طالب الدكتورأحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان المصري وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بضرورة تحسين أوضاع الدعاة في مصر والعالم العربي والإسلامي حتى يتفرغوا لأداء مهمتهم الرسالية الأسمى وهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة،مؤكداً أن مشروع نقابة الدعاة الذي يجاهد من أجله في داخل البرلمان في طريقه للتنفيذ رغم الاعتراضات الحالية عليه وشدد هاشم في حواره ل"الرسالة" على ضرورة وجود حصانة للعلماء والدعاة فهم ورثة الأنبياء، وهم الصف الأول في المجتمع, وحصانتهم يجب أن تكون مقدمة على حصانة أعضاء البرلمانات ، ويجب ألا يقل راتب العالم أو الداعية عن راتب أكبر موظف رسمي في الدولة وأضاف أن الخوف الغربي من الإسلام غير مبرر على الإطلاق ولكن للأسف الشديد هذا التربص بالإسلام والمسلمين يقف وراءه أصابع خفية تعادي الإسلام في ذاته،بالإضافة إلى سلوكيات بعض المسلمين الخاطئة التي تؤدي إلى تشويه صورة الإسلام في الداخل والخارج،مشدداً على حاجة الأمة الإسلامية حوار إسلامي إسلامي، وحوار عربي عربي ليكون بوابة العبور الصحيحة للحوار مع الآخر وطالب بضرورة تسيير قاطرة إصلاح المجتمعات الإسلامية دون توقف في كل مجالات الحياة،لأن هذا الإصلاح المطلوب هو الضمانة الوحيدة لإخراج الأمة الإسلامية من مأزقها الحضاري الحالي ووصف الذين يحاولون التشكيك في كتب الحديث وخاصة كتاب الإمام البخاري بأنهم دخلاء على الإسلام ويسعون للطعن فيه ،متحدياً أن يأتي أحد بحديث واحد ضعيف في صحيح البخاري ومستعد للرد عليهم بالحجة والبرهان،كما وصف القرآنيين بأنهم فئة مارقة تسعى لتخريب ثوابت الإسلام مع سبق الإصرار والترصد و يريدون هدم الإسلام وضربه في مقتل من خلال التنكر للسنة النبوية وتشكيك المسلمين في صحتها وكونها المصدر الثاني للتشريع في الإسلام. وشدد على أن الدعاة الجدد في العالم الإسلامي ظاهرة صحية يجب تشجيعها ويجب على المؤسسات الدينية الرسمية في العالم الإسلامي تشجيع ظاهرة الدعاة الجدد، وانتقاء العناصر الصالحة منهم ودمجهم ضمن برامجها الدعوية،واضعاً عدداً من الضوابط التي يجب أن يلتزم بها هؤلاء الدعاة ليستحقوا أن يكونوا دعاة المستقبل في العالم الإسلامي حصانة واجبة في البداية سألناه عن قانون نقابة الدعاة وإلى أين وصل حتى الآن؟ مشروع قانون نقابة الدعاة يجب إقراره بشكل سريع وقد توصلنا فيه إلى خطوات إيجابية رغم معارضة وزارة المالية المصرية ووزارة العدل،أما باقي الجهات فتؤيده بشدة ،وذلك من أجل تحسين أوضاع الدعاة المادية والعلمية وتفرغهم لأداء عملهم الرسالي في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة،وهذه النقابة لن تكون منفصلة عن الأزهر أو الأوقاف وإنما ستكون تحت إشرافهما وسيخضع مشروع قانونها لقانون النقابات المصرية في مواده الإدارية والقانونية،وسنظل نبذل كافة الجهود حتى ترى هذه النقابة النور ويتم إقرار القانون يخرج إلى حيز التنفيذ،لأنه إذا لم نتحرك لحماية رجال الدعوة الإسلامية الذين يعانون بسبب المعيشة وإذا كنا لا نعني بورثة الأنبياء لدعم المسيرة الدينية ونساوي بينهم وبين المعلمين فمتى سنتحرك؟،وهناك نقطة جوهرية أخرى يجب وضعها في الاعتبار وهي وجوب حصانة العلماء والدعاة, فهم ورثة الأنبياء, وهم الصف الأول في المجتمع بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم, وحصانتهم يجب أن تكون مقدمة على حصانة أعضاء البرلمانات في بلادنا العربية والإسلامية، ويجب ألا يقل راتب العالم أو الداعية عن راتب أكبر موظف رسمي في الدولة،ويجب أن يكون هدفنا الأساسي هو الارتقاء بمستوى الداعية المسلم على كافة الأصعدة. تحديات كثيرة رغم أهمية المشروع وضرورة الاهتمام بالدعاة إلا أن الأمة تواجه حالياً تحديات كبيرة تستوجب تركيز الاهتمام عليها فكيف يمكن مواجهة تلك التحديات من وجهة نظرك؟ التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية متعددة، سياسية عسكرية واقتصادية واجتماعية، وهناك تحدي الغزو الفكري، وكلها تدخل تحت نطاق العولمة، وهذه التحديات لا بد أن تواجه بيقظة ونشاط سياسي واقتصادي واجتماعي، ولا بد أن تقوم كل دولة من الدول الإسلامية بمهمة قوية وبدور فاعل في العمل والإنتاج والتقدم العلمي ومواجهة التحدي الحضاري، ولا يتأتي هذا إلا بتكامل الدول الإسلامية وتكامل جميع الدوائر العلمية، وهذا يحتاج إلى وحدة الأمة الإسلامية، حتى يتحقق التكامل السياسي والاقتصادي والتربوي وفي كل مناحي الحياة ومجالاتها. *ربما كان هناك تحد أخطر وهو تعمد تشويه صورة الإسلام والمسلمين خاصة في الخارج فكيف يمكن مواجهة هذا التحدي ؟ الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين في الخارج ناتجة إما عن ضعف بعض المسلمين وبعض الذين ينتمون إلى الإسلام زورا وبهتانا وكذلك بعض الذين أساءوا بتصرفاتهم الإرهابية، لكن الآخر جهل معاني الإسلام فرماه بما رماه به، بالإضافة إلى سوء النية من الآخر تجاه الإسلام والمسلمين، ولو نظر هؤلاء للإسلام لوجدوه دين السماحة واليسر والرحمة، وانه الدين الذي قال الله تعالى فيه لرسوله، صلى الله عليه وسلم: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وهذا يدل دلالة قاطعة ويحمل البراهين الساطعة على أن الإسلام دين عالمي، وان دعوته هي السماحة والرحمة للعالمين. خوف غير مبرر في نظرك لماذا كل هذا الخوف الغربي من الإسلام وهل هو مبرر؟ من المفترض أن يحدث العكس, لأنه لا يصح وليس من المعقول أن يخاف أحد من الإسلام, ففي ظل الحكم الإسلامي يأمن الفرد والمجتمع والأسرة, ولا خوف على سكان العالم أبدا من انتشار التعاليم الإسلامية, فالإسلام دين الرحمة ولقد خاطب الله رسوله بقوله:" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين", وهو الدين الذي يحترم حقوق الإنسان، ويحترم غير المسلمين ويقر بحقوقهم، وهذا الخوف الغربي من الإسلام غير مبرر على الإطلاق ولكن للأسف الشديد هذا التربص بالإسلام والمسلمين تقف وراءه أصابع خفية تعادي الإسلام في ذاته،بالإضافة إلى سلوكيات بعض المسلمين الخاطئة التي تؤدي إلى تشويه صورة الإسلام في الداخل والخارج كيف يمكن التصدي لهذه الأصابع وتصحيح صورة الإسلام أمام الشعوب الغربية وهل لا يزال للحوار دور فعال في هذا الإطار؟ تصحيح صورة الإسلام تكون بإتباع أسلوب الحوار الموضوعي الذي يستند إلى قواعد وأصول، والحوار مع الآخر يستوجب بيان حقائق الإسلام الناصعة ومنهجه الواضح, بأن تنشط وسائل الدعوة ومراكز الإسلام والجامعات الإسلامية والإعلام الإسلامي، بحيث يبث تعاليم الإسلام الصحيحة, ويعرف الناس بعظمة هذا الدين وبما يشتمل عليه من رحمة وتسامح وعدل وحرية, والحوار مع الآخريحتاج إلى تكافؤ الفرص بين الطرفين، وإلى حوار إسلامي – إسلامي, وحوار عربي – عربي أولا, ثم ننتقل به للحوار مع الآخر ليكون له جدوى. لا نريد إصلاحاً كيف تنظرون إلى دعوات ضرورة إصلاح المجتمعات الإسلامية التي تنطلق من وقت لآخر في الداخل الإسلامي ؟ يجب أن تسير قاطرة إصلاح المجتمعات الإسلامية دون توقف في كل مجالات الحياة،لأن هذا الإصلاح المطلوب هو الضمانة الوحيدة لإخراج الأمة الإسلامية من مأزقها الحضاري الحالي والانطلاق نحو التقدم والرقي، ولكن لا بد أن يكون الإصلاح نابعا من الداخل وليس مفروضا من الخارج، وان يحقق مصالحنا نحن وإلا يكون المستهدف منه تحقيق مصالح قوى معينة أو فرض هيمنتها على المسلمين أتحدى المشككين السنة النبوية تتعرض من وقت لآخر للهجوم والتشكيك فيها في الداخل الإسلامي للأسف وخاصة البخاري ما سر هذا الهجوم وكيف نواجهه؟ هذه الهجمات قديمة، وقام بها كثير من المستشرقين وأعداء الإسلام ومن نهج نهجهم، ولكنها هجمات لا قيمة لها، لأن الله الذي تكفل بحفظ القرآن الكريم ،وكل صحيح من السنة النبوية، فالسنة بمثابة كيان قوي ثابت الأركان غير قابل للتشكيك ورغم تعدد أوجه الطعن فيها على مدى التاريخ الإسلامي الطويل إلا أن هذا لم ينل من مكانتها ومنزلتها في نفوس المسلمين باعتبارها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي وقد ساهم بشكل كبير جدا في صياغة الفقه الإسلامي فيما يتعلق بالكثير من مسائل العبادات والمعاملات والتي تمثل محور حياة الإنسان في كل زمان ومكان،والسنة النبوية منذ فجر التاريخ الإسلامي لاقت عناية واهتمام العلماء والباحثين فقد كانت تمثل موضوعا جوهريا لمئات وعشرات الأبحاث والدراسات التي ساهمت في تنقيتها وتصحيحها وبيان الضعيف منها والقوي الدلالة حتى وصلت إلينا في صورة علم متكامل الأجزاء والأركان يصل إلى درجة اليقين، ومن ثم فان الأساس الذي يستند إليه هؤلاء المغرضون الذين يتمسحون بالقرآن وهو برئ منهم أساس باطل ومردود عليه ولا صحة له على الإطلاق،والذين يحاولون اليوم التشكيك في الحديث وخاصة كتاب الإمام البخاري فهؤلاء دخلاء على الإسلام ويسعون للطعن فيه دون جدوى ،وإنني أتحدى أن يأتي أحد بحديث واحد ضعيف في صحيح البخاري ومستعد للرد عليهم بالحجة والبرهان القرآنيون مارقون ربما يقودنا ذلك للحديث عن مجموعة القرآنيين الذين يدعون التمسك بالقرآن الكريم والاكتفاء به دون الاستناد للسنة النبوية ؟ القرآنيون فئة مارقة تسعى لتخريب ثوابت الإسلام مع سبق الإصرار والترصد،فهم يدعون أن القرآن الكريم كاف بتعاليمه، ولا حاجة للسنة النبوية ونسوا أنهم بهذا خالفوا القرآن الكريم نفسه لأنه يقول: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"،فإذا كانوا يتمسكون بالقرآن الكريم كما يدعون فلماذا أسقطوا من ذاكرتهم المشوهة هذه الآية الكريمة الخطاب الديني تجديد الخطاب الديني أصبح قضية ملحة في الوقت الحالي فكيف يمكن التعامل معها بشكل صحيح؟ يجب أن يكون الخطاب الديني موافقًا للغة القوم الذين يتوجه إليهم على ألا يتعدى على الثوابت، أي إن التجديد ليس معناه تجاهل ثوابت الإسلام والاعتداء على الأصول الشرعية المعتبرة عند العلماء، ولكنه يعني إعادة طرح هذه الأصول بشكل يصل لعامة الناس، ويتسلل إلى قلوبهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها"، ولا يقصد النبي من قوله هذا أن الدين يتعرض للقدم بل المقصود هو التجديد في طرح الدين، وفي عرض قضاياه، فالتجديد هو سنة الله في خلقه، وهو ضرورة في هذا العالم المتغير، المراد هو تطوير الخطاب وتحديثه وتجديد آلياته وبعث ما توارى منه، وإحياء المقاصد الإسلامية في ثوب يتناسب مع روح العصر الدعاة الجدد كيف تنظر لظاهرة الدعاة الجدد وهل يسهمون في تشكيل العقل الإسلامي بشكل صحيح أم العكس؟ الدعاة الجدد في العالم الإسلامي ظاهرة صحية ويجب على المؤسسات الدينية الرسمية في العالم الإسلامي تشجيعها، وانتقاء العناصر الصالحة من الدعاة الجدد وإدماجهم ضمن برامجها الدعوية، لما لهؤلاء الدعاة من قبول لدى الجماهير،وإن استعانة المؤسسة الدينية بمثل هؤلاء الدعاة سيحقق لها نجاحاً في قيامها بالدور التوعوي للمسلمين بمختلف القضايا الحياتية، ويجب عدم التعرض لهؤلاء بالمنع ، خصوصا العناصر المؤهلة منهم ، ولكن شريطة التزامهم بعدم تعرضهم لكبرى القضايا الإسلامية والفقهية التي تحتاج إلى كبار العلماء والفقهاء المجتهدين،ويجب على كبار العلماء والمؤسسات الدينية الرسمية أن تأخذ بأيدي هؤلاء الدعاة الجدد حتى يكونوا دعاة للمستقبل وصفوفا تالية للدعاة الرسميين،خاصة وأنهم يتميزون بالبراعة في الأسلوب وفى لغة الخطاب الديني، وأنهم يحرصون على تحديث الخطاب الديني بما يتلاءم مع كل مرحلة،خاصة وأن التدريب على الدعوة وتعليمها للأبناء ليرثوا الآباء في نشر تراث النبوة، من الأمور المطلوبة، والساحة الدعوية في حاجة إلى أضعاف الأعداد الموجودة حاليا، ويجب ألا يتعجل الشباب التصدي للدعوة لأن الشاب الداعية مثله في هذا المجال مثل الثمرة، إذا أخذت قبل نضجها لم يكن مذاقها كما هو المذاق المحمود، ولم يكن نفعها كما هو منتظر، بل ربما كان للاستعجال وأخذها قبل نضجها أضرار على من يتناولها،و على الشاب الذي يريد التصدي للدعوة أو الإفتاء أن يعطى نفسه الوقت والقسط الوافر للتكوين العلمي والثقافي والفكري،ويجب ألا يجتهد الشاب الداعية برأيه، أو يقول قولا في أمور مستحدثة أو شائكة قبل أن يتأكد منها، وأن يرجع إلى أمهات المراجع والكتب وكبار العلماء، والمرجعيات الدينية التي تحسم الأمور التي من شأنها تعدد الآراء فيها. لا وقت عندي هناك من ادعى أنه المهد المنتظر في إحدى قرى محافظ الفيوم الشهر الماضي وطالب بمناظرتك بحجة أنك تعلم أن سر خروج المهدي المنتظر سيخرج من مصر؟ هذا الكلام غير مسئول ويخرج من شخص يعاني من خلل فكري بل وديني فلا يعرف أحداً متى وأين سيظهر المهدي المنتظر،ونحن ليس لدينا وقت لمناظرة كل ناعق يدعي أنه مهدي منتظر أو غير ذلك فوقت العلماء أثمن من الاستماع لمثل هذه التفاهات والخرافات الفكرية ،وإنني أنصحه بالتوبة والعودة إلى المنهج الديني الصحيح بدلاً من هذه الخزعبلات التي يعيش بها ويطالب العلماء بمناظرته فيها،وليس في هذا تكبر مني ولكن بدلاً من اقتطاع الوقت للتعرف على هذه الأفكار الغريبة أن يستثمر هذا الوقت في الدعوة إلى الله ومناقشة إحدى قضايا المسلمين المهمة والملحة