عايض الميلبي - ينبع لحظة ولادة ابن آدم، تمثل البداية لعد تنازلي يتجه به نحو فصول متباينة تُختتم بالوصول لساعة الصفر. لكن الحقيقة أن الإنسان في بداية مشوار الحياة خاصة في سن الطفولة قد لا يسعفه عقله بتخيل ما هو متجه إليه؛ لهذا نجد مساحة الفرح والسرور لدى صغار السن أرحب وأكثر اتساعاً مقارنة بكبار السن. وتلك مرحلة سرعان ما يتم تجاوزها لمرحلة أخرى تتميز بنضوج الفكر واكتساب المعرفة، ومن هنا تكون بداية التأمل والتدبر في الحياة الدنيا وما يتبعها. من أهم الأمور التي يتيقن منها كل من يعيش على ظهر هذه الأرض من بني البشر أنه سيعيش فترة زمنية محدودة ثم يرحل، وكأن شيئاً لم يكن، وهذا هاجس قض مضاجع الأولين واللاحقين على حد سواء، فنغص عليهم التمتع بلذات الحياة. ولأن الإنسان بطبعه يخشى التغيير والانتقال لمرحلة يجهل تفاصيلها، فإنه ومن هذا المنطلق يهاب النهاية وما بعدها. ولا جرم أن تصور مرحلة ما بعد الموت تختلف تبعاً لاختلاف معتقدات الناس وثقافاتهم. وعلى أي حال يظل حلم البقاء والتشبث بالحياة نزعة قوية لا تنفك عن النفس البشرية طوال العمر، وهو حلم رغم استحالته إلا أنه قد شغل عقول أقوام شتى في مختلف العصور كونه نقيض الموت، المصير الحتمي لكل كائن حي. ومما لا شك فيه أن الانشغال في هموم الحياة وشؤونها يحول دون الغلو في التفكير الذي يتعلق بجانب موعد مغادرة الدنيا الفانية. ثم إن مستوى الخوف يتباين من شخص لآخر، فقد يرتفع لمستويات تسبب أزمات نفسية مقلقة، وقد ينخفض لحد يفضي إلى شيء من اللامبالاة وعدم الاكتراث بحاضر أو مستقبل. وفي نهاية المطاف شئنا أم أبينا، خفنا أم لم نخف؛ سوف نرحل عن هذا العالم، طال بنا الزمان أم قصر. والغريب في هذا الشأن أن البعض قد يخشى ما يتم تداوله أحياناً من إمكانية تعرض كوكبنا لبعض المؤثرات، رغم أن المدة التي يعيشها أحدنا قصيرة جدا، وهي أشبه بلحظة عبور خاطفة بالنسبة للزمن الكوني الذي لا يعلم أمده سوى الخالق المبدع. نحن كمسلمين منهجنا وسط بين الخوف والرجاء، نخاف بالقدر الذي يدفعنا للتزود بصالح الأعمال لكسب أعلى الدرجات في جنات الخلد، إذ إننا نؤمن بأن هذه المرحلة مقدمة لما بعدها من مراحل.