وفي حين يطغى البعد الروحي الصرف على أكثر من نص في مجموعة "الألواح " للشاعر عبدالله ناجي: نشيد الابتداء تكوين رذاذ كوني تمثيلا لا حصرا.. ويشيع في المجوعة عدد لا باس به من الألفاظ المحيلة إلى عوالم الروحي والمقدس: قناديل أوطان خضر مزامير موسى سيناء كأس مقدسة ناموس صحف قداس قس.. إلخ! في حين يطغى هذا البعد على بعض نصوص المجموعة، نجد نصوصا أخرى مكرسة للمزج ما بين الروحي والمادي / الجسدي: الملهاة أحدوثة الوقت إغواء / تمثيلا لا حصرا.. كما نجد مجموعة ثالثة من النصوص تكتفي بالحديث عن المادي الجسدي في إطار تعينه على الأرض، دون أن تحاول التسامي به فوق لحظته وشهواته ورغباته الدنيوية الحافلة: قبلة السقوط إلى ذروة المشتهى مدن النسوة / تمثيلا.. وفيها تشيع مفردات من مثل: رعشة رشفة شهوة واشتهاء شفاه أحشاء، وغيرها.. ويفتتح الشاعر المجموعة بجملة مدخلية إن جاز الوصف، تستبطن روح التجربة وتلخص محتواها حيث يقول: إن اكتمالكَ بي هو احتمال لأكثر من حياة يتبعها بمفتتح آخر يقول: وتلك قيامتي التي لن تقوم حتى تزاحَ عن ألواحي لفائف التأويل، بما يمهد للدخول في لعبة الألواح = الكنز الروحي المعثور عليه والمحتاج إلى القراءة والتأويل بغية الكشف عن حقيقته والوصول إلى أسراره الخفية والغامضة.. ثم يلي ذلك اللوح الأول / نشيد الابتداء، الذي يحوي تمجيدا للذات الإلهية في نفس صوفي صادق ومتوهج: سأمجدكَ يا إلهي... أنتَ بدء البدء والنهاية التي ليس وراءها نهاية ثم يليها اللوح الثاني بعنوان تكوين ومما يرد فيه:.. وفي البدء كان النورُ كنتُ بهاءه / درجتُ على أعتابه وربيتُ! ثم يلي ذلك بقية الألواح: اكتمالات الماء رذاذ كوني الملهاة نشيد الألواح أحدوثة الوقت مدن النسوة أنا جسد كائن منفي صلاة الأم سماء هانئة قداس غيوم مغتربة إغواء قبلة السقوط إلى ذروة المشتهى اللاشيء.. / لتتضافر هذه الألواح جميعا في نسج تجربة الذات الشاعرة عبر سفرها المتواصل في فضاءات الروحي المحض، والروحي الجسدي، والجسدي الخالص.. في سعيها إلى الاكتمال المنشود وبحثها عن الفناء الذي هو سبيل إلى البقاء.. بقدر ما هو سبيل إلى تحقيق تجربة الذات الشاعرة في فضاء الوجود بما يخلصها من التشظي والتحير.. ويغمرها بمياه البهجة واليقين! * شاعر سعودي