يمكن للرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، أن يحدث نقلة «سياسية» نوعية في المنطقة لو طبَّق ما قاله عن ضرورة تحسين علاقة بلاده بدول الجوار، وبالتحديد دول الخليج العربي. لو نجح رجل الدين المعتدل الذي تحول إلى رئيسٍ للجمهورية في هذه المهمة وحقق اختراقاً في ملف المفاوضات حول النووي الإيراني فسيدخل التاريخ من الباب الواسع، وستكون المنطقة بصدد معادلات سياسية واستراتيجية جديدة. لكن الأمر يتعلق أيضاً بأن يُدخل روحاني تعديلاتٍ على المقاربة الإيرانية للصراع السوري؛ لأنه يظل نقطة خلاف كبير بين طهران والعواصم العربية، ولن تقبل هذه الأخيرة أقلَّ من انسحاب القوى الإيرانية من الداخل السوري قبل تقريب وجهات النظر حيال هذا الملف. الأمر صعب بكل تأكيد، والبناء السياسي للنظام الإيراني سبب ذلك، لكن الرئيس في إيران لا يزال ذا تأثيرٍ في صناعة القرار حتى وإن لم يتفرد باتخاذه، وقد رأينا أن الناخبين الإيرانيين نزلوا بمعدلات جيدة إلى صناديق الاقتراع واختاروا التغيير ممثلاً في روحاني القريب من الإصلاحيين في مؤشرٍ على قناعتهم بأن موقع الرئيس له تأثير، فهو لم يفقد قيمته بعد، ولعل هذا يفسر الآمال المعقودة على روحاني داخل بلاده وخارجها. إن إيران أمام حقبة جديدة فيما يتعلق بسياساتها الخارجية التي جلبت لها عديداً من الأضرار خلال فترة حكم المحافظين، وإن إصلاح الأداء الدبلوماسي الإيراني ستكون له آثار إيجابية تغيِّر من النظرة السلبية لطهران وتخفف من العقوبات الاقتصادية. روحاني يواجه تحدياً كبيراً وملفاتٍ شائكة ستلقي به في صراعات مع مراكز القوى الداخلية، هذا مؤكد، لكن الإيجابيات التي ستعود على بلده وشعبه إذا نجح في هذه المواجهة تستحق منه أن يخوضها، وهي معركة سياسية تستحق الرصد والاهتمام.