بدأ ت مراسم دفن رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر في الساعة ال11 من صباح اليوم بتوقيت جرينيتش في كاتدرائية القديس بولس بلندن في حضور 2300 مدعو في مقدمتهم الملكة اليزابيث الثانية. وقد وصل النعش الملفوف بالعلم البريطاني والمغطى بباقة من الزهور البيضاء على ركيزة مدفع قبل ان يحمله ثمانية عسكريين يمثلون مختلف اسلحة الجيش الى صحن الكنيسة. وبدأ اوائل المدعوين والكثير من الانصار وايضا المعارضين يستعدون في الصباح الباكر في لندن تحت مواكبة من الشرطة لمراسم دفن "السيدة الحديدية" التي تحظى بالاجلال وتثير في الوقت نفسه الجدل. وصرح رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون "انه تكريم يليق برئيس وزراء عظيم حظي باحترام حول العالم. واعتقد ان الدول الاخرى حول العالم ستظن ان بريطانيا العظمى تضل الطريق ان لم نواكب هذا الحدث كما ينبغي"، في كلام بدا دفاعيا. وتابع في مقابلة مع تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) التي ارتدى اغلب مذيعيها ملابس داكنة "كلنا نعيش في ظل مارغريت تاتشر". في الوقت نفسه وسط الحشد خلف الحواجز المعدنية ارتدت الطبيبة كايتي مكدونالد (30 عاما) ملابس الحداد على "ضحايا الثورة الليبرالية التاتشرية". وهي مصممة على اتباع توصية انتشرت عبر موقع فيسبوك تدعو الى "ادارة الظهر" عند مرور النعش. وصرحت "كدافعة ضرائب، انا غاضبة جدا لانني ساضطر للمساهمة في تمويل هذا" الحدث. لكن الان ساثرن (53 عاما)من قدامى محاربي حرب فوكلاند (المالوين) ضد الارجنتين عام 1982 احتج قائلا "انها اعادت العظمة الى بريطانيا العظمى". ونشرت سكوتلنديارد 4000 شرطي تحسبا لاي طارىء واعلنت انها ستجيز الاحتجاجات "شرط ممارستها بطريقة لائقة". ونشر اكثر من 700 جندي على طول طريق الموكب البالغة 1,9 كلم بين قصر ويستمينستر وكاتدرائية سانت بول. ووصل اوائل المدعوين البالغ عددهم 2300 شخصية تم اختيارها بعناية قبيل 08,00 ت غ الى الصرح المبنى على طراز كلاسيكي وباروكي في آن للبدء في مراسم التشييع التي اتت اقل بقليل من التشييع الوطني الذي نظم لدوق ولينغتن والاميرال نيلسون وكذلك وينستون تشرتشل المنتصر على النازية والذي بكته الامة جمعاء عام 1965. وحضرت الملكة استثنائيا الى جانب الحكومة وجميع رؤساء الوزراء السابقين. كما يشارك رئيسا دولة و11 رئيس وزراء و17 وزير خارجية في مراسم الجنازة بحسب مقر رئاسة الوزراء البريطانية. وارسل 170 بلدا بالاجمال ممثلين كبار للمشاركة ما يعكس العادات البروتوكولية السائدة في حال وداع زعيم سابق وكذلك تقديرهم لارث تاتشر. ولم ترسل روسيا والارجنتين اي موفد. كما اعرب معلقون اعلاميون بريطانيون عن المفاجأة لغياب كل الرؤساء الاميركيين السابقين بالرغم من "العلاقة المميزة" الاميركية البريطانية العزيزة على قلب "السيدة ت". كما اعتذر السياسيان البارزان في الحرب الباردة الرئيس السوفياتي الاخير ميخائيل غورباتشيوف وموحد المانيا هلموت كول لاسباب صحية. كما في حياتها، سيطرت تاتشر على المراسم في ادق تفاصيلها: من التراتيل الميتودية التي ترعرعت عليها، ومقتطفات للمؤلفين الموسيقيين الانكليز التي شكلت شهادة على وطنيتها حتى في ذوقها الموسيقي. لم تكن تريد خطبا، لكن شماس سانت بول اثار الجدل متحدثا عن "تفاقم الهوة بين الاثرياء والفقراء" في اثناء حكمها. كما توافد تحت قبة الكاتدرائية مشاهير الثمانينيات ومن بينهم انيا هيندمارتش مصممة حقائب اليد التي اشتهرت بها "السيدة الحديدية". وانطلق موكب نعش بارونة كيستيفين المولودة مارغريت هيلدا روبرتس في الساعة 09,00 ت غ في سيارة لنقل الموتى ثم على عربة مدفع يجرها ثمانية احصنة سوداء. وسار الموكب في شوارع العاصمة على وقع مقطوعات جنائزية لشوبان وبيتهوفن وميندلسون بمواكبة جنود يسيرون بوتيرة 70 خطوة في الدقيقة. وتم اسكات اجراس ساعة بيغ بن احتراما، فيما من المقرر ان تدوي 19 طلقة مدفع في سانت بول مع اقتراب الموكب. في يوركشير (شمال) نظم عمال المناجم المضربون عدة احتفالات. في بلفاست (غرب) ملأت كتابات الغرافيتي الحاقدة على تاتشر الجدران. "ليأكلك الصدأ في الجحيم" كتبت احداها في ذكرى 10 مضربين عن الطعام من الجيش الجمهوري الايرلندي توفوا في سجن مايز عام 1981. مع اقتراب موكب التشييع تكاثرت الدعوات الى التظاهر على الشبكات الاجتماعية ورفعت هتافات "الساحرة ماتت" او "رحيل بلا رجعة". وينتقد المعارضون حجم المراسم وكلفتها على دافعي الضرائب الخاضعين لسياسات تقشف وحتى عنوانها الذي اعتبر محازبا "عملية الازرق الحقيقي" كرمز للتيار المحافظ المتشدد الذي جسدته تاتشر. وتدفن رئيسة الوزراء السابقة في مراسم خاصة بحضور عائلتها.