يراهن كثير من أعداء الوطن على الطائفية والاحتقان كأحد الأسلحة المستخدمة من أجل وهم أذهانهم بالنيل من الوطن، دائماً ما تتحطم أمانيهم على صخرة الوعي الجمعي وصدق التعايش السلمي بين الطيف المذهبي والفكري السعودي. كما تراهن المجموعة المستنيرة على المحبة الحقيقية ومشاعر الود المتبادل دون تصنع وزيف، ولذلك ينجح الوطن دائماً ويفشل دعاة التشدد والتشنج والخطاب الطائفي. المملكة العربية السعودية جغرافياً متباعدة كبيرة جداً قياساً على عدد السكان، كما تتنوع فيها ألوان الطيف الفكري. كما يعلم الفاعلون في تشكيل المشهد الثقافي وصناع الرأي وعشاق الحوار الشفاف، أن الرموز المستنيرة هي رهان المستقبل من أجل مجتمع متصالح بين رموزه وطوائفه. إن الحوار النخبوي يساعد في فهم الآخر أو طريقة التفكير، لكن حين نتحدث عن حوار حقيقي نابع من الداخل، حوار تصالحي توافقي، عندئذ تميل الكفة لصالح العيش المشترك وتبادل الآراء، ذهبت بي الذاكرة لسنوات الجامعة في منتصف التسعينات الميلادية وصورة شيخ من رموز الطائفة الشيعية كان يتردد اسمه كثيراً في كلية الآداب – جامعة الملك سعود، تلك كانت المرة الأولى التي أسمع فيها اسم الشيخ حسن الصفار. وكنت أرى دائماً أن الشيخ الصفار يقف مواقف حازمة تجاه شيوخ الفتنة وآخرها خطبة الجمعة التي جرم من خلالها المتطرفين الذين يسبون الصحابة. لقد شجعت الحكومة على الحوار بين جميع الطوائف وأنشأت لذلك مركزاً متخصصاً (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني)، الذي يجمع دائماً المختلفين ليكون مقرباً بين الجميع مثبتاً أن جميع المتحاورين يجتمعون في حب الوطن حتى أصبح هذا المركز يحتذى بتجربته في الحوار الوطني. ويحاول مثيرو الفتنة دائماً النيل من وطنية الشيخ حسن الصفار الذي استطاع خلال العشرين سنة الماضية أن يكون أحد رموز الحوار الوطني، وصاحب الآراء التوافقية والبعيدة عن الفتنة، رغم محاولة التيار المعادي لتوجهات الصفار النيل من شخصيته بزج اسمه ضمن افتراءات يحاول من خلالها مروجو الإشاعات النيل من شخصيته الوطنية وتضليل الإعلام وتأليب الرأي العام ضده، بينما تكشفت الحقائق دائماً عن شخصية سمحة يتميز من خلالها الشيخ الصفار ويتضح بأنه رجل توافقي، ولهذا كلما أساء له المتطرفون من الفئتين زادوه عظمة وإصراراً على المضي في دروبه الوطنية والتوافقية. كما نلاحظ أن كل مرة يشهد فيها الشارع موضوعاً له خصوصية معينة ما، يبدأ أعداء التقارب والتعايش المذهبي ببث الأكاذيب عن الرموز المعتدلة وأهمها الشيخ الصفار لعلمهم أنه يحظى بقبول ومصداقية لدى الطوائف الأخرى. في حديث لطيف في منزل أصدقائي من آل عيد الكرام وهم عائلة من القطيف يعيش بعض أفرادها هنا في الرياض، تحدثنا عن هذا مطولاً وكنا نقدر للشيخ دوره. الاسترسال في النقاش جعلني أفكر بدعوة الشيخ الصفار لعدة أسباب، تدور حول المحافظة على العلاقات الودية البينية ولأمر آخر بدأ نفس أصحاب الأكاذيب يروجون له وهو أن كل المشهد التقاربي تديره وتنظمه الجهات الرسمية، لذا أحببت أن تكون دعوة أهلية يجتمع فيها أصحاب الفكر والرأي كي يلتقي الصفار معهم ويلتقون به، ومن خلال هذا اللقاء نبعث برسالة خاصة نقول فيها إننا نشجع حكومتنا الرشيدة في دعواتها الدائمة للحوار، وهذا ما لمسته أيضاً من خلال موافقة الشيخ الصفار لهذه الدعوة غير الرسمية، للقاء مع رموز فاعلة في المشهد السعودي. المجتمع السعودي يعيش حالة من التناغم الداخلي يحسدوننا عليها. ويبقى السؤال هل سيفهم البعض أن وحدتنا الوطنية حقيقية ومتينة وأن علاقاتنا البينية ليست زيفاً وادعاء أو بناء على توجيهات رسمية في حوار النخب؟