تعتبر المرحلة الابتدائية كما أراها هي قاسم النجاح، التي تنطلق من الرؤى والأفكار لجودة الطالب من عدمها، البعض يقول إنها البدء وقد يتعلم إذا كبر ولكنني مُصر أنها هي الإناء الذي لا ينضح ويُعرف مدى اتساعه وكفايته، وهذا ما ينطبق على طلاب الصفوف الأولية الذين أخال كل واحد منهم كآنية الماء التي تحتاج إلى من يسكبه جيدا في محتواها ولا يُهدره فوق الحاجة أو يُنقِصه، فلا يمكن الارتواء منها فهم يحتاجون لعقلاء أكفاء نجباء حريصين على غرس القيم التربوية الأولية، ومن ثم محاكاتهم عن طريق اللعب والترفيه تعليميا لكي يُجذبوا للدراسة وينهلوا منها دون تخويف وتهديد وحزم غير مُبّرر. فها أنا أهمس في أذن كل معلم يريد جعل طالبه مثالا يُحتذى به في المستقبل لتُشرق به الدنيا ويُعتمد عليه في لاحق الأمور بأن يضع الإجازة التي تُمنح له من قبل الوزارة كما قٌرّر لها مسبقا جانبا، وأن يتفرغ تماما لأبنائه ولا يدعهم يبتعدون عنه بتفكيره فيها دون شعور منه، فقد يترك آثارا سلبية في الأخير وهو في حسابات وتحديات لختام المطاف بأي نتيجة. فيا معلمينا بورك لكم مقدماً في هذا القطاف الذي تستحقونه جرّاء جهدكم المبذول وعطائكم المنقطع النظير، ولكن مهلاً مع صغارنا الذين نريدهم في مستوى مأمول كما ترنون لهم أنتم، فكل ما أرجوه ألا تأخذكم حسابات الإجازة والعدّ التنازلي لها، وقد تنسون ذوي المستويات المتوسطة والمنخفضة من طلابنا فيذهبون في أهبة فرحكم دون قصد منكم في تيه اللامبالاة وعدم الاسترشاد بمعينين لهم في نهاية العام الدراسي، وتبقى وصمة الإخفاق تلاحقهم حيثما يكونون والتفكير في الإجازة حق مشروع لأولئك المعلمين، ولكن ثورة العطاء منهم لا بد أن تكون حاضرة وبقوة فهي مشروعة لتلاميذنا كذلك.