انتشرت وتعددت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة الاعتداء على الأطباء داخل المستشفيات وما يشمله هذا الاعتداء من اعتداء لفظي وجسدي، بدون أن نجد حماية نظامية للطبيب أثناء ممارسته عمله، وإن وجدت فهي ليست بالقدر الكافي. إن ظاهرة العنف ضد مقدمي خدمات الرعاية الصحية في المرفق الصحي أصبحت ظاهرة عالمية، سواء كان هذا العنف لفظيا أو جسديا، وأدى إلى نتائج خطيرة على بيئة العمل وعلى العاملين فيه إذا لم يتم التعامل معه على وجه السرعة، كما أن نتائجه السلبية تكمن في نقص الإنتاجية وطلبات نقل وتكليف لمنسوبيه، وبالتالي إلى تدني خدمات العناية بالمرضي، وتجب معالجة هذه الظاهرة وإيجاد حلول لها. وقد تحدث عن هذه الظاهرة السيد جيم كامبل مدير القوى العاملة الصحية في منظمة الصحة العالمية (WHO) "إن حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية من أكثر مسؤوليات المجتمع الدولي، فبدون العاملين الصحيين لن تكون هناك رعاية صحية". وموضوع الاعتداء على الأطباء لا بد له من وقفة صارمة، وأن تسن عقوبات صارمة على مثل هذه الاعتداءات، حتى لا تتحول المستشفيات إلى مكان ينعدم فيها الأمن بالنسبة للعاملين بالمجال الطبي. لقد احتوى نظام مزاولة المهن الطبية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/59) بتاريخ 4/ 11/ 1426 الرقابة على الطبيب إثناء ممارسته عمله، وكفل حق المريض في المطالبة بالتعويض عن الخطأ الذي يقع من الطبيب، وفرض عقوبة جزائية عن الأخطاء التي تقع من الطبيب أثناء ممارسته عمله، ولا بد أن يقابل ذلك حماية للطبيب ليتمكن من ممارسة عمله في هدوء وتركيز. وبالتالي يجب الإسراع في معالجة هذه الجريمة حتى لا تكون ظاهرة يصعب التعامل معها داخل المستشفيات، وأن تفرض عقوبات رادعة على الاعتداء على الأطباء أثناء ممارستهم عملهم لحمايتهم، كما يجب أن تتبنى المؤسسات الصحية قواعد تنظيمية لأمن وسلامة منسوبيها مع التنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وذلك لخلق بيئة عمل آمنة وفعالة، ونورد بعض التوصيات لعلها تسهم في الحد من هذه المعضلة: 1. إصدار تعميم وزاري أو وضع سياسات تنظيمية في جميع المنشآت والوحدات الصحية تنص على أنه في حالة تعرض منسوبيها إلى العنف بأن ترفع دعاوى رسمية بالحق الخاص عن طريق الجهات الرسمية، مع الاستمرار في تحريك دعوى الحق العام جراء الاعتداء على منسوبيها أثناء تأدية أعمالهم اليومية، كما يجب أن تتحمل الوزارة والمنشآت الصحية هذا الدور نيابة عن منسوبيها. 2. وضع لوحات استرشادية توضح عقوبة وجسامة التعدي بالعنف، سواء كان جسديا أو لفظيا على منسوبيها، وإنها لن تتوانى عن الدفاع عن منسوبيها والملاحقة القانونية للمتسبب "أسوة بالدول المتقدمة". 3. القيام بحملات توعية وطنية بالتعاون مع وسائل الإعلام والجهات ذات العلاقة توضح فيها مخاطر التعدي على الكوادر الصحية، وأنه في حالة وجود تقصير أو أخطاء طبية توجد هناك قنوات رسمية وإجراءات نظامية تتبع، تكفل حقوق المرضى ومرافقيهم.