يواجه كثير من المفكرين مصاعب وعقبات جمَّة، تحُول دون تحقيق طموحاتهم وآمالهم بسبب تعرضهم للهجوم من ذئاب مفترسة وشرسة عديدة، أهمها ثلاثة ذئاب ذكرها المفكر عبدالوهاب المسيري – يرحمه الله – في كتابه « رحلتي الفكرية»، وهي ذئب الثروة وذئب الشهرة والذئب المعلوماتي الهيجلي. في هذه المقالة نورد لمحة عن ذئب الثروة الذي يهاجم المفكر، وتتسبب في صرفه عن مواصلة مشروعه الفكري بسبب هوسه بالثروة وتزايد ضغوطات الحياة ومتطلباتها ورغبته في مسايرة الأقران والمنافسين. وما يزيد شراسة هذا الذئب التسابق المحموم نحو الثراء على حساب الفكر وتنامي ثقافة» الثراء السريع» التي تحدُّ من إبداع المفكر، وتؤثر على إنتاجه الفكري لما فيها من أحادية وتنافسية يكون فيها البقاء للأقوى بصرف النظر عن الفكرة الأصيلة والقيمة الأخلاقية المضافة التي تُعد من أهم ميزات وصفات المفكر الحقيقي. ويؤكِّد المسيري صعوبة الجمع بين الفكر والثروة، لأن التأليف والثروة أمران منفصلان في الغالب، مما يدعو المفكر إلى ترويض ذئب الثروة، وألاَّ يفني عمره في تحقيقها، بل يسخِّر المال نفسه في تحقيق رؤيته الفكرية، ومحاولة العمل في مهام ووظائف تخدم مشروعه الفكري. «لكم المجد ولنا الثروة» عبارة أوردها المسيري قالها أحد الناشرين لأحد المفكرين بعد أن عرض عليه نشر موسوعته بمبلغ زهيد جداً (قد نجد رجلاً ثرياً لم يطلع على أبسط الأفكار ولم يكلف نفسه قراءة كتاب أو قصة خارج نطاق عمله المادي). أخيراً يؤكد المسيري أن لزوجة المفكر دوراً في كبح جماح الرغبة العارمة في ثروة الأسرة والحد من النزعة الاستهلالكية فيها، وأنه كان لزوجته دور بارز في إنضاج موسوعته الفكرية المعروفة التي اضطر فيها إلى التفرغ بعض الوقت لإنهاء الموسوعة والبقاء فترة دون دخل مالي.