سبق وأن تناولنا في المقال السابق الأسبوع الماضي بالشرح والتفصيل، أربع حالات وأنواع من الدعاوى المستعجلة التي وردت في المادة (206 من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية) كأهم الأنواع والحالات للقضاء المستعجل في النظام القضائي السعودي، وهى دعوى المعاينة لاثبات الحالة، ودعوى المنع من السفر، ودعوى عدم التعرض للحيازة أو استردادها، ودعوى تعيين الحارس القضائي. وسوف نستكمل (بإذن الله تعالى) في مقال اليوم بالشرح والتفصيل باقي أنواع الدعاوى المنصوص عليها في المادة (206 من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية) ثم بيان إجراءات رفع الدعوى المستعجلة ومواعيد الحضور ثم نختم ببيان خصائص الحكم المستعجل وحجيته. النوع الخامس: وقف الأعمال الجديدة: والمراد بالأعمال الجديدة هو ما شرع المدعى عليه في القيام بها وكان من شأنها الإضرار بالمدعي، فيجوز لمن يضار من أعمال تقام بغير حق أن يتقدم إلى المحكمة المختصة بالموضوع بدعوى مستعجلة لوقف الأعمال الجديدة، وعلى القاضي ناظر الدعوى أن يصدر أمراً بالمنع إذا اقتنع بمسوغاته، ولا يؤثر هذا المنع على أصل الحق ولا يكون دليلاً عليه. ويشترط لطلب وقف الأعمال الجديدة شرطان: الأول:- أن تكون هذه الأعمال قد بدأت ولكنها لم تتم فإذا تمت قبل وقفها فلا تكون من القضاء المستعجل بل تكون من دعاوى إزالة الضرر، والثاني:- أن تكون هذه الأعمال مضرة بالمدعي. النوع السادس: الدعوة المتعلقة بأجرة الأجير اليومية، ويدخل في أجرة الأجير اليومية كل، من وجب ان تصرف أجورهم مرة على الأقل كل اسبوع. ولا يدخل في هذه المطالبة المطالبات العمالية؛ لأن لها هيئات مستقلة تنظر النزاع الناشئ عنها ولا تدخل كذلك المطالبات العقارية. النوع السابع: الدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام وصفة الاستعجال ومنها ما نصت عليه المادة (206/3 من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية) بالآتي ( يدخل في الدعاوى المستعجلة كل ما يخشى عليه فوات الوقت ومنها:أ- طلب رؤية صغير او تسليمه، ب – طلب الحجر على المال، ج - اثبات شهادة يخشى فواتها). أما إجراءات رفع الدعوى المستعجلة فتكون كالتالي:- إذا رفعت الدعوى المستعجلة قبل إقامة الدعوى الأصلية فتكون بصحيفة وفق الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى العادية حسب ما نص عليه نظام المرافعات الشرعية والمعمول به من إجراءات أمام المحاكم. ويجوز رفع الدعوى المستعجلة مع الدعوى الأصلية بصحيفة واحدة- ما عدا دعوى استرداد الحيازة أو عدم التعرض لها - كما يجوز تقديمها طلباً عارضاً أثناء نظر الدعوى الأصلية، أو تقدم مشافهة أو كتابة في الجلسة بحضور الخصوم وفي هذه الحالة يتم ضبط الدعوى المستعجلة مع الدعوى الأصلية. اما إذا رفعت الدعوى الأصلية بعد الدعوى المستعجلة فتنظرها الدائرة التي رفعت إليها الدعوى المستعجلة إذا كانت مشمولة بولايتها نوعاً ومكاناً. ويدون الأمر أو الحكم الصادر بالدعاوى المستعجلة في الضبط ويصدر به صك ويخضع لطرق الاعتراض حسب نظام المرافعات الشرعية، ويترتب على ترك الدعوى الأصلية أو نقض الحكم الصادر فيها إلغاء الأوامر التحفظية والوقتية المستعجلة الصادرة أثناء نظر الدعوى الأصلية أو قبلها، كالحجز التحفظي والمنع من السفر، وعلى الدائرة المصدرة للحكم اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك. أما إذا شطبت الدعوى الأصلية أو قررت المحكمة وقفها - (اذا رأت تعليق حكمها على الفصل في مسألة اخرى يتوقف عليها الحكم، فتأمر المحكمة بوقف الدعوى، وبمجرد زوال سبب التوقف يكون للخصوم حق طلب السير فيها) - أو انقطع سير الخصومة لوفاة المدعي، أو فقده الأهلية، أو زوال صفة النيابة عمن كان يباشر الخصومة عنه، فللمدعى عليه في هذه الحالة التقدم للمحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية لإلغاء الأوامر التحفظية والوقتية الصادرة أثناء نظر الدعوى الأصلية أو قبلها كالحجز التحفظي والمنع من السفر وكل ذلك يرجع لتقدير القاضي أو الدائرة (ناظرة الدعوى). مواعيد الحضور في الدعاوى المستعجلة:- يكون موعد الحضور في الدعاوى المستعجلة 24 ساعة ويجوز في حالة الضرورة القصوى نقص هذا الموعد بأمر من المحكمة (ناظرة الدعوى) ويكون التبليغ في الدعاوى المستعجلة بالطرق المعتادة والتي نص عليها نظام المرافعات الشرعية، وعند نقص الموعد عن 24 ساعة فيشترط أن يحصل التبليغ للخصم نفسه أو وكيله في الدعوى نفسها، وأن يكون بإمكانه الوصول للمحكمة في الوقت المحدد. وإذا تم التبليغ وفقاً للقواعد المذكورة أعلاه وحسب ما نص عليه نظام المرافعات الشرعية فلا يعاد التبليغ مرة أخرى، بل تنظر المحكمة في الدعوى وتحكم فيها. خصائص الحكم المستعجل وحجيته: يتصف الحكم المستعجل بعدة خصائص أهمها:- أولاً:- انه نافذ نفاذا معجلاً بقوة النظام حتى لو لم يرد النص في الحكم على ذلك وحتى لو كان الحكم قابلاً للطعن فيه بالاستئناف، أو حتى لو تم الطعن فيه بالفعل أمام محكمة الاستئناف. ثانياً:- إن حجية الحكم المستعجل حجية مؤقتة لأنه تم الحكم في الدعوى المستعجلة لمراعاة ظروف طارئة، فإذا زال الخطر الذي استدعى الحكم المستعجل زالت حجية الحكم بزوال مقتضاه، ولأن الحكم المستعجل يتحفظ على واقع بحال ما هو عليه حتى يتم تقديم دعوى في موضوع وأصل النزاع. وذلك بخلاف حجية الحكم العادي الصادر في موضوع واصل النزاع، فله حجية ثابتة. ثالثاً:- لا يجوز للقاضي الصادر للحكم أو القرار المستعجل أن يعدل عما حكم به بقرار ثانٍ خلاف ما قضى به أولاً كدعوى أو حكم مستعجل، وليس لأحد طرفي الخصوم المستعجلة أن يرفع دعوى ثانية في نفس موضوع الدعوى المستعجلة الأولى، أما إذا حصل تغيير في أسباب الدعوى المستعجلة ودواعي الحكم الصادر فيها جاز للدائرة أو القاضي الصادر للحكم المستعجل أن يعدل عن قراره أو يعدل فيه. رابعاً:- ليس للحكم المستعجل أي حجية أمام المحكمة عند نظرها للموضوع، فلها أن تأخذ به، ولها أن تتركه كما سبق وأن أوضحنا ذلك، بل لها أن تعدل عن الحكم المستعجل أو تغير فيه أو تلغيه، ويستثنى من ذلك الأحكام المستعجلة الصادرة في دعاوى إثبات الحالة، وتقرير الخبراء فهذه لها اعتبار في الخصومة أمام محكمة الموضوع ناظرة الدعوى الأصلية، وحتى لو كانت هذه المحكمة غير ملزمة بالأخذ بهذه الأحكام والتقارير، لأن الحال التي ثبتت بالحكم، أو تقرير الخبير أصبحت واقعة من وقائع الدعوى، حتى لو لم يأخذ بها في الخصومة. خامساً:- لا تقبل الدعوى المستعجلة إذا صدر في موضوع الدعوى حكم، وهذا الحكم كان حائزاً على قوة الأمر المقضي في أصل الحق المدعى به، لأن هذا الحكم يغني عن الحكم المستعجل. وبهذا المقال نختم الحديث عن القضاء المستعجل في ضوء نظام المرافعات الشرعية بالمملكة، بعد أن تحدثنا باختصار عن تعريفه، وماهيته، وطبيعته وأهم شروطه، وأهم حالاته وأنواعه، وإجراءاته ومدده، وأهم خصائص الحكم المستعجل وحجيته. نأمل أن نكون اسهمنا ولو باليسير، في إفادة قارئنا الكريم حول القضاء المستعجل بالمملكة لما للإلمام به من أهمية في زيادة الوعي القانوني لأفراد المجتمع، واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.