وصف الكاتب الروائي مقبول العلوي الحركة النقدية بأنها أصيبت بأمراض الثقافة المزمنة، وأنها أصبحت نخبوية تخضع للعلاقات الشخصية التي نمت في دهاليز الشللية، على حد قوله. ويقف الروائي الفائز هذا العام بجائزة وزارة الثقافة والإعلام لأفضل كتاب عن روايته "زرياب"، حائراً إزاء سؤال عن أصداء فوزه بالجائزة، ويقول ل"الوطن" بعد تردد "لا أدري كيف أجيب عن هذا السؤال، حقيقة لا أعلم ما إن كانت هناك أصداء لهذا الفوز أم لا.. تلقيت الخبر عبر اتصال هاتفي من مدير إدارة المكتبات العامة بوزارة الثقافة والإعلام عبدالله الكناني، وحقيقة شعرت بمشاعر مختلطة لأسباب عدة من أهمها أنني لم أكن أتوقع الفوز، وشعرت أيضا أنني حصلت على جائزة مهمة لها وزنها الكبير في المحيط الثقافي المحلي، شعور كبير بالمسؤولية". وتأتي "زرياب" تجربة رابعة في كتابة الرواية لمقبول القاطن في محافظة القنفذةجنوبمكةالمكرمة بنحو 250 كم، بعد أن استهل مشواره الروائي قبل حوالي سبع سنوات برواية "فتنة جدة"، التي اتبعها برواية "سنوات الحب والخطيئة"، ثم رواية (خرائط المدن الغاوية). وعن روايته، يقول "رواية زرياب تتحدث عن شخصية هامة في التاريخ الإسلامي، وهي شخصية المغني الشهير زرياب، هذا الرجل الذي أحدث ثورة كبيرة في عالم الغناء وفي كيفية الاستمتاع بمباهج الحياة، هذه الشخصية في أول ظهور حقيقي لها تعرضت للإقصاء فالتهديد بالقتل، ثم النفي القسري إلى بلاد الأندلس حيث وجد هناك التربة الصالحة للإبداع فأبدع". "فتنة جدة" رواية مقبول الأولى، قدمته للمشهد الإبداعي، وعن تلك البداية، ومسيرة التراكم بعدها، قال "الكتابة عملية تراكمية بالأساس، فتجربتك الأولى تختلف جذريا عما يليها في كتابة الرواية في أول الأمر تشعر بالارتباك وتخاف من الإخفاق، فإذا نجحت تقع عليك مسؤولية تجاوز العمل الأول الناجح، فتطور نفسك، وتطلع على تجارب الآخرين، وتحاول تلافي أخطاء العمل الأول، وهكذا". ويذكر أن الروائي طاهر الزهراني أثار عشية إعلان فوز مقبول بجائزة الرواية في موقع فيسبوك ما سماه تجاهل النقاد لعمل مقبول، فهل كان مقبول معنياً بهذه المسألة؟. هنا يطلق مقبول آهاته موضحا "طاهر الزهراني إنسان نبيل بطبعه، ودائماً ما يحدثني عن إهمال النقاد لأعمال الشباب المبتدئين وهو معه حق.. يمكن القول إن النقد قد أصيب بأمراض الثقافة المزمنة فأصبح نخبويا يهم فئة دون أخرى، أو أنه يخضع لعملية المعرفة الشخصية فيضيع في دهاليز الشللية". ويشدد مقبول على أنه لا ينتظر من النقد شيئا، متابعا "كنت أعول كثيرا على النقد، لكنني وجدت تجاهلا تاما كما حدث لكثيرين من روائيين مشهود لهم بالتمكن، فهل سيلتفتون لكاتب ظهر حديثا على الساحة!، أي كاتب يعول على القارئ فكل شيء يؤول له في نهاية الأمر، القراء هم الكنز الحقيقي لي ككاتب، يكفيك قلة تتابع أعمالك بشغف وتناقشك فيها، هذه هي المتعة الحقيقية التي ينتظرها الكاتب. بعض الروائيين متذمرين من النقاد.. الحركة الإبداعية تتقدم بقفزات هائلة، لكن النقد ما يزال يراوح مكانه، هناك نقاد مشغولون بنظريات نقدية عفا عليها الزمن، تلوكها ألسنتهم في كل ملتقى ثقافي، لكنها لم تعد تجدي الآن، هناك فجوة كبيرة حفرها الإهمال والتجاهل وكل يوم تتسع هذه الهوة". وتمسك مقبول بالأمل، وقال ل"الوطن" "رغم كل ذلك لن نتوقف ككتاب، حتى الجائزة لن تؤثر بي إلا بما هو إيجابي لإكمال مشروع الروائي، فقد وقعت عقدا مع دار الساقي لنشر عمل جديد بعنوان (البدوي الصغير) سيصدر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بإذن الله". مقبول الذي عاد سريعا من الرياض إلى مدينته القنفذة، بعد أن حضر حفل تكريمه مع الفائزين بجائزة أفضل عشرة كتب هذا العام، بقيت في ذاكرته صورة المعرض مسترجعا إياها "المعرض كما هو في السنوات الماضية، ما يزال الزحام على أشده، ودور النشر تزداد عاما بعد عام، فمعرض الرياض يعد أحد أهم أربع معارض للكتاب في العالم العربي، وهنا لابد أن أقدم نداء عبر "الوطن" لإعادة معرض جدة للكتاب، وحتما سيكون ناجحا كما هو الحال في معرض الرياض، ونتمنى أن تفعل وزارة الثقافة والإعلام هذه الخطوة التي ينتظرها سكان المنطقة الغربية ذات الكثافة السكانية العالية".