لم تنتظر مقاهي الشيشة بجدة طويلا، للالتفاف حول قرار حظر التدخين بالأماكن المغلقة، وابتداع طرق جديدة لتعويض خسائرها الاقتصادية، وآخر تلك الطرق الاستفادة من الفضاء الإلكتروني عبر إنشاء موقع خاص على الإنترنت؛ لتلبية طلبات الزبائن عبر ما يمكن أن يطلق عليها "شيشة ديلفري". وعند الدخول للموقع الإلكتروني يظهر ذلك بكل وضوح أسعار طلبات الشيشة والنرجيلة وملحقاتها الأخرى، بمقابل مادي يتجاوز الثلاثين ريالا، مع مبلغ تأمين مالي عن إيجار اليوم الواحد بمائة ريال. الطريقة الجديدة ليست الحل الوحيد الذي ابتكره ملاك المقاهي، فهناك من أغلق الباب الرئيس للمقهى وفتح بابا جانبيا لا يفتح إلا لرواد المقهى المعروفين، وهناك من لا ينزل طلبات الشيشة إلا بالفترة المسائية بحذر، أو في ساعات متأخرة من الليل، فيما ذهب آخرون إلى إزالة السقوف المتحركة من مقاهيهم للالتفاف حول القرار، وقرر البعض إغلاق مشاريعهم أمام زبائنهم حتى إشعار آخر. "الوطن" رصدت تداول مستخدمي البلاك بيري، وبرنامج الدردشة "الواتس آب" لرسائل ترويجية لأصحاب المواقع المشابهة، وتواصلت مع أحد المواقع، وتأكدت من صحة ما تقدمه من خدمات توصيل الشيشة للمنازل. المتحدث الرسمي بأمانة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري، أكد ل"الوطن" أن استحداث الطرق الجديدة للالتفاف حول القرار، تعد مخالفات ومن يضبط يطبق بحقه النظام، مشيرا إلى أن توصيل الطلبات للمنازل يمر وفق أطر محددة وتنظيم معين، والأمانة إحدى الجهات التي تضبطه إلى جانب جهات أخرى، وتوصيل الشيشة للمنازل غير نظامي بحد ذاته. وبين النهاري، أن قرار منع التدخين في الأماكن المغلقة مستمر ولم يتوقف، وهناك ضبط للمخالفين ويطبق بحقهم النظام، ومن يتحايل حول تنفيذ القرار من إغلاق الأبواب وفتحها فقط لزبائنهم المعروفين، أو فتح أبوابهم في ساعات متأخرة، يطبق بحقه النظام وسط الرقابة التي تقوم بها الأمانة لتطبيق النظام. وتتقاطع الطرق الجديدة لأصحاب المقاهي للالتفاف حول قرار المنع، مع حملات مقاطعة للشيشة كان آخرها "عيشة بلا شيشة" التي قادتها متطوعات سعوديات بقيادة المستشارة النفسية والأسرية الدكتورة مها حريري عبر استخدام شبكتي التواصل الاجتماعي الشهيرة "فيسبوك وتويتر"، لمناهضة تدخين المراهقات "للشيشة والمعسل" ما بين 15 إلى 25 عاما. وأكدت حريري ل"الوطن" أنه من خلال إشرافها على علاج الكثير من مرضاها، خاصة من البنات في سن المراهقة، أن نسبة غالبة منهن يدخن الشيشة والمعسل؛ للخروج من حالة المجتمع المحلي الجاف والروتيني، وبعضهن يتعاطينه بهدف "لفت أنظار الأهل لهن"، مشيرة إلى أن أغلب من تحدثت إليهن من الفتيات عموما والبنات على وجه الخصوص، يتعاطين المعسل بهدف إثبات الهوية فقط لا أكثر ولا أقل". ووصف المدير التنفيذي للجميعة الخيرية لمكافحة التدخين بمنطقة مكةالمكرمة "كفى" صلاح الزهراني، أن الطرق الجديدة التي يفتعلها أصحاب المقاهي ما هي إلا التفاف حول قرار وزارة الداخلية الأخير القاضي بمنع التدخين، وطالب بضرورة تكثيف مراقبة أمانة جدة لأصحاب المقاهي؛ لأنها تضر بسلامة المجتمع الصحي، وأشار الزهراني في حديثه إلى "الوطن"، إلى أهمية الحملات التوعوية؛ لأنها تلامس المجتمع، وأن ما يقال عن التدخين عن طريق الشيشة أو النرجيلة باستخدام التبغ أو الجراك أو المعسل، بأنه خال من الخطر غير صحيح البتة، فقد أثبتت أحد الدراسات على مدى أربع سنوات في أن "المعسل" عبارة عن تبغ خالص مع كميات كبيرة من الأصباغ والألوان والنكهات التي تخلط من غير أي رقابة صحية، وثبت أنها تسبب مختلف الأمراض والسرطانات، كما يحتوي الجراك على 15% من التبغ، الذي يخلط ببعض العسل والفواكه والمضافات الكيمائية التي تطبخ وتخمر.