يقوم الناس برد التعسف عن أنفسهم من خلال لجوئهم للجهات القضائية للمطالبة بحقوقهم المهدورة، وقد يستغرق ذلك وقتًا طويلًا مما يجعل المطالب بالحق يُطالب بالنفاذ المعجّل بمجرّد صدور الحكم الابتدائي في دعواه، لاعتقاده أن قضيته تُصنّف تلقائيًا في هذه الحالة من ضمن القضايا التي تشمل النفاذ المعجل، لاحتمالية أن يقع عليه ضرر بسبب تأخر التنفيذ. فالكثيرون لا يُدركون أن آلية إخضاع الأحكام الابتدائية الصادرة للنفاذ المعجل تكون بضوابط وشروط محددة وفقًا لأحكام نظام المرافعات الشرعية، يتطلب توفُّرها في الحُكم الابتدائي الصادر، ليتم التنفيذ عليه تنفيذًا معجلًا قبل تصديقه من قِبَل محكمة الاستئناف واكتسابه للقطعية. بذلك، فإنّ النفاذ المعجل يُقصد به صدور حكم مستعجل بوجوب تنفيذ الحُكم الابتدائي الصادر قبل أن يُصبح نهائيًا وحائزًا بقوة الشيء المحكوم فيه، فهو تنفيذ مرتبط بالحكم ذاته؛ فإذا ألغي الحُكم وجب على المُنفَّذ له إعادة الحال على ما كان عليه قبل حصول التنفيذ. ومنعًا لحدوث هذه المعضلات، حدَّد النظام حالات معينة يجوز فيها لمن صدر حكم ابتدائي لصالحه طلب التنفيذ المعجل، مع التأكيد على ضرورة أن يكون موضوع الدعوى يُصنّف من ضمن هذه الحالات، فلا يُعد نظاميًا التنفيذ على أحكام غير قطعية بدعاوى دون ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود حالات تخضع لتقديرات القاضي ناظر الدعوى؛ مما يجعل البعض من المحامين والمحاميات يتريّثون في طلب التنفيذ المستعجل للأحكام الصادرة حسب نظرتهم وتقييمهم للدعوى التي أمامهم وخصم موكلهم. والقاعدة العامة المعمول بها لدى محاكم المملكة أن الحكم الصادر من محاكم الدرجة الأولى لا يُقبل مبدئيًا التنفيذ عليه بمجرّد صدوره، كما لا يصدر أمر بتنفيذ الحُكم بالقوة الجبرية إلاّ إذا كان مكتسبًا للصفة القطعية؛ ما عدا الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل والمنصوص عليها بأحكام النظام. حيث نصّت المادة السادسة بعد المائتين من نظام المرافعات الشرعية على أن الأحكام المستعجلة هي ما يلي: (أ-دعوى المعاينة لإثبات الحالة، ب-دعوى المنع من السفر، ج-دعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها، د-دعوى وقف الأعمال الجديدة ه-دعوى طلب الحراسة، و- الدعوى المتعلقة بأجرة الأجير اليومية، ز-الدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال). وقد جاء تفسير الفقرة (ز) من المادة سابقة الذكر باللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية وفقًا لما يلي: «يدخل في الدعاوى المستعجلة كل ما يخشى عليه فوات الوقت ومنها: أ-طلب رؤية صغير أو تسليمه، ب-طلب الحجر على المال، ج-إثبات شهادة يخشى فواتها». أخيرًا، أتمنى أن يكون هنالك توعية قانونية أكبر بهذا الصدد لأبناء مجتمعنا، منعًا لحدوث المغالطات وفتح المجال أمام بعض مَن يُنسبون أنفسهم لمهنة المحاماة التلاعب بأعصاب الناس المضطرة لتنفيذ الأحكام الصادرة لصالحها بأسرع وقتٍ ممكن، وإفهامهم أمورًا خاطئة مخالفة للإجراءات وأحكام الأنظمة المعمول بها بالمملكة. كما أتمنى أن يُدرك كل من لديه دعوى منظورة أمام المحاكم حقيقة هذا الأمر، لأنّ إدراكه ووعيه سيُوفِّر عليه الكثير من الوقت والجهد. نقلا عن المدينة