بعث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز برقية للرئيس اللبناني ميشيل سليمان جاء فيها "تتابع المملكة ببالغ القلق، تطورات أحداث طرابلس وخصوصاً لجهة استهدافها لأحد الطوائف الرئيسة التي يتكون منها النسيج الاجتماعي اللبناني. وكما تعلمون فإن المملكة، انطلاقا من العلاقات الأخوية بيننا والحرص على أمن لبنان واستقراره في ظل سيادته ووحدته الوطنية والإقليمية، لم تألُ جهدا في سبيل الوقوف إلى جانب لبنان ودعمه بدءاً من اتفاق الطائف ووصولا لاتفاق الدوحة. علاوة على بذل المملكة ودول مجلس التعاون كافة الجهود في سبيل دعم لبنان اقتصاديا لتحقيق نمائه وازدهاره. ولعلكم تتفقون على أن هذه الجهود، مهما بلغ حجهما ووصل مداها سوف تظل قاصرة إن لم تستجب كافة الأطراف اللبنانية الفاعلة لها، وتغلب مصلحة الوطن اللبناني أولا على ما عداه من مصالح فئوية ضيقة، أو خدمة مصالح أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان، ولا المنطقة العربية عموماً.. ونظراً لخطورة الأزمة وإمكانية تشعبها لإحداث فتنة طائفية في لبنان، وإعادته لا قدر الله إلى شبح الحرب الأهلية، فإننا نتطلع إلى حكمتكم في محاولة التدخل لإنهاء الأزمة، وفي الإطار العام لمبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني اللبناني. وحرصكم على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية وخصوصاً الأزمة السورية المجاورة لها". وتلقى خادم الحرمين اتصالاً هاتفياً أمس من الرئيس اللبناني، وجرى خلال الاتصال بحث تطورات الأوضاع على الساحة اللبنانية، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما جرى استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين. وفي ذات السياق، استقبل الرئيس اللبناني في بيروت أمس سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان علي عسيري، وجرى خلال اللقاء استعراض آخر التطورات التي تشهدها الساحة اللبنانية وانعكاساتها على أمن وسلامة المواطنين السعوديين الموجودين في لبنان والذين سيزورونه خلال موسم الصيف. وأكد الرئيس سليمان خلال اللقاء أن الدولة اللبنانية تسخر جميع أجهزتها السياسية والأمنية للحد من تداعيات الأحداث الأخيرة وأن الوضع الأمني تحت السيطرة والأمور تعود إلى طبيعتها شيئا فشيئا، مشددا على حرص السلطات على السياح الذين يزورون لبنان وفي طليعتهم مواطنو السعودية الذين يعدون في وطنهم الثاني، مشيداً بالعقلات الأخوية التي تربط لبنان والمملكة وبالمواقف المشرفة التي يتخذها خادم الحرمين تجاه لبنان في شتى الظروف والاهتمام الخاص الذي يوليه لهذا البلد وشعبه. ومن جهته ثمن السفير عسيري الجهود التي يبذلها سليمان من أجل الحفاظ على وحدة لبنان وأمنه واستقراره وسعيه الحثيث على تعزيز علاقات لبنان بأشقائه العرب وفي مقدمتهم المملكة، وأضاف أن سفارة المملكة في بيروت تتابع تطورات الوضع عن كثب وتتواصل بشكل دائم مع المواطنين السعوديين الموجودين في لبنان لإطلاعهم على كل جديد. عسيري ل"الوطن": نظام دمشق يصدر الأزمة الرياض: عمر الزبيدي أكد السفير السعودي في لبنان علي عسيري أن برقية خادم الحرمين الشريفين للرئيس اللبناني ميشيل سليمان حملت الكثير من النصائح الصادرة من مسؤول كبير معروف بالحكمة، وتتضمن مشاعر الإخاء والخوف على لبنان من الإفرازات السياسية المصدرة إليه، مضيفا أن كل كلمة فيها تحمل رؤية تتعلق بالحفاظ على أمن وسلامة هذا البلد. وأوضح عسيري في تصريح ل"الوطن" أن من يستعد كلمة خادم الحرمين خلال زيارته التاريخية إلى لبنان يجد فيها من الرسائل والتوجيهات التي كانت لتتجاوز بلبنان الكثير من الأزمات والكوارث السياسية والأمنية والعسكرية التي عانى منها من مصادر داخلية وإقليمية. وحول تصدير سورية لأزمتها السياسية للبنان، قال عسيري "لا شك في ذلك، نحن ننطلق من كلمة خادم الحرمين الذي يقدم المبادرة بعد المبادرة والجهد والعمل المتواصل لتتجاوز الدول العربية كل أذى وخطر ليكون هذا الجهد مضمون الأجندة السعودية سرا وعلنا لما فيه مصالح الشعوب العربية". وحول تطورات الأوضاع الأمنية في لبنان، أوضح سفير الرياض في بيروت، أن لقاء جمعه مع العماد ميشيل سليمان رئيس الجمهورية اللبنانية الذي أصدر بيانا من بعبدا وجه فيه الوزراء المعنيين بضرورة حفظ الأمن والسلم الأهلي، وأشار قائلا "لقد نقل معي تحياته لخادم الحرمين وأصدر البيان لضبط الأمن وأكد على كافة المسؤولين بالقيام بواجبهم لضمان سلامة المواطنين السعوديين المتواجدين بأي صفة في لبنان، وبخاصة الطلبة وكل سعودي متواجد أو يتوقع قدومه لاحقا، وأكد لي أنه مرحب بهم وأن الدولة اللبنانية بكل قدراتها السياسية والأمنية ستعمل على عدم وجود شوائب أمنية". وأضاف أن سفارة المملكة العاملة في لبنان ستواصل نشاطها وحراكها الأمني واجتماعاتها المكثفة مع المسؤولين وبذل كل جهد داخل وخارج لبنان لضمان سلامة مواطنيها مع استمرار متابعتها للتطورات الميدانية وتقييمها لها والرفع بها إلى الحكومة السعودية لتحديد قرارها فيما يتعلق بأمن مواطنيها الذي لا تجامل به أحدا.