هكذا يعود النباح القديم.. وفي كل مرة تتلون مسبباته، في حين تظل أهدافه هي ذات الأهداف، لماذا تتجه سهامهم إلى المملكة، تلك السهام التي يوجهها أرباب الحركات المشبوهة المتمسحة بمسوح التدين وأشياعهم في منابر الإعلام ومواخير الابتزاز، وتتخفى وراءها وجوه ممسوخة ذات أجندة لا ينام لها جفن إلا بعد أن ترى الخراب يحل بكل الأرجاء؟. كعادتهم يعودون الآن راكبين صهوة القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يتعرض له الأشقاء في غزة، والذي ووجه بكل الشجب والإدانة من المملكة قيادةً وشعبًا.. فوجدوها سانحة لا يجب على أجندتهم تجاوزها، وأقاموا سرادقات اللطم على الخدود، موجهين الاتهامات المتجنية صوب المملكة، ماسحين بممحاتهم البالية كل المبادرات والمواقف السعودية التي تترى وتتواصل على مدى العقود، دعمًا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. مارسوا الجحود والنكران للمواقف السعودية الرائدة والقوية في أصعب الأوقات الفلسطينية، حين كانت يد المملكة تجود بكل ما يحمي الأشقاء ويقيل عثراتهم ويدفع عنهم البلاء وينصر قضيتهم ويعيد لهم حقوقهم، وهم إخوة أصحاب حق يدفعنا واجب الإخاء لنكون إلى جانبهم، في حين كان التقاعس ديدن أولئك المرجفين، مكتفين بنفخ الكير والمزايدة على القضايا، بعيدًا عن أي قدرة على صناعة القدوة وامتلاك القدرة على البذل الصادق والحقيقي، ففاقد الشيء لا يعطيه!. هكذا تناسوا وقوف المملكة التاريخي بجانب القضية الفلسطينية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز، يرحمه الله، مثلما يتناسون المبادرة السعودية التي عكفت عليها المملكة وسهرت على تفاصيلها، لتتبناها لاحقًا كل الدول العربية عبر قمة بيروت الشهيرة عام 2002، سعيًا حقيقيًا وعمليًا لحل القضية الفلسطينية واستعادة الأشقاء حقوقهم المسلوبة، في حين اكتفوا هم بالجلوس في مقاعد المتفرجين، في انتظار أن تمطر السماء ذهبًا، وهم في أماكنهم قاعدون!. لم يكتفوا بنسيان ذلك، بل وقفزوا على كل العمل السياسي والدبلوماسي الضخم الذي قدمته المملكة، وما زالت، دعمًا للشعب الفلسطيني، فتاجروا بما يجري في غزة من عدوان غاشم، رامين بخيباتهم وضحالة شأنهم على السعودية، صاحبة أكبر دعم في العالم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، حتى الدعم المادي المهول، والذي بلغ في الفترة من العام 2000 إلى العام 2018 ستة مليارات دولار مساندةً للأشقاء الفلسطينيين، وتضميدًا لجراحهم الأليمة، أصبح في قاموس أولئك المتشرنقين في شعاب أحقادهم، بلا قيمة، في حين اقتطعت المملكة تلك المبالغ من مدخول شعبها، تضامنًا مع إخوتها، وتفاعلاً مع ما يعانونه من أوجاع، واقتسامًا للّقمة التي تبقي الأشقاء صامدين، وتجعل القضية متوهجة ساطعة إلى حين استرداد الحقوق. ماذا يريدون من المملكة؟ هل يريدون لها أن تتحول إلى بيت عزاء وتتوقف كل مظاهر الحياة فيها، في حين يعيشون حياتهم دون أن يُقفل لهم ملهى أو يتوقف عندهم نشاط؟. هل يريدون أن تطفئ المملكة كل إشراقات النماء والسير إلى الأمام والتي بهرت العالم، لتصبح الآن منارة حضارية وتنموية وسياحية، وتحتل مكانها المتقدم بجدارة بين صانعي القرار العالمي؟، أم يريدون أن يخمدوا نيران الغل والأحقاد التي تحرق صدورهم ليروا المملكة بلدًا متخلفًا لا يهنأ شعبه بالحياة الرغدة، ولا تعم حياته نعمة الأمن الوارف، ولا يحظى بالمكانة المرموقة التي يعيشها بين شعوب العالم المتقدم؟. الوقوف مع الأشقاء لا يعني أن تتوقف الحياة في المملكة أو في غيرها لإظهار المناصرة والدعم، فالحقائق الماثلة على أرض الواقع شاخصة وموثقة لمن يريد البحث في المواقف والأرقام، وإذا كانت فعاليات ناجحة كموسم الرياض تفتح أبواب العمل والرزق لمئات الآلاف من شبابنا، وترصف الطرق أمام إنعاش السياحة الداخلية تحقيقًا لمستهدفاتها التنموية ورؤيتها 2030، وتتيح لشعبها مساحات يستحقونها من الترفيه.. إذا كانت مثل هذه الفعاليات هي المستهدفة من أولئك المغرضين، أو كانوا يستهدفون مجمل ما يجري في المملكة من حراك، فليعلموا أنهم اختاروا الوسيلة الخطأ، وفقدوا كعادتهم كل بوصلة تقودهم إلى الجادة. نعم.. عاد النباح القديم.. لكن القافلة السعودية تسير واثقة مطمئنة، ومظاهر الحراك في أرضها تمارس حياتها وحيويتها، بقيادةٍ ملهمة وواعية تعرف المسار، وشعب يقظ يعرف ما يريد.