فيما أحالت هيئة النزاهة العراقية أكثر من ألفي مسؤول، بينهم 13 وزيراً سابقاً إلى المحاكم الجنائية بتهم الفساد، كشف مصدر برلماني أن الهيئة التي يرأسها بالوكالة، حسن الياسري، بقرار من رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، استثنت شخصيات من الإحالة، على رأسها المالكي نفسه، المتهم الرئيسي في قضايا الفساد، وعدد من رموز حكمه، ولم تقم بإحالتهم مع بقية المتهمين. وأبلغ المصدر – الذي طلب عدم الكشف عن اسمه – "الوطن" بأن غالبية الشخصيات التي تمت إحالتها إلى القضاء تعود إلى مسؤولين في حكومة إياد علاوي عام 2004، ومنها وزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان، ووزير الكهرباء الأسبق، أيهم السامرائي، إضافة إلى مسؤولين في حكومة إبراهيم الجعفري عام 2005. كما اتهم الياسري بتنفيذ أوامر المالكي، الذي وضعه في هذا المنصب الذي لم يحظ حتى الآن بمصادقة البرلمان بوجوده فيه، فضلا عن أنه عضو في حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي نفسه. ومضى قائلا إن تقرير هيئة النزاهة، ومعه مجلس القضاء الأعلى، ليس إلا محاولة لحماية المالكي وأعوانه الفاسدين، وامتصاص غضب الشارع العراقي واحتواءه، لمنع انفجاره وقيام انتفاضة شعبية تقضي على العملية السياسية برمتها. تساؤلات مشروعة وتساءل المصدر عن مصير 300 مليار دولار بددها المالكي بين فساد داخلي وتحويل قسم كبير منها إلى إيران خلال فترة العقوبات عليها، فضلا عن دفع فواتير طهران بالمنطقة، من خلال تمويل الميليشيات والحركات المسلحة التابعة لها. وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن إدانة 29 مسؤولا رفيعا بتهمة الفساد وسرقة المال العام، بينهم وزير النقل الأسبق، لؤي حاتم العرس، ووزير التجارة الأسبق، عبد فلاح السوداني، ورئيس هيئة دعاوى الملكية الأسبق، أحمد البراك. وكان المالكي قد عاد أول من أمس إلى بغداد، قادما من إيران، في محاولة لوقف مساعي إحالته إلى القضاء، وقال المحلل السياسي أحمد الأبيض في تصريحات إلى "الوطن": "إن المالكي يحاول استعادة حضوره السياسي بعرقلة إصلاحات العبادي التي جاءت استجابة لمطالب المتظاهرين، والحفاظ على موقعه أمينا عاما لحزب الدعوة الإسلامية، للضغط على رئيس مجلس الوزراء بوصفه قياديا في الحزب لمنعه من اتخاذ قرارات ضده، تتعلق بتورطه في قضية سقوط الموصل، مبينا أن الأيام القليلة المقبلة ستكشف عن بروز انقسام داخل حزب الدعوة يحسم في اختيار القيادي علي الأديب أمينا عاما للحزب". مواصلة الإصلاحات بدوره، يرى الكاتب السياسي عمار السواد، أن عودة المالكي بداية اندلاع صراع بين القوى السياسية الشيعية، وقال "المالكي يحاول إيقاف إجراءات إحالته إلى القضاء بشتى الوسائل، ومنها إثارة صراع بين القوى الشيعية المنضوية داخل التحالف الوطني الذي يقود الحكومة الحالية، لاسيما أنه مازال يحتفظ بأغلبية عددية داخل التحالف، فضلا عن إثارة ملفات فساد ضد قيادات سياسية تنتمي للتحالف، كانت مشاركة في حكومته السابقة، مشيرا إلى أن استمرار التظاهرات الاحتجاجية سوف يحبط آمال المالكي في استعادة حضوره في المشهد السياسي. في غضون ذلك، أعلن العبادي أمس إجراء خفض كبير في عدد أفراد حماية المسؤولين العراقيين، يصل إلى 90%، في خطوة تأتي ضمن حزمة إصلاحات لمكافحة الفساد، بحسب بيان لمكتبه، قال إن رئيس الوزراء اتخذ قراراً بإجراء تخفيضات كبيرة في أعداد الحماية الشخصية للمسؤولين والرئاسات وغيرهم. وأوضح سعد الحديثي، المتحدث باسم رئيس الوزراء أن القرار سيجعل أكثر من 20 ألف عنصر أمني، تتجاوز رواتبهم 250 مليار دينار سنويا "208 ملايين دولار"، يعادون إلى خدمة المؤسسة العسكرية والأمنية، مشيرا إلى أن هذه المبالغ كانت تصرف لحماية بضع شخصيات من خلال رواتب عناصر الحماية، وسوف تعود إلى الموازنة من خلال جهدهم القتالي ودورهم في المؤسسة العسكرية والأمنية، ودورهم في حفظ الأمن والقيام بالعمليات المنوطة بهم على المستوى العسكري.