ارتبط شهر رمضان بالتخفيضات في كل الاتجاهات، حيث يسعى بعض التجّار إلى تقديم عروض مغرية للمستهلكين في هذا الشهر وقبل بدايته إدراكا منه بأن الجميع متجه إلى الأسواق ومستعد لدفع مبالغ كبيرة في هذا الشهر، الأمر الذي أحدث ارتباكا في الأسعار ما بين خفض ورفع بعيدا عن الأسعار المتزنة. وبحسب ما رصدت "الوطن" في جولة على بعض من مناطق ومدن المملكة كشفت عن ارتفاع كبير في الأسعار وصل إلى 40% في مواد أساسية مما دعا المستهلكين إلى مطالبة وزارة التجارة والصناعة بمحاسبة بعض التجار الذين يستغلون الشهر من أجل رفع الأسعار وفي الوقت ذاته يعلنون عن خفضهم لتلك الأسعار بيد أن التخفيضات لا تتخطى كونها حبرا على ورق. وفي الرياض شهدت الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً شمل عددا من السلع لا سيما الخضروات والفواكة، حيث وصل الارتفاع إلى 30% بحسب متعاملين في تلك الأسواق، من بينها الطماطم، والليمون، في الدمام أيضا لوحظ ارتفاع في أسعار اللحوم. استغلال دائم وفي مكةالمكرمة، بدأت المراكز والمحال التسويقية سباقا مع الزمن بإضافتها تسعيرات جديدة لذات البضائع التي تعمل على تسويقها طيلة الأشهر الماضية في محاولة للتكسب من الشهر الفضيل لاستثمار الإقبال المتزايد من المستهلكين واستغلال ذلك برفع الأسعار. "الوطن" وقفت على آراء العمالة في تلك المحلات واستمعت في الوقت نفسه لمستهلكين أملا في تحرك جهات الاختصاص. وعزا أحد الباعة جشيم عبدالحق، الزيادات إلى طابع الخصوصية في رمضان الذي يكثر فيه احتياج المستهلك، وأن تلك الزيادات تعد بسيطة، إذ إنها لا تزيد على بضعة ريالات، فيما يرى نظير له آخر وهو مبارك الرحمن، الذي يعمل محاسباً بمركز للمواد الغذائية أن أصحاب الأعمال يحرصون على استثمار رمضان بما يتوافق مع رفع إيجارات محلاتهم المستأجرة، حيث يتم من قبل ملاك المباني بزيادة الإيجار في المواسم السنوية. فيما قال المواطن صالح العتيبي، إنه ينفق في رمضان أضعاف ما ينفقه في الأشهر الأخرى بسبب جشع بعض التجار، مطالباً في الوقت نفسه مضاعفة وزارة التجارة جولاتها التفتيشية طيلة الشهر الفضيل وحماية المستهلك من استغلال حاجاتهم برفع التجار أسعار مبيعاتهم. أسعار باهظة يستعد المواطنون في المناطق الشمالية وهي مثال ينسحب على باقي مناطق المملكة، لاستقبال رمضان، بالتزاحم الملاحظ في الطرقات المؤدية للمجمعات والأسواق التجارية وفي مواقف تلك المجمعات أيضا، حيث شهدت إقبالا كثيفا خلال الأيام الماضية ومتوقع أن تستمر حتى منتصف الشهر. "الوطن" جالت في عرعر والتقت مواطنين، حيث قال أبو حمود إنه قام بشراء جميع مستلزمات أسرته لشهر رمضان من مواد غذائية وأوان منزلية، مؤكداً أنها في ارتفاع مستمر عن الأعوام السابقة إشارة إلى الأسعار، مضيفاً أن هناك بعض المستلزمات الخاصة بالطبخ إن لم يكن كلها زاد سعره، فبعض المهم منها قد ارتفع فالتي كانت ب10 ريالات قفزت إلى أكثر من 20 ريالا. فيما قال محاسب في سوبر ماركت واسمه أكرم، عن تذمر المواطنين من ارتفاع الأسعار نحن نشتريها من الشركات الموردة بقيمة مرتفعة ولهذا السبب نحن نبيعها بسعر يكون مناسبا لنا، فنحن أيضاء علينا التزامات إيجار وفواتير كهرباء وغيره، وسوف يكون هناك فرق كبير في أسعار السلع الخاصة برمضان هذه السنة فهي في ارتفاع. نحن موجودون وكان وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة قد قال في تصريحات صحفية مؤخرا: "نحن موجودون بالأسواق للتأكد من وجود السلعة بأسعار مناسبة وعادلة"، مضيفا أنهم حريصون جداً بالوزارة على متابعة الأسواق في المواسم ومنها رمضان. فيما يتطلع المواطنون إلى تلك الوعود على أرض الواقع وهم يهمون بالذهاب إلى المتاجر، لا سيما بعد أن أعطت وزارة التجارة والصناعة ثقة لدى المستهلك بدورها في فرض الرقابة على السوق إلا أنهم ما زالوا يشهدون ذات الأحداث تتكرر في كل شهر رمضان من كل عام. غلاء التمور في المدينةالمنورة إحدى مناطق المملكة الغنية بالتمور سجلت أسعار الرطب وهي الثمرة التي اعتاد الصائمون الإفطار عليها في كل يوم، خاصة الروثانة ارتفاعا ملحوظا هذه الأيام، حيث وصل سعر الصندوق الواحد منها إلى 50 ريالا بسبب قرب دخول رمضان المبارك، إذ بدأت أسواق المدينة في استقبال إنتاج مزارع النخيل من الرطب، التي صادف موسمها هذا العام قرب دخول شهر رمضان مما قد يسهم في زيادة الطلب على شراء الرطب التي تشتهر بها المنطقة، ومنها الروثانة والبياض. وطالب عدد من المزارعين باحتواء أزمة العمالة وتدارك المشكلة بأقرب وقت ممكن وأن مغادرة العمالة المخالفة سيتسبب بأزمة في إنتاجية التمور، وأن وجود العمالة الموسمية يشكل حلاًّ جزئيا للمشكلة. وأوضح المزارع فيصل العوفي أن أسواق المدينة استقبلت من الرطب الروثانة، والربيعة والبياض وقليل من العجوة، مشيرا إلى أنه في الأسابيع المقبلة ستكون متوافرة بكثرة بإذن الله نظرا لارتفاع درجات الحرارة المستمر. وقال العوفي "الأسعار هذه الأيام مرتفعة لزيادة الطلب وهو ما يدفع المزارعين إلى إخراج أكبر كمية من الرطب إلى الأسواق لبيعها، بالإضافة إلى تسجيل سعر روثانة المدينةالمنورة إلى 50 ريالا للصندوق الواحد. من جهته، أوضح عضو مجلس الجمعية التعاونية الزراعية بالمدينةالمنورة حامد الفريدي ل"الوطن"، أن ارتفاع درجات الحرارة خلال الفترة الأخيرة أسهم في نضوج عدد من أصناف التمور مبكرا، مبينا أن المزارع يتابع مزرعته بنفسه ويتقيد بالإرشادات الزراعية واستخدام المبيدات قبل فترة التحريم التي تسهم في الحفاظ على التمور، وتمنع إصابة النخيل بالأمراض التي ينتج عنها تلف للمحاصيل. وبين الفريدي أن أسعار التمور كان متوقع لها أن تصل إلى أعلى مما وصلت إليه الآن، مرجحا أن ترتفع الأسعار مع دخول رمضان كونه موسما رئيسا للبيع. وخص الفريدي الحرم النبوي بالذكر، مبينا أنه يستهلك نحو 20 طنا يوميا من الرطب والتمور في الإفطار خلال رمضان، وقال: إن الحرم النبوي يستقبل 10 آلاف صندوق قبيل الإفطار يوميا تحوي في المتوسط 1.5 مليون حبة رطب. من جهته، بين رئيس الجمعية التعاونية الزراعية المتعددة الأغراض بالمدينةالمنورة المهندس حمود عليثة، أن الوزارة ستعمل على برنامج إرشادي لكيفية تسويق الرطب على مناطق المملكة تفاديا لتكرار الخطأ العام الماضي، وأن منطقة المدينةالمنورة تعد أكبر نافذة لتصدير التمور وذلك من خلال تدفق الزوار والمعتمرين على مدار العام بما قيمته مليار وربع المليار ريال على أقل تقدير5 كجم للحاج الواحد. زحام وتدافع من جهته، أكد رئيس جمعية حماية المستلهلك الدكتور ناصر آل تويم ل"الوطن" أن كثيرا من السلع الرمضانية ليست مطلوبة بشكل كبير على مدار السنة، وذلك يفوت الفرصة على التجار، وبالتالي يجعلهم ينتظرون شهر رمضان لكي يتم استغلال الزحام والتدافع، وهذا يجعلهم يستفيدون لعدم قدرة المستهلك على قراءة الإستيكرات الموجودة على المنتج؛ بل إن بعض التجار يحاولون إخراج السلع الموجودة في المخازن منذ فترات طويلة وهذه سياسة منهم لتنظيف المخازن. وذكر آل تويم أن الحل بيد المستهلك فهو يملك السلاح لكي يفوت الفرصة على التاجر بعدم الاندفاع بسرعة جنونية إلى المتاجر لشراء المنتجات الرمضانية، والدليل على ذلك أن العام الماضي نسبة شراء المواطنين للسلع الرمضانية وصلت إلى 20 مليارا، بينما الشهور الأخرى تصل إلى 7 مليارات فقط، وهذه معادلة عجيبة تدل على إنفاق المواطنين من المال في هذا الشهر بدرجة كبيرة، وأكثر السلع لم تستهلك بل ترمى في النفايات كون الإنسان يكون صائما ويشتهي جميع المأكولات أثناء الشراء ولكن عند الإفطار لا يستطيع أن يأكل كل ما هو موجود على سفرة الطعام، ويسعدني أن أستغل هذه الفرصة لتوجيه كلمة للمواطنين عن كيفية تحويل شهر رمضان من شهر للطعام إلى الصيام، والأرقام تتحدث عن ذلك والإسراف يؤدي إلى الجفاف ويمحق المعاش، ولا ننسى أن نسبة السمنة والأمراض الأخرى عالية جداً في المملكة.