حمّل عدد من الأكاديميين جامعات المملكة أسباب ضعف التأصيل والتأليف لتاريخ المملكة العربية السعودية؛ وسيرة موحدها الملك عبدالعزيز، بتحديد مناهج ومقررات جامعية وتربوية يتم تدريسها وفقا للخطط والبرامج التطويرية في كافة المراحل التعليمية. جاء ذلك خلال محاضرة بعنوان "الملك عبدالعزيز ومواجهة التحديات عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى"، ألقاها الدكتور محمد آل زلفة أول من أمس في نادي القصيم الأدبي بمدينة بريدة. وذلك ضمن فعاليات الاحتفال باليوم الوطني الثمانين للمملكة. وبدأ الحفل الذي شرفه أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز بافتتاح معرض "هكذا كانت بلادنا"؛ والذي أقامه النادي على هامش الفعاليات المصاحبة للاحتفائية؛ حيث يقارن المعرض بصوره الفوتوجرافية ما كانت عليه البلاد إبان التوحيد والتأسيس، وما نتج عن الوحدة والاستقرار من نعيم تعيشه الأجيال الآن. واستهل الدكتور آل زلفة محاضرته بالوقوف على جوانب من مراحل كفاح الملك المؤسس. متناولا ميزات شخصية الملك عبدالعزيز القيادية والسياسية المتسمة بالحنكة والتعقل، والتي نأت بالبلاد عن حروب كثيرة من خلال التعامل والتعايش الذكي مع القوى الإقليمية المجاورة كالدولة العثمانية والملكية البريطانية بالوقوف موقف الحياد. مبرزا الدور الهامشي الذي كانت تعيشه بلاد الجزيرة العربية وتحديدا بلاد نجد من بعد انتقال الخلافة الإسلامية من المدينةالمنورة إلى بلاد الشام والعراق ومصر وتركيا إلى ما قبل بروز الوحدة السعودية في بلاد الجزيرة العربية، وما تلا ذلك من تطور وتقدم عاشته البلاد في ظل الحكم السعودي. وأشار آل زلفة في سرده لقصة الملك المؤسس إلى عدد من المواقف والظروف السياسية التي تبرز للعالم أن الملك عبدالعزيز كان قائدا وحدويا عظيما من خلال مراسلاته لجميع القوى والإمارات الإقليمية أثناء نشوب الحرب العالمية، ودعوته قادتها إلى ضرورة الاتحاد والوقوف موقف الحياد، وعدم الانجرار مع أي طرف في الحرب، حتى لا تكون جزيرة العرب وأراضيها تحت خط النار مباشرة، وكذلك مراسلاته بعد الحرب العالمية لزعماء القوى المحيطة في الخليج وبلاد العراق والشام لرسم الحدود ووضع الاتفاقيات التي تحمي مصالح الجميع. بعد ذلك بدأت المداخلات التي استهلها مدير المحاضرة الدكتور عبدالرحمن السديس بتأكيده على العقبات التي تواجه المتخصصين والمهتمين بالتاريخ في جامعات المملكة في سعيهم لتخصيص مقررات ومناهج لتاريخ المملكة، وتاريخ الملك المؤسس بوجه خاص. كما أوضح عبدالله الرواف في مداخلته أن عدم تخصيص مواد ممنهجة تفصيلية للتاريخ السعودي انعكس بالسلب على دراسة ذلك التاريخ بالشكل الذي يستحق، وعلى معرفة هذا الإرث الوطني بكل أوجهه ليؤيد آل زلفة ذلك القول، مستشهدا بأهمية التعليم الموجه الذي يكشف كامل الصورة للوجه الحقيقي والفاضل لتاريخ المملكة، مستحضرا مسلسل باب الحارة السوري الذي من خلاله بات الصغير والكبير من أبنائنا على علم بتفاصيل الحارة الشامية أكثر من معرفتهم بتاريخ وأنماط المعيشة في بلادهم. وفي نهاية الحفل أدلى أمير المنطقة بتصريح شكر فيه القائمين على النادي الأدبي، مشيدا بالطرح والمداخلات من قبل الحضور، متمنيا أن يكون لتلك المحافل الأدبية والتثقيفية المزيد من الدور الفعال الذي يبعث تاريخنا السعودي الأصيل، ويظهره بصورته المستحقة.