أحدثت ثورة الهاتف المحمول تحولا في أنماط المعيشة، وأسهمت في خلق أنشطة أعمال جديدة، وأتاحت فرص التنمية على نطاق لم يكن يتخيله أحد من قبل باعتبارها واحدة من أسرع التقنيات انتشارا. ففي حين استغرق الأمر 128 عاما حتى وصلت خطوط الهواتف الثابتة إلى مليار مستخدم، حققت شبكات الهاتف المحمول هذا الإنجاز في زمن لا يكاد يتجاوز العشرين عاما. لقد أثر الهاتف المحمول في أنماط حياة المستخدمين وموارد رزقهم، وعزز من الاقتصاد من خلال التحول الكبير الذي أحدثه في حياة الناس، ساعد في ذلك الكم الهائل من تطبيقات الهواتف الذكية الجديدة، وشبكات التواصل الاجتماعي، ونهج استلهام الحلول والابتكارات التي باتت تدعم هذا التوجه من قبل الهواة والمحترفين. أكثر من 3.5 مليارات من سكان الكرة الأرضية يستخدمون اليوم الهواتف المحمولة، منهم ملياران يستخدمون الهواتف الذكية. وتسبب الانتشار المتزايد لأجهزة الهواتف الذكية وتطبيقاتها في ارتفاع عدد مستخدمي الاتصالات والإنترنت بشكل كبير في المملكة العربية السعودية. وقد وصل عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة إلى 21.6 مليون مستخدم بنهاية عام 2015، بزيادة بلغت 89.5% خلال خمس سنوات، حيث كان العدد 11.4 مليون مستخدم في عام 2010، كما زادت نسبة انتشار الإنترنت بمعدلات عالية خلال السنوات الماضية، إذ وصلت إلى حوالي 68.5% من نسبة السكان في نهاية عام 2015 مقارنة بحوالي 41% عام 2010. وقد تم خلال العام الماضي 2015 إنزال 180 مليار تطبيق من تطبيقات الهواتف الذكية، وتم تقدير حجم سوق برمجيات التطبيقات هذا العام 2016 ب143 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل الإيراد السنوي لتطبيقات الهواتف الذكية 77 مليار دولار خلال العام القادم 2017. وهناك توجه لاعتماد سياسة استخدام التطبيقات الذكية من قبل كبريات الشركات في العالم، وهو ما قامت بتبنيه أكبر 500 شركة في الولاياتالمتحدة، وحسب الدراسات فمن المتوقع أن تصل القيمة الاقتصادية للأعمال عبر الهواتف النقالة ستبلغ 11 تريليون دولار عام 2025. ومع ذلك فإن معدلات إسهام تطبيقات الهواتف النقالة في القطاعات الاقتصادية على مستوى العالم ما زالت لا تتعدى نسبة 50 إلى 60%، حيث إن استخدامها ما زال للترفيه أكثر من كونه اقتصاديا. ومن المؤمل أن تسهم تطبيقات الهواتف الذكية في زيادة الإنتاج الاقتصادي استنادا على ما أسهمت به حتى الآن من تدفق للمعلومات. على الصعيد المحلي أشارت دراسة عن تطبيقات الجوال إلى أن السعودية أصبحت تحتل المرتبة الثالثة كأعلى نسبة لمستخدمي الهواتف الذكية في العالم، وقد بلغت نسبة استخدام الهواتف الذكية في السعودية (72.8%) بعد كل من الإمارات العربية المتحدة (73.8%) وكوريا (73%). لقد تحولت عمليات تطوير تطبيقات الهواتف الذكية بالنسبة لمئات من السعوديين، من مجرد هواية إلى مصدر رزق يدر عليهم آلاف الريالات، وذلك بعد أن حقق هذا السوق إقبالا ملحوظا من قبل الملايين من المستخدمين المقبلين بشراهة على شراء وتحميل تطبيقات الهواتف بمختلف أنواعها. لذلك يمكن القول بأن سوق البرمجيات الواعد في المملكة وتفعيل التطبيقات الخاصة بالهواتف الذكية من شأنه دعم عجلة الاقتصاد الوطني برافد مهم، سيما أن المملكة العربية تتمتع بشبكة إنترنت عالية ذات نطاقات واسعة مع أجيال أكثر تطورا. إن بيئة العمل اليوم تعيش تغيرا مستمرا وتطورا متواصلا، وهو ما يعني التوجه بقوة نحو احتواء تطبيقات الهواتف الذكية لاستيعاب هذه التطور المتلاحق الذي يشهده سوق البرمجيات المدعوم بسرعة انتشار الهواتف الذكية، الأمر الذي سيسهم في مزيد من الانفتاح نحو كل ما هو جديد في هذا المجال، وهو ما سيفتح سوقا واسعة لاستيعاب مشاريع المؤسسات الصغيرة، والأخذ بأيدي رواد الأعمال الذين يعتبرون أهم روافد الاقتصاد المستقبلي. في عالم التجارة والاقتصاد كان لتطبيقات الهواتف الذكية النصيب الأكبر، فهناك أكثر من 50% من مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية تتم من خلال الهواتف الذكية، والنسبة في تزايد، إذ من المتوقع وصولها إلى 70% في العامين القادمين.