الكذب للإيمان كمضادّة الشرك للتوحيد، فلا يجتمع الكذب والإيمان إلا ويطرد أحدهما صاحبه ويستقر موضعه.