المتأمل في السيّر الحضارية للشعوب، يدرك قيمة القطع والتحف والمشغولات التراثية، بل ويعرف جيدا أنها تمثل انعكاسا معنويا لقيم وعادات عريقة، ربما استوقفت شغف المهتم عبر خطوط متعرجة أخذ يتلمسها على إبريق عتيق أو لوحة قديمة. هو ذات الإحساس الجميل، الذي يتلمسه رجل التراث في أملج "عبدالمعطي السناني" كلما نفض الغبار عن تلك المحتويات التراثية التي يحتفظ بها في منزله، الذي حوله إلى متحف خاص، مقدما للمجتمع دورا فعالا من خلال مشاركاته في أغلب المناسبات التي تخص المحافظة. شغف السناني بالآثار جعله يخصص ثلثي منزله لعرض مقتنياته للزوار من داخل وخارج محافظة أملج، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن هيئة الآثار لم تخصص له مقراً كي يقوم بعرض محتويات متحفه. ودعا السناني هيئة السياحة والآثار إلى توفير متحف خاص له كي يقوم من خلاله بتقديم مقتنيات متحفه لجميع الزوار والمهتمين بالتراث، مبيناً أنه باجتهاده الشخصي استطاع أن يجمع أكثر من 700 قطعة أثرية، وفتح أبواب منزله لأهالي أملج وزوارها كي يعلم من يزور أملج تاريخها وعراقتها وأصالتها. "الوطن" التقت "السناني" في منزله فأشار إلى بدايات عشقه لهذه المهنة منذ 45 عاماً عبر جمع مقتنيات والديه- رحمهما الله- من الدلال والهدم، وكان لوالديه الفضل بعد الله في تشجيعه ومساعدته، موضحاً أنه في البداية كان يحمل هم جمع التراث والطلب من الناس وكبار السن إلى أن عرف الناس مع مرور الوقت حبه للتراث، وهو ما جعلهم يتفاعلون مع توجهه في حفظ هذا التراث عبر تزويده بمقتنياتهم الأثرية. وعن مشاركاته، أشار "السناني" إلى أنه تلقى دعوة من هيئة السياحة والآثار العام الماضي للمشاركة في أحد المعارض المقامة في العاصمة الرياض، التي شهدت حضوراً كثيفا من الزوار، الذين أشادوا بما حمله معرضه التراثي من مقتنيات قديمة، كما كان له حضور عبر معرض أقيم إبان زيارة خادم الحرمين الشريفين لمنطقة تبوك. وأضاف "جميع مقتناتي لها مكانة في نفسي لقيمتها المعنوية لدي، ولعل من النوادر في معرضي (صحفة) مصنوعة من الخشب عمرها 90 عاماً، وحرصي عليها مرتبط بجودتها لأنه لا يوجد في وقتنا الحاضر من يصنع مثل هذه المقتنيات القديمة"، موضحاً أن أقدم قطعه أثرية لديه يعود تاريخ صنعها إلى 185 عاما، وهي عبارة عن "صحن" من الفضة منقوش عليه تاريخ صنعه وصانعه. وقال إنه يحتفظ بأول علم رفع في إمارة أملج بمبناها القديم، حيث ذكر أن ناصر القوفي زوده به عندما علم أن لديه متحفا يجمع به التراث، وكان متحفه حينها عبارة عن "صندقة" من الخشب. وعن متحفه البحري، أوضح "السناني" أن أول من شجعه على الاهتمام بالموروث البحري هو أحمد أبو دواس، وقام حينها بتزويده بحيوان "البتان" محنطاً. كما ساعده أيضاً تعاون بحارة أملج القدامى معه، وتزويده ببعض القطع البحرية القديمة، مشيراً إلى أنه شارك بالمعرض البحري بأحد معارض التحليات المقام في جدة.