حذرت ناشطة اجتماعية سعودية من النتائج السلبية للعلاقات الاجتماعية مع الآخرين، في ظل اكتفاء البعض بالتواصل مع الآخرين وتهنئتهم بالعيد، عبررسائل الهاتف الجوال التي زاد تبادلها في الأيام الأخيرة، وتستمر خلال أيام عيد الفطر المبارك، مشيرة إلى أن تلك الرسائل لا تطفئ ظمأ الحب وحميمية لقاء الوالدين والأهل والأقارب، بل تقتل فرحة المناسبة. وعلى الجانب الآخر يؤيد البعض استخدام هذه الرسائل في التهنئة بالعيد، بدعوى أنها توفر الوقت والمال والجهد، ويعترفون أن هذه الرسائل قد تتسم بالبرودة، منتقدين في الوقت نفسه ظاهرة إعادة إرسال الرسائل الجاهزة المهممة، مطالبين بأن تكون الرسالة شخصية مكتوبة خصيصا للمرسل إليه.. بداية وصفت الناشطة الاجتماعية الدكتورة نوف علي المطيري في تصريح إلى "الوطن" الاعتماد على تلك الرسائل كوسيلة بديلة للتواصل بأنه سلوك أناني يأتي من باب الكسل ويذيب العادات والتقاليد، مشيرة إلى أن تلك التقنية جاءت لتسهيل الحياة، وليس لتكون بديلاً عن أمور مهمة في حياتنا كالتواصل الإنساني. وتخوفت الدكتورة المطيري من أن يرقى هذا السلوك إلى درجة قطيعة الرحم وجمود العلاقات، خصوصاً أن البعض لا يرى أقاربه لعدة أشهر، وقالت إن "الرسالة النصية" لا تحل محل الزيارة المنزلية أو التصافح أو اللقاء وجهاً لوجه، وأن التواصل يعود على النفس وعلى العلاقات بالآخرين بفوائد إيجابية جمة. ورأت الدكتورة المطيري أن تلك الرسائل ربما تُغيب بعض مظاهر العيد كما في الماضي وتقلل الزيارات، وقد تنعدم وتتضاءل بعدما باتت مقتصرة على نطاق الأسرة فقط، ولم تعد كما كان باجتماع أفراد العائلة والأعمام والأخوال والجيران وإقامة الموائد الجماعية. ونوهت المطيري إلى أن هناك من يعتبر إرسال رسالة تهنئة بالجوال وسيلة سريعة للقيام بمهمة رفع عتب التواصل مع الآخرين، إذ بات الأمر يقتصر على كتابة رسالة واحدة لترسل في ثانية لمن هم في قائمة الهاتف الجوال، يعتقد بعدها المرسل أنه قام بتأدية الواجب الاجتماعي تجاههم، مشيرة إلى أن ذلك لا يغني عن التواصل الملموس، وصلة الأرحام، والمحافظة على العادات والتقاليد الجميلة التي تعزز العلاقات، وتسهم في خلق جو من الألفة والود. وتابعت المطيري أن العلاقات أصبحت خاضعة لمزاجية غريبة، إذ يصنف البعض معارفهم، ويضع أفراد عائلته وأصدقاءه في مرتبة واحدة ، "فهناك من يستحق أن يزوره، وهناك من يكتفي بأن يرسل إليه رسالة جماعية تحمل العبارات ذاتها التي يستقبلها العشرات في قائمة الهاتف. وأبانت الناشطة الاجتماعية أن التواصل مع أفراد الأسرة أو الجيران والأصدقاء في الماضي كان يتم طوال السنة في المناسبات وبدونها، إلا أن البعض هجر والديه وأقرباءه في الوقت الحالي، ولم يعد يذكر حق الأقارب والجيران والأصدقاء، ولا يهتم بتلبية دعوات المناسبات التي تعتبر وسيلة مهمة في الصفح، وإعادة دفء التواصل وترك الخلافات جانبا. وعلى الجانب الآخر يؤيد البعض استخدام الرسائل النصية عبر الجوال في التهنئة بالعيد، ويرون أن تبادل "مسجات" التهنئة بالعيد أفضل حالا من الاتصال الهاتفي، كونه يوفر الوقت والجهد والمال، حيث تكثر رسائل التهاني بعبارات وأشكال مختلفة، وقد ترسل للعديد من الأهل والأقارب والأصدقاء في آن واحد. ويعترف المؤيدون أن مثل هذه الرسائل المتبادلة يتوشحها البرود، لأن الغالبية العظمى منها لم يكتب من قبل مرسليها مباشرة، بل كانت رسائل تم استقبالها من قبل، ويتم إرسالها من باب"رفع العتب" ، ولتجنب هذه السلبية يرون أن الأفضل لأولئك الأشخاص إرسال الرسائل بأنفسهم، حتى ولو كانت قصيرة العبارة ، المهم أن تحمل بين طياتها طابعاحميميا بين من يرسلها ومن يستقبلها. تقول أكاديمية الإرشاد النفسي مريم العنزي "العبارات المباشرة في رسائل التهنئة، والتي يكتبها المرسل لتهنئة صديق أو قريب تظل أصدق وأعمق من تلك الرسائل التقليدية الروتينية المعاد إرسالها، حتى ولو كانت بسيطة خالية من الزخرفة والبهرجة" مشيرة إلى أنه يلاحظ في رسائل التهنئة بالعيد نقص التفاعل وانعدام الحميمية فيها. ومن جانب آخر تقول نوف الحبلاني "رسائل التهنئة المعادة يلجأ إليها الكثير من المهنئين اختصارا للوقت، وتجنبا للبحث عن مفردات تليق بالشخص المرسلة إليه، ولكن برأيي الشخصي أن استخدام هذه الرسائل بصفة عامة في التهنئة كذب على المشاعر، وخروج على عاداتنا وتقاليدنا، فمن يريد تقديم التهنئة بحق فليكتب رسالته ولايلجأ لإعادة رسائل في صندوق الوارد عنده ، حتى لايتحول الأمر إلى الكذب والاستخفاف بالمشاعر من خلال الرسائل النصية الموحدة التي قد تصل إلى أكثر من شخص في آن واحد". ومن المواقف الطريفة ماذكرته أم فواز حيث تقول "وصلتني رسالة من صديقة لي تهنئني بالعيد، وكنت استمتع بقراءتها وأنا أتنقل بين سطورها والمعاني التي تحملها، إلى أن فقت من الاستمتاع في آخر الرسالة حين قرأت اسم من أرسلها في آخر النص ، حينها تأكدت بأن الرسالة تمت إعادتها لي ، ودهشت لأمر صديقتي التي لم تكلف نفسها حتى بمسح الاسم الآخر منها، ومن ثم أعادت ارسالها لي كما هي". أما نورة الدوسري فتؤكد أن الرسائل التي تمتلئ بها هواتفنا النقالة كاللعبة التي لاتطبق سوى على شاشة الجوال، وهي لا تؤثر بالمشاعر "، مشيرة إلى أنها تؤيد التواصل المباشر والتهنئة الشخصية عن طريق المقابلة الشخصية أو المكالمة الهاتفية. وتتساءل نورة "ما الضير لو أن المرسل كتب رسالة التهنئة بنفسة، وعبر بها عن مشاعر صادقة دون اعتبار لطول الرسالة أو زخرفتها".