تختزن الذاكرة معلومات يسترجعها العقل الباطن ذهانة وتفطنا. وهي معلومات تشي بجماليات تراثية فيها وصايا للأجيال على ما كاد يغيب بفعل تقادم الزمن والمعاني والدلالات ألفاظا وغايات.كانت قرويتنا الهادئة استقرارا اجتماعيا والضاجة حراكا فرائحيا، تنضج بصبغ متنوعة من بهاء المثل وفكرة هذه الصورة كان مرجعي فيها رجل ثبت وهو أحد قادة الأمن العميد المتقاعد سعيد بن أحمد الأسمري.الصورة هنا بالكلمات والألوان عن مراسم كانت تجري في الخطبة والعرس أي البناء بالزوج، واللغة تقول أعرس فلان على فلانة أي بنى بها أو باللهجة تروح العريس العروس.ليلة الصلح هي بنية أساس في بدء البحث عن زوج حانية مليحة غالية، ولعلها تسمى أيضا شاة الصلح.هذه الليلة تتم وفق تراتبية مجتمعية راقية، فإذا ذاع ذكر صبية بالغة للعرس، يذهب الراغب ومعه نفر من جماعته، وعادة من أهل الشور إلى بيت ولي «المكلف» مبدين الرغبة في النسب، يستقبلون بالترحاب ويتفقون على تحديد ليلة للصلح، تذبح فيها شاة وليمة وعزيمة في لمة مختصرة محفوفة بالتراحيب وأداء المواجيب..يعلن عن هذا عند قدوم الراغب في النسب ورهطه، بإطلاق أعيرة نارية عند بيت الصبية، ولا يحضر غير هذا الجمع، ويتم خلال هذه الليلة الاتفاق إيجابا وقبولا وإعلام العروس ويسمع منها، ويتم الاتفاق على موعد العرس. يعود الراغب في النسب الذي صلح أمر وفادته وعقد قرانه ليبدأ الاستعداد ليوم الزينة الذي تزف فيه إليه العروس وذلك من بتكرار زياراته لعروسه في بيت أهلها لمزيد من الألفة والإيلاف ولمزيد من الإيدام.عند نهاية مراسم ليلة الصلح يصبح الحديث للصبايا صفيات ووصيفات عن البنت التي لا بد أن تغير من هيئتها، فهي تستبدل المنديل الأصفر الذي كان سمة مميزة للصبية البكر عن المرأة التي غادرت مرحلة الصبا لمرحلة البعولة أو أن تكون ثيبا، تستبدل المنديل إلى لبس (شيلة مريشة بالحرير ) ويصبح لها مقنع تقنع به رأسها وهنا صارت مرة وهذه سمة المرأة المسلمة بالمقانع كما الرجال بالعمائموبين حسد لا يتمنى زوال نعمة، وفرح فطري تبدأ مداعبات الصبايا لقرينته هذه، صلحتو يا (بصري)، (الله يهب لنا حظ) ومع التكرار لهذه المداعبات الممزوجة بالمزاح تجيب « صلحنا فاصه عنا، وعساه ما يبطي صلحكن » .