ثمة صراع ينشأ بين النص وبين القارئ، هذا الصراع المحتدم إلى حد ما تفرضه قصدية الكاتب وحيله، التي قد تسبب سلطة افتراضية توهم المتلقي باستعلائها. فالنص الأدبي في مجمله -متى ما كان إبداعياً غامضاً- سيكون مزعجاً للمتلقي الذي يبذل جهداً في تفكيكه بما تمليه ذهنيته من ثقافة ربما يستطيع من خلالها أن يعري هذا النص من رموزه وألغازه التي قد يتعمدها الكاتب لإثارة القلق والجدل في نفسية هذا المتلقي. “ثمة قراءة لا تعطي شيئاً” كما يقول رولان بارت، فسلطة النص قد لا توفر للمتلقي مناخاً دلالياً استقرائياً بقدر ما توفر له تأزماً فيما تراكم في ذهنه من مفردات ومضامين تمثل حالة اللاوعي بمكنون الكتابة الأدبية السلطوية المغايرة لكثير من الكتابات المباشرة. فقراءة النصوص الأدبية في رأيي تمثل سلوكاً مختلفاً، وتمثل في حينها فعلَ وعيٍ وإدراكٍ يَتحققُ بالممارسة المنهجية التي يقرها المتلقي، وألا يجعل قراءته لأي نص، وأقصد بذلك النص الأدبي المتجاوز في لغته وأسلوبه ومضمونه النصوص الأدبية الأخرى قراءة عابرة شكلية، بل يسعى إلى قولبة تلك المفاهيم الاستعلائية في نظره إلى مفاهيم ومدلولات من واقع الحياة. مزيد من الاحتمالات قد يلقيها المتلقي على النص المفتوح، من رصد وإقصاء وإفراز وانحياز، كل ذلك في سبيل تذويب سلطة النص وتطويعها؛ حتى تصل إلى المفهوم الانتمائي الذي يقربه -أي هذا المتلقي- لتبعات الكاتب وإدراك ذاته الكتابية، كمحاولة جادة لفهم المخبوء؛ ذلك أن هناك قراء آخرين ينتظرون أيضاً تفكيك النص وتأويله حسب فكرهم وتعاطيهم مع هذه النصوص الأدبية.