الكل يعلم أن الخطوة الأولى دائما هي بداية السير لقطع الألف ميل وهذا ما أراه جليا في شخصية العلامة الدكتور سلمان بن فهد العودة من خلال جميع أُطروحاته على جميع الأصعدة ليذهب بنا بعيدا بعيدا جدا ، حيث نور الإسلام وسماحته ، حيث القدوة الحسنة ، حيث الاعتدال والوسطية ، حيث التجديد المنبعث منه عبق التسامح واليسر . دائما ما أراه يبتعد عن الخشاش ، عن توافه الأمور ، عن التكفير ، عن التدقيق والغوص في أمور لا طائل منها أمور قد تشوه أكثر مما تجمِّل ، وأراه يقترب كثيرا من الإصلاح بشكل عام . أي نعم هو عالم مجتهد ولكنه اختار الطريق الأسهل _ والأصعب لدى الكثير من طلبة العلم – للوصول للهدف المرجو دون اللجوء إلى التحجر والتزمت وإشغال العالم بما لا يفيد بل إشغالهم بما ليس لهم به علاقة لا من قريب ولا من بعيد . ما يطرقه الشيخ ليس بجديد بل سبقه الكثير بأعوام ولكن جوهر القضية في طريقة الطرح فهي التي ألبسته ثوبا جديدا وكأنك لم تسمع بما يطرح من قبل . لله درك يا شيخ سلمان فأنت بحر من العلم ، عميق بالتفكير ، قوي في الفكر والحجة ، سلكت طريق السماحة والتنوير فوصلت ودخلت قلوب الناس صغيرهم قبل كبيرهم بطرح حضاري راقي ، رغم كل الانتقادات التي وجهت لك بأنك انفتاحي ومبدِّل دين وغيره ، وما أراك إلا ربانيا وسطيا معتدلا مصلحا .. أكتب هذا الكلام بصفتي متابع جيد لكل ما يطرحه الشيخ عبر برنامجه الشهير ( الحياة كلمة ) وكذلك ( حجر الزاوية ) وكلا البرنامجين أراهم من وجهة نظري تميزت عن بقية البرامج الدينية وتفوقت تفوقا مبهر جعل الناس تحضره أفواجا مشاهدة وإتباعا فالنسبة عالية جدا مقارنة مع البرامج الدينية والثقافية الأخرى بل إن صحت بعض الروايات أنها حققت أعلى نسبة مشاهدة على مستوى البرامج المطروحة إعلاميا وهذا إن دل فإنما يدل على التوفيق أولا ثم التخطيط المسبق للتأثير على نفوس المشاهدين ، لاسيما ما تطرق إليه في مسألة التغيير وان البشر قاطبة يرغب ويحلم ويعتريه الارتياح مع هذا التغيير وتجديد الحياة والبعد عن الملل والروتين القاتل ، ولكن ينبغي التوضيح لجميع الفئات بايجابية التغيير لئلا نقع في السلبي منه وكلنا يسعى لتحقيق التغيير الايجابي ، وقد ضرب الشيخ ومحاوريه عدة جوانب بحجر واحد وأصاب الكثير منها وأدمى قولا وعملا . ولا يعني أنني معجب بطرح العودة أنني أوافقه في كل ما يطرح ، فلكلٍ رأيه طالما لم تمس القضية نص صريح لا يسمح الرأي أو التأويل ، وإني أرى الشيخ أكثر من العقلانية والواقعية والاستشهادات العصرية والمراجع العربية والغربية في جميع القضايا المعاصرة ، وفي هذا تنويع حسن يخطف ألباب المتلقين ، والحقيقة أننا بحاجة ماسة جدا لمثل هذه البرامج التوعوية الايجابية في نظري والتي حققت نجاح باهر ومنقطع النظير إن صح التعبير في استقطاب فئات مجتمعية عالمية كبيرة بمختلف الأعمار والأهواء والأفكار وحتى الديانات .. بالفعل نحن بحاجة ماسة لمن يشرح لنا ديننا ويبينه تبيانا واضحا وافيا لاعتقادي بان تخلفنا في جميع المناسبات هو الفهم الخاطئ للهوية والدين الإسلامي . نحن بحاجة ماسة لمعرفة علوم الحياة المختلفة وربطها ربطا وثيقا بالدين الإسلامي الحنيف وكلنا بانتظار ذلك اليوم الذي نصبح فيه مكتملي الفهم لديننا الإسلامي ، فنحن بالفعل نعاني الفقر الثقافي الديني التعايشي . ومن هذا المنطلق نبدأ بتغيير أنفسنا وتطبيق نظرية التغيير أولا على أنفسنا ومن نعول ثم الأقربون وبهذا ينتج لدينا مجتمعًا صحيًا رائدًا في التغيير