فيما صادقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، أمس، على التحقيقات التي انفردت بنشرها "الوطن" في سبتمبر وأكتوبر المنصرمين عن تجاوزات ب"الجملة" في مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض، كشف نائب رئيس الهيئة الدكتور عبدالله العبدالقادر للصحيفة، عن تلقي هيئته "6 آلاف بلاغ فساد بجهات عدة، خلال العام المنصرم فقط"، مستدركا "بعضها كان خارج اختصاصنا". من جهته، صرح مصدر مسؤول في "نزاهة" عبر بيان صدر أمس، بأن "الهيئة تابعت ما تناقلته وسائل الإعلام حول أوضاع المجمع، وآخرها ما نشر على لسان المدير التنفيذي للمجمع بأن جهات رقابية عدة، وقفت على المجمع ولم ترصد أي تجاوزات". وعلقت "نزاهة" في البيان، بأن ما يهمها هو توضيح الحقيقة عن المجمع الذي تبين وجود الكثير من المخالفات فيه، بما يرقى إلى شبهة فساد، تتمثل في سوء الاستعمال الإداري، واستغلال النفوذ الوظيفي، وتبديد الأموال العامة، والقصور في تقديم الخدمات للمرضى، والمحاباة في التنويم، إضافة إلى شبه فساد أخرى، جميعها تمت إحالتها إلى جهات التحقيق. صادقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" على انفراد "الوطن" عبر سلسلة تقارير نشرتها الصحيفة خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين حول وجود تجاوزات في مجمع الأمل للصحة النفسية بمدينة الرياض، الأمر الذي دفع "نزاهة" إلى تنفيذ زيارات ميدانية حينها لرصد المخالفات، في وقت رفعت فيه "الهيئة" ملاحظات ترقى لشبهة "الفساد" -حسب وصفها- ل3 جهات للتحقيق مع المخالفين فيها وتطبيق النظام بحقهم. وفيما أكد مصدر مسؤول في "نزاهة" ل"الوطن"، أن الهيئة أحالت ما وقفت عليه من شبهة الفساد والتجاوزات والمخالفات المالية والإدارية إلى الجهات المختصة بالتحقيق، أصدرت الهيئة أمس بيانا صحفيا أوضحت فيه أنه تبين لها أثناء تفحصها ومراجعتها للخدمات التي يقدمها المجمع، بعد وقوف فريق متخصص منها على الوضع، ومقابلة المسؤولين والحصول على المعلومات، وجود الكثير من المخالفات والتجاوزات وأوجه التقصير والإهمال، وهو ما يرقى إلى شبهة "فساد"، تتمثل في سوء الاستعمال الإداري، واستغلال النفوذ الوظيفي، وتبديد الأموال العامة، وسوء استخدام الممتلكات الحكومية. وأضاف المصدر أن المخالفات والتجاوزات أحيل بعضها إلى هيئة الرقابة والتحقيق، ومنها ما أحيل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وبعضها أحيل إلى وزير الصحة، بطلب التحقيق مع من تثبت مخالفتهم وتجاوزاتهم وتطبيق العقوبات النظامية بحقهم، مشيرا إلى أن الهيئة تابعت ما تناقلته وسائل الإعلام حول أوضاع مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض، وآخرها ما نشر على لسان المدير التنفيذي للمجمع بأن عدة جهات رقابية ولجان من وزارة الصحة وإمارة العاصمة، وقفت على أحوال المجمع ولم ترصد أي تجاوزات أو محاباة في التعامل مع المرضى. وأشار البيان الصادر عن "نزاهة" إلى أن إدارة المجمع قالت إنها فعلت برنامج خدمة المرضى في منازلهم نظراً لعدم توفر العدد الكافي من الأسرة للمرضى، وأنه يتم فرز المرضى في قسم الإسعاف والطوارئ مما قلص مدة انتظار المرضى إلى أقل من نصف ساعة، إذ إن الوقت الذي يستغرقه المريض للحصول على نتيجة التحاليل في القسم لا يتجاوز 40 دقيقة تقريباً. وأضافت الهيئة في بيانها، إلى رصد قصور في تقديم الخدمات للمرضى، تمثل في نقص بعض الأدوية المهمة، وتعطل بعض الأجهزة الطبية، وعدم وجود أماكن مخصصة لزيارة أُسر مرضى الإدمان لمرضاهم، ووجود تجاوزات ومحاباة في تنويم المرضى، وقيام بعض الأطباء الاستشاريين بالعمل في عيادات خاصة في الفترة المسائية، وتسيب من قبل بعض الموظفين وبخاصة رؤساء الأقسام ومديري الإدارات، وعدم قيامهم بإثبات حضورهم وانصرافهم، كما تبين لها استفادة بعض الموظفين من مؤهلات وخبرات غير صحيحة لغرض الترقية والتسكين على وظائف أعلى من التي يستحقونها، وتكليف متعاقدين غير سعوديين على وظائف إدارية وقيادية رغم وجود الكفاءات الوطنية التي تملك التخصصات ذاتها، إلى جانب تكليف المعينين على لائحة الوظائف الصحية بأعمال إدارية. ورصدت "نزاهة" -وفق البيان- إساءة استخدام السيارات الحكومية في التنقلات الشخصية وبقائها لدى بعض الموظفين، وحصولهم في ذات الوقت على بدل الانتقال الشهري وهم لا يستحقونه، والتحاق بعض الموظفين بالدراسة في بعض الجامعات، دون الحصول على الموافقة من جهة عملهم، واستغلال بعض المسؤولين في وزارة الصحة نفوذهم في السكن داخل مساكن المجمع والتعديل في تصاميمها لتلبية احتياجاتهم. كما أكد البيان على أن الفريق المكلف برصد التجاوزات اكتشف عدم تفعيل نظام إنذار الحريق وكواشف الدخان وأجراس الإنذار، ونظام إطفاء الحريق والرش الآلي، وأن هناك تدنِيا في مستوى الصيانة والنظافة في المجمع، إضافة إلى أنه وضعه بشكل عام لا يساعد في توفير الرعاية المطلوبة المستحقة للمرضى، وهو ما يكفي لإثبات عدم صحة ما ذكره المدير التنفيذي للمجمع. وشددت الهيئة في بيانها على ضرورة العمل عاجلاً لتصحيح أوضاع المجمع بما يكفل تقديم رعاية طبية وخدمات أفضل للمواطنين، تطبيقاً للأمر السامي القاضي بالحرص على تقديم الخدمات بأفضل مستوى، مؤكدة أن المجمع لا يؤدي وظيفته على الوجه المطلوب بسبب سوء الإدارة، ومظاهر الفساد والإهمال والتسيب التي رصدتها. إلى ذلك، كشف نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" الدكتور عبدالله العبدالقادر ل"الوطن" أمس، أن "الهيئة" تلقت خلال العام الماضي 6 آلاف بلاغ عن وجود فساد في جهات عدة، لافتاً إلى أن بعض البلاغات كانت خارج اختصاص الهيئة. وأوضح العبدالقادر، أن "نزاهة" تتلقى البلاغات عبر قنوات عدة تتمثل في: الموقع الإلكتروني، والهاتف والفاكس، والبريد الإلكتروني، إضافة إلى الحضور لمقر الهيئة. وحول قضية مجمع الأمل، أكد نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أن أي خلل إداري موجود في أي جهة حكومية وصل عنه بلاغ للهيئة، فإنها تتعامل معه بموجب أنظمتها، مضيفاً "عندما نتحقق من وجود فساد نتواصل مع الجهات المختصة وإذا احتاج الأمر لإصدار البيان سنعمل على ذلك". .. و"المجمع" : نرفض التشكيك والتحقيقات "مخترقة" الرياض: معيض الرفدي أكد مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض في بيان أصدره أمس، أنه يحترم عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" ويرحب بأي تحقيق من أي جهة مختصة ومحايدة حول ما ذكره بيانها حول المجمع، مؤكداً في الوقت نفسه أن أعماله تقوم على الشفافية والوضوح وأنه يعمل بكل صلاحياته وإمكانياته المتاحة لتقديم أفضل الخدمات للمرضى. وأوضح المجمع أنه يرفض التشكيك في اللجان التي شكلت من عدة جهات محايدة ومنها إمارة منطقة الرياض وهيئة الرقابة والتحقيق واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي أكدت عبر 11 محضر وتقرير أن مجمع الأمل يعمل بشكل جيد، وأن ما يثار حوله بالصحافة مجرد تهويل من موظفين مقصرين. وأشار المجمع إلى أنه نسق مع هيئة مكافحة الفساد أكثر من مرة بشأن أحد موظفي اللجنة المشكلة من قبلهم يعمل بأسلوب غير مناسب ويتبنى رأي أحد الموظفين المقصرين، كما أن المجمع خاطب "نزاهة" رسميا بتاريخ 10 جمادى الأولى 1435، ونبهها إلى أنه يتخوف من أن تحقيقاتها مخترقه وبالأدلة التي من أهمها أن نتائج اللجنة نشرت في أحد معرفات تويتر الذي يقوم عليه بعض الموظفين المقصرين قبل أن ترسله "نزاهة" لوسائل الإعلام بشهر كامل. ورأى المجمع أن القضايا التي تطرق لها البيان في كثير منها ليست من اختصاص المجمع ومن ذلك الحديث عن نقص الأدوية وهي التي يتم توفيرها من التموين الطبي بالوزارة ولم يسبق أن حدث نقص في أحد الأدوية إلاّ تم توفير البديل المناسب له، وأيضاً عمل بعض الأطباء خارج أوقات الدوام في عيادات خاصة وهو الأمر الذي يعاني منه المجمع وليس من صلاحياته متابعتهم ويناشد الجهات المختصة لمتابعتهم، إذ إن الكثير من المشاكل الداخلية التي يعاني منها سببها بعض الموظفين العاملين في عيادات خاصة الذين يسعون لتشويه سمعة المجمع والتسويق لعياداتهم الخاصة، وخاطب المجمع الكثير من الجهات المعنية لمنعهم من ذلك. وعن سوء الصيانة والنظافة فإن المجمع ليس من اختصاصه توقيع العقود والمناقصات مع الشركات المشغلة، ويقوم بمتابعتها وتلافي أي ملاحظات وتطبيق أنظمة العقود عليها بكل صرامة ولم يصل مستوى النظافة إلى سيئ في أي وقت في المجمع. وبشأن المحاباة في تنويم المرضى، أكد المجمع أن التنويم يأتي بناء على الرأي الطبي في المقام الأول، كما أنه لا يوجد في المجمع حالياً أي أجهزة طبية لا تعمل وأن علاجه للمرضى يستند غالباً على التدخلات النفسية والاجتماعية والإرشادية والدوائية، وبشأن أماكن الزيارة وعدم تهيئتها للزوار فهناك بدائل تناسب شروط الزيارة التي من أهمها أن تكون الزيارة في مكان مفتوح وخارج قسم التنويم حفاظاً على مصلحة المرضى وتحقيقاً للضبط الأمني بعدم إدخال ممنوعات للمرضى. وأكد البيان، أن جميع العاملين في مجمع الأمل، يرحبون بأي تحقيق في ذلك وواثقون بعملهم الذي لن تشوبه شائبة الفساد، مع تأكيد المجمع على سعيه لخدمة المرضى النفسيين وتجاوز العقبات التي تواجهه وتجاوزه للمعاناة التي يعانيها مع المرضى في سبيل توفير بيئة علاجية مناسبة له، وتقديم التوعية والتثقيف والتأهيل والزيارات المنزلية للمرضى بهدف إكمال دوره المناط به.