على الرغم من ارتباط أحد أهم المعالم الأثرية في محافظة "عيون الجواء" بمنطقة القصيم بأشهر الفرسان العرب وهو "عنترة العبسي" إلا أن هذا المكان الذي يحرص الكثير من زوار المنطقة على الذهاب له، لم يسلم من أيدي العابثين، وخصوصا هواة الكتابة على كل شيء، وكأنهم يريدون وضع بصمة بجوار صاحب أشهر قصة عشق في التاريخ العربي. رمز للعلاقات الإنسانية يعلق رئيس نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم بقوله، بعض الأماكن تمثل أيقونات تشير إلى دلالات إنسانية، وصخرة عنترة تمثل رمزا للعلاقة الإنسانية الحميمية، ومثل هذه الأماكن إما أن ترتفع بالعلاقات الإنسانية إلى مرحلة الحب والنقاء أو تهبط بها إلى درك الكراهية والبغضاء، وصخرة عنترة تحمل قيمة إنسانية أهلتها للخلود، فهي ليست مادة جغرافية جامدة بل اكتسبت حيويتها من خلال ما اكتنزت من دلالات عظيمة تمتح الإنسان قيمته، وتعمل على تكريس مبادئ المحبة والسلام، لذلك يجدر الاهتمام بهذا الرمز خاصةً في العصر الذي كادت أن تنمحي مظاهر الحب والألفة بين بني البشر.
المرشدون يتجنبون المكان أكد ل"الوطن" مرشد سياحي "فضل عدم ذكر اسمه"، أن بعض المرشدين أصبحوا يتجنبون مسار زيارة صخرة عنترة، ويعتذرون للسياح بأسباب وهمية بسبب وجود الكتابات التي شوهت المكان، مضيفا أنه يأمل من هيئة السياحة والتراث الوطني الاهتمام أكثر بهذه الآثار التي ظلت صامدة لمئات السنين، وتوفير وسائل جدية لحمايتها من العابثين، وفرض قوانين وغرامات للحفاظ عليها، وقال "العبث بالآثار يفقدها أهميتها التاريخية، والتمادي في ذلك قد يطمس هويتها، وكم أحس بالحرقة والألم عندما أشاهد العبث الذي طال العديد منها".
ضياع الهوية يقول الباحث عبدالله المفلح، إن "حصاة النصلة" و"عرجون منصور" صخرتان تقعان في محافظة عيون الجواء، وتكمن أهميتهما في النقوش الأثرية عليهما، وهي نقوش ضاعت أو تكاد بسبب العبث. وربطت الذاكرة الشعبية بين الصخرة والفارس العربي عنترة بن شداد، وذلك لغلبة الظن أن هذه المرابع هي مرابع عنترة وعبلة كما ورد في معلقة عنترة، ولأن الذاكرة الشعبية ميالة للخيال والجمال فقد جُعلت هذه الصخرة مكانا للمواعيد بين عنترة وعبلة، وتخيلت هذه الذاكرة قصصا من اللقاءات بين العاشقين الذين وقفت تقاليد القبيلة دون أن يجمعهما بيت واحد، وقد شكل هذا الحرمان في القصة الشعبية الكثير من الرومانسية، وأضفى وجود الصخرة بآثارها وارتباطها بهذه الحكاية على المنطقة بعدا آثاريا وسياحيا جميلا، ولهذا تحتاج إلى الاهتمام، وكف أيدي العابثين الذين يشوهون معالمها ويطمسون الكتابات الأثرية.
مشروع تنظيف الصخرة يؤكد مدير عام الفرع المكلف للهيئة العامة والسياحة والتراث الوطني بمنطقة القصيم إبراهيم بن علي المشيقح، أن الهيئة قامت بعمل إستراتيجية عامة للتنمية السياحية الوطنية، حيث تعتبر حماية وتنمية واستثمار مواقع التراث الوطني أحد المكونات الرئيسية لهذه الإستراتيجية. وقال المشيقح إن هناك مجموعة من الباحثين والمختصين اتفقوا على نسبة الموقع للفارس والشاعر العربي عنتره بن شداد، وتم تسجيل الموقع في السجل الوطني للآثار لدى الهيئة، ولا يوجد مشروع توثيق سابق خصص لهذا الموضوع. وأضاف "هناك زيارات لمتخصصين للموقع بالتنسيق مع الهيئة، وذلك لأهمية الموقع التاريخية". وعن زيارات السياح الذين يأتون القصيم وعامة الناس، أوضح أن "الموقع مفتوح للزيارة وهو ضمن المسار السياحي المعتمد من مجلس التنمية السياحية باسم "مسار عنترة بن شداد"، وتقوم الهيئة بالتعريف بالموقع من خلال المطبوعات والمواقع الإلكترونية، وأيضا في المعارض والملتقيات المتخصصة، كما يتم إدراج الموقع في زيارات ضيوف المنطقة وفق محددات البرامج التي يتم إعدادها مثل الوقت وهدف الزيارة وغيرها، كما يتم تنظيم زيارات عن طريق مؤسسات تنظيم الرحلات السياحية والمرشدين السياحيين المرخصين من الهيئة، وقد نفذت الهيئة مشروعا لتهيئة الموقع ليكون مناسبا للزوار إضافة إلى مشروع لتنظيف الصخرة من التشوهات والكتابات.