إلى من يهمه الأمر، إن كان مهما أصلا! أعلم أن داخلك عالم من الظلام والنور، ومهمتك في هذه الحياة تتمثل في أن تصلح بينهما ليصبحا أصدقاءً في النهاية. نعم يا صديقي، هذا ما عليك فعله، لا تستغرب الأمر، فإن لم تقم بهذا فإن أيامك ستتحول إلى حلبة مصارعة نتيجة تناقضكم، أنت وما بداخلك، وحينها فقط ستسقط في غياهب التيه، وستفقد ملامحك تدريجيا إلى أن تتلاشى من على وجه هذا الكون الضام في أعماقه كثيرا من المتلاشين، والأشباح، وميتي الأرواح، ومتجمدي المشاعر، و متحجري القلوب، ومحنطي العقول! ستتحول إلى نسخة منهم، وستفقد وقتها طعم الحياة ومعنى العيش، ستهاجر روحك وستصبح جثة هامدة تسير نحو اللاشيء في الفراغ، ترقب موعد رحيلها الذي لن يغير من حالها كثيرا، فهي قد انتهت على كل الأحوال منذ آخر صراع، حينما أوقفته بالوقوف في صف إحداهما، مما أشعر الآخر بالظلم والتمييز بينه وبين أخيه التوأم المتناقض، وهذا ما دفعه إلى تدمير كل العوالم المتناقضة داخلك، والتي كانت مهمتك قبل أن يحدث هذا كله، جعلها كافة عالما واحدا مسالما. فأنت يا صديقي كتلة من التناقض، هناك في عمق أعماقك، ولهذا أنت دائما ما تتقلب بين ليلة وضحاها، من صديق إلى عدو، من قريب إلى غريب، من حي إلى ميت قبل الميعاد، والعكس صحيح. نعم.. نعم، إنه السر، سر كل ما يحصل حولك، ولهذا تكمن مهمتك العظمى في حياتك –إن أردتها طبعا أن تكون حياة!- اجعل من هذا التناقض عالما واحدا مسالما يضج بالحياة، عليك بالإصلاح بينها، توقف عن الهرب من مصارعاتها المتكررة، واجهها هذه المرة وكن عادلا، كن صديقا صدوقا قبل أن تكون طرفا عنصريا، امنح الحب لها، لداخلك وداخلها، أعط فرصة وأخرى لنفسك، وعش ما يجب عليك أن تعيشه منذ الأزل.