يتسابق الكبير والصغير في محافظة القطيف خلال شهر رمضان المبارك لدراسة القرآن الكريم في المجالس، حيث اعتاد الأهالي على إقامة مجالس مختصة لتلاوة القرآن الكريم، وذلك بعد الإفطار بساعة، أو ساعتين، وتستمر هذه التلاوة ثلاث ساعات يومياً باستخدام مكبرات الصوت ليُصدع بالآيات العطرة في جميع أرجاء الحي، ويوزع خلال هذه المجالس الشاي، والقهوة، والتمر، ويُهدى ثواب هذه المجالس إلى أموات المسلمين، ولا يخلو بيت من بيوت القطيف من إقامة هذه العادة، وفي القِدم كان لا يحضرها إلا كبار السن، أما حديثاً فأصبح الجميع يحضرها، من كبار سن، وصبية، وأميين، وتكون القراءة بالدور، إذ إن كل شخص يتلو جزءاً من القرآن الكريم، وبعد انتهائه يعطي المصحف الشريف للشخص الذي يجلس إلى جانبه حتى ينتهي الدور. يقول حسين كاظم البالغ من العمر تسعين عاماً، اعتدت على تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك بعد الإفطار في كل ليلة ساعة، أو أكثر، وأوضح أن هذه العادة تقام في منزله منذ قرابة 75 عاماً في شهر رمضان المبارك، وبين أنه على الرغم من اختفاء غالبية العادات في شهر رمضان إلا أن هذه العادة ازدادت مع مرور الأعوام، مشيراً إلى أنه سابقاً كان كبار السن هم من يملؤون هذه المجالس بتلاوتهم القرآن الكريم، وحالياً أصبحت تتسع لجميع الفئات، وذكر أن أكثر ما يجعله يشعر بالسعادة هو اعتبار الأمر أيضاً صلة رحم، واجتماع الأقارب من أجل فعل الخير، وبين أنه نظراً لتقدمه في العمر، وتضرر عينه، أصبح لا يستطيع مواصلة القراءة كثيراً، مضيفاً بقوله «غالباً إن لم أستطع مواصلة القراءة، أكتفي بالاستماع إلى آيات القرآن الكريم، أو أكمل القراءة في قلبي لحفظي معظم الآيات القرآنية». وذكر سالم سعيد البالغ من العمر أربعين عاماً، أن مجالس تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك لا تقتصر فقط على من يُتقن القراءة، مشيراً إلى أن الأميين يستفيدون من الحضور للاستماع إلى آيات القرآن الكريم، وفي الوقت ذاته يعملون الخير من خلال التجمع مع الأقارب، وصلة الرحم، وأوضح أن هذه العادة لم تتوقف في منزل والده منذ صغره، وقد حفز أبناءه حالياً على حضور هذه المجالس، وتلاوة القرآن، مشيراً إلى أن هذا الأمر يُعتبر من أهم أعمال الشهر الكريم. وأوضح محمد حسين، البالغ من العمر 44 عاماً، أنه شارك في هذه المجالس من حيث الإعداد لها، وتلاوة القرآن الكريم، وعقد محاضرات دينية في بعض الأحيان بعد القراءة ليستفيد الجميع، مشيراً إلى أن هذه العادة تُقام في منزل والده منذ أكثر من خمسين عاماً، موضحاً أن ذلك يكون بعد وجبة الإفطار بساعة، مضيفاً أن جميع الأقارب يحضرون هذه المجالس، والمتعلم منهم يتلو القرآن الكريم، والأمي يكتفي بالاستماع إلى الآيات القرآنية، وذكر أن أعداد هذه المجالس قد تصل في الحي الواحد إلى سبعة أو ثمانية مجالس، وبين أن لكل شخص نصيب نصف ساعة لتلاوة القرآن الكريم. وذكر مهدي حسين، البالغ من العمر 51 عاماً، أن سبب تزايد هذه المجالس في محافظات القطيف اعتبار شهر رمضان شهر القرآن الكريم، وذكر أن ثواب هذه التلاوة يكون لأموات المسلمين، وبين أن كثيراً من النساء يشاركن في الإعداد لهذه المجالس، من حيث توفير الماء، وإعداد القهوة، والشاي، وعمل البخور، وطهي الحلى الممزوج بالتمر، إضافة إلى ترتيب هذه المجالس، وذكر أن هذه العادة أفادته في حفظ كثير من السور القرآنية.