سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رغبة في الاستمتاع تثقل أجساد متعاطيها بالأمراض طالب جامعي: آخذ بين 7 و10 "وجبات" يوميا من "الشمة" أطباء: الشمة تسبب أورام اللثة والفم وتقود إلى الإدمان
تسمعهم يتهامسون مرددين "هب لي شمة "، أو "شي مضغة"، عبارات قد تطرق سمعك باستغراب، وأنت ترقبُ أحداثا، أو حتى أطفالاً في عمر الزهور، يرددونها، دون أن يعوا خطورة ما يمارسونه من سلوك، مع هذه المادة "الخطرة". "الشمة"، أو"المضغة"، عبارة عن أوراق تبغ مطحونة، يضعها المستخدم بين اللثة السفلية والأسنان، بهدف الحصول على النيكوتين، ووصوله تاليا إلى الدم ومنه إلى الدماغ، وهي حسب الرأي الطبي، تتفوق على السجائر في كميات "النيكوتين" التي تصل إلى الدم!. الأمر الذي جعل "التبرداق" -أحد مسميات الشمة- ظاهرة بين شريحة من الشباب في المناطق الجنوبية من المملكة، بحسب ما رصدته "الوطن"، بل أضحى "روتينياً وجزءا من الحياة اليومية"، وفق قول بعض الشباب، فيما ذهب آخرون ليعدوه من مظاهر "التفاخر"!. مواد متوفرة يقول أحد أهل الخبرة ب"الشمة"، إن هناك اعتقادا سائدا عند المستخدمين والبائعين لها قائما على أن "المنع الرسمي لبيع الشمة واستخدامها، يعود لأسباب تتعلق بالنظافة العامة، كون المستخدم يكثر من البزق، وبالتالي يجد بعض المستخدمين للشمة، العذر لأنفسهم في التبرداق، إذا ما حافظوا على النظافة العامة"، ويضيف "عندما نأخذ المواد التي يتم تركيب الشمة منها، نجدها نظامية في البيع والشراء، كالتبغ والملح والرماد وخلافها، ولذلك لا يجد من يتناول الشمة أو المضغة صعوبة في تصنيعها، إذا لم يجدها معروضة للبيع"، بحسب رأيه. سهولة التصنيع وعن المصادر التي يحصل منها الباعة على "الشمة"، أوضح لنا "الخبير" بها، أن "تصنيعها سهل، ويتم شراؤها من مدن رئيسية وساحلية في المملكة، ويتراوح سعر الكيلوجرام منها بين 30 و300 ريال، حسب جودة التبغ، وكذلك بقية المواد". موضحا أنه بالنسبة ل"المضغة والتي هي عبارة عن تنباك ورماد، نجد أن التنباك يباع علنا في محلات بيع السجائر والجراك، كما يمكن الحصول على الرماد من المطابخ والمنادي، حيث يقوم ببيعها عمالة بعد تنظيفها، بسعر يتراوح بين الريالين والخمسة ريالات". ظاهرة رائجة من جهته، يعترف المواطن محمد اليامي، بأن "الشمة أصبحت ظاهرة في المجتمع"، بحيث بات "الصغار والكبار يتعاطونها، رغم معرفتهم بأضرارها على الجسم والفم والأسنان"، معتبرا أن "لجوء الصبية لاستعمال الشمة بدلاً من التدخين، يعود لسببين: الأول هو إمكانية الاستعمال حتى في المنزل، دون الخوف من افتضاح أمر التعاطي للأهل، بحكم عدم وجود رائحة تملأ المكان كالسجائر، وثاني الأسباب، هو رخص القيمة، مقارنة بعلبة السجائر". ويطالب اليامي ب"المتابعة من الآباء لأبنائهم، وكذلك التناصح بين أفراد المجتمع، للتصدي لظاهرة تعاطي الشمة". ويذهب اليامي في اتجاه آخر مطالبا بمزيد من الصرامة تجاه الموضوع، قائلا "على الجانب الرسمي، وأقصد الجهات الحكومية ذات العلاقة، أن تزيد من تصديها وحملاتها ضد من يبيع الشمة، وأن تعاقبه على ذلك". تأثير الجوار يربط المواطن صالح الهمامي، بين انتشار ظاهرة تعاطي "الشمة" في بعض المدن الحدودية الجنوبية، ومجاورة هذه المدن للجمهورية اليمنية، معتبرا أن "اليمن السعيد" هو أحد البلدان التي "يكثر فيها استخدام الشمة". مدعما وجهة نظره هذه بالقول "لنأخذ محافظات صعدة والجوف وحضرموت مثلاً، فنجدها محافظات يمنية محادية لنجران. كذلك الحال بالنسبة لعسير، ممثلة في ظهران الجنوب، فهي محادية لصعدة. فيما جازان محادية للحديدة، وهنا يعمل المهربون لإدخالها لهذه المناطق، وبكميات كبيرة". بين الطلاب المدارس والأوساط الطلابية، باتت بيئة خصبة لتفشي هذا السلوك المستخدم لمواد كهذه غير صحية، حيث يؤكد المعلم علي القرني، أن "الشمة أصبحت ظاهرة بين الطلاب في جميع المراحل، ويتضح من مشاهدة آثار تفلها في ممرات ومغاسل وجدران المدارس، وهذه هي من المضار الأخرى غير المباشرة للشمة". ويكشف المعلم ناصر الشهراني، أن "الجولات التفتيشية المفاجئة التي تقوم بها المدارس للطلاب، تؤدي لكشف كميات من الشمة في أوساطهم"، ويفسر ذلك في حديثه معنا بقوله إن "الطالب المتعود على تعاطي الشمة، لا يقدر على البقاء في المدرسة لسبع ساعات دون استخدامها، ولو لمرة واحدة، وهذا ما يجعل الطلاب يدخلونها معهم إلى المدرسة. كما أن هناك تباهيا وتحديا بين الطلاب، في قدرتهم على إدخالها إلى المدرسة". ولا يخفي المعلم الشهراني تخوفه من "أن يستغل بعض الطلاب ضعيفي النفوس حاجة طلاب آخرين للشمة، لتحقيق أهداف أخرى"، معتبرا أن "الشمة كغيرها من المغريات، تكون وسيلة للاستغلال الجنسي لصغار السن". وجبة رئيسية! رغم الأثر السلبي صحيا وسلوكيا للظاهرة إلا أن مستخدمي "الشمة" يرفضون أن يوصفوا ب"المتعاطين"، لأن هذا اللفظ حسب وجهة نظرهم "ارتبط بالمخدرات"، ومنهم أحد الشباب الذين التقتهم "الوطن"، وهو طالب جامعي فضل عدم ذكر اسمه، وصف نفسه بأنه "مولع بالشمة"، وأن هذا الولع مستمر منذ عشر سنوات، وهي الآن بمثابة وجبة رئيسية يومية، يتناولها من سبع إلى عشر مرات على مدار 24 ساعة!. وهو رغم تعلقه بها، إلا أنه يؤكد أنها "حالة إدمان حقيقية"، الأمر الذي دفعه في حالة صدق وتجرد إلى القول "أنصح كل من يتعاطى الشمة بالإقلاع عنها، وبالذات المبتدئين، فهي خسارة للمال، وتشوه منظر الأسنان". تحريم شرعي المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بنجران، الشيخ صالح بن إبراهيم الدسيماني، حذر من تعاطي "الشمة" بأنواعها المختلفة، وأوضح في حديث مع "الوطن"، أنه "إذا ثبت ضررها صحيا وماديا، فهي محرمة لذاتها، ولما تسببه من أضرار صحية، وهي من المفترات، والدين الإسلامي حلل الطيبات وحرم الخبائث، وما ثبت تأثيرة صحيا أو ماديا، وما أدى إلى ضرر الجسم أو المال فهو محرم شرعا"، مضيفا "على الشباب أن يتنزهوا عن هذه العادة السيئة، وأن يبحثوا عن أشياء تفيدهم وتفيد مجتمعهم وأمتهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)، فلا يجوز لإنسان أن يضر نفسه ويضر غيره". مضار صحية الأطباء بدورهم حذروا من الآثار السلبية على الصحة لظاهرة "الشمة"، حيث أوضح استشاري أمراض الباطنية ب"مستشفى الظافر" بنجران، الدكتور عبدالحليم عبد العزيز علي، أنه "من واقع دراسة تركيب الشمة، فهي تحتوي على مادة النيكوتين، وهذه تعتبر مادة مسرطنة، ونجد أنها مثل السجائر، وهذه المادة لها تأثران: الأول تأثير موضعي، ويسبب أورام اللثة والفم، حيث مكان تعاطيها. والتأثير الآخر، هو تأثير عام، ينتج عن امتصاص مادة النيكوتين في الجسم، مما يؤدي إلى الإدمان، ويسبب أوراما في أماكن أخرى من الجسم، مثل الصدر والمثانة والرئة، والتي تؤدي إلى الوفاة"، موضحا أنه "كون المواد التي تصنع منها الشمة مواد مضرة صحيا، لاحتوائها على كيماويات وجراثيم وميكروبات، ينتج عنها التهابات موضعية في البطن عند بلع بقاياها"، لذا ينصح بتجنبها وعدم استخدامها نهائيا. تشويه للأسنان من جهته، علق أخصائي الأسنان بذات المستشفى، الدكتور ياسر المصطفى، بقوله إن الشمة "لها تأثيرات على الأسنان، ومنها اصفرارها، واصطباغها باللون الأصفر إلى البني الداكن، مما يشوه منظر أسنان الشخص المتعاطي لها"، مبينا أنه "إذا احتوى تركيبها على مادة النيكوتين، وهي مادة مسرطنة، فمن شأنها أن تسبب مرض سرطان اللثة، وذلك بالاستخدام الطويل المدى". مشددا على أن "وجودها في تماس اللثة، يؤدي إلى التهابات اللثة بشكل دائم. كما أن وضعها في قاع الفم، يؤدي إلى حركات خاطئة أثناء الحديث للفك، ومنها التشنجات العضلية في الفكين". هذا فضلا عن "الرائحة الكريهة في فم المتعاطي، مما يسبب نفور الآخرين منه، أو الحديث معه". المراجعة الطبية وللتخلص من الآثار الصحية السلبية لهذه الظاهرة، أهاب المدير الطبي ب"مستشفى الظافر"، الدكتور محمود شاهين، أهاب ب"المتعاطين سرعة زيارة عيادات مكافحة التدخين، للمساعدة على التخلص منها"، مشجعا على أهمية "تكثيف الحملات التوعوية بين وزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، للحد من انتشار هذه الظاهرة، وتثقيف المجتمع والأسر، من خلال برامج الإعلام المقروء والمسموع، وإصدار عقوبات صارمة، في ملاحقة المصدرين لها، وأماكن بيعها".