في الوقت الذي بعث فيه الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني برسائل مطمئنة بإعلان حرصه على علاقة بلاده مع دول الخليج والمملكة، لخص محللون ومهتمون بالشأن الإيراني المسألة في 4 ملفات قالوا إنها تمثل تحديات أمام روحاني لإثبات حسن النية وإعادة الثقة للعلاقة مع المملكة، وفي مقدمتها "الأزمة السورية"، والتي أظهر روحاني خلال مؤتمر صحفي أمس، أنه لا يختلف إطلاقا عن موقف سلفه أحمدي نجاد. وحول صلاحيات روحاني إزاء القضايا المهمة مثل "الملف النووي" و"الأزمة السورية" و"التدخل في الشؤون الداخلية لدول خليجية وعربية"، و"نشر التشيع"، علق خبراء سياسيون ل"الوطن"، أن العقدة السياسية في إيران تكمن في أن القرارات تعود إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، مؤكدين أن الملفات الأربعة تحتاج لجهد كبير من الرئيس الجديد لإعادة الثقة مع الدول الخليجية.
ساد التفاؤل الحذر الأوساط السياسية وتعليقات الخبراء على المضامين التي أوردها الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، في مؤتمره الصحفي الذي عقده أمس، وتحديدا حينما عاد للتأكيد على موقف بلاده الثابت من الحكومة السورية الحالية باعتبارها شرعية حتى 2014، وتمسكه بحق طهران بتخصيب اليورانيوم. وعلى الرغم من محاولة روحاني بث رسائل اطمئنان للدول الخليجية والسعودية حول حرصه على تطوير العلاقة وفق الأرضية المشتركة الموجودة مسبقا بين الجانبين، إلا أن خبراء من مجلس الشورى ومراكز دراسات سياسية واستراتيجية، رؤوا أن العقدة في طهران تكمن في أن القرار السياسي بيد "الولي الفقيه"، وأن الرئيس المعتدل لم يصل إلا بعد أن قرر المرشد الأعلى علي خامنئي ذلك. ولخص الخبراء التحديات التي تواجه روحاني بدول الخليج عامة والسعودية خاصة ب4 ملفات، تتمثل ب"الملف النووي العسكري" و"التدخل في الشؤون الداخلية" و"نشر التشيع" و"الأزمة السورية". وسجل أكثر من متحدث كان يعلق ل"الوطن" أمس على ظهور روحاني الأول، تشاؤمهم من إمكانية تغييره للسياسة الإيرانية، حتى أن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور أنور عشقي قال: "روحاني لا يقدم ولا يؤخر سوى أنه يكثر من الابتسامات ويقرب من النفوس. أما الجوهر لا يستطيع أن يغيره فيه. أساس التغيير عائد للولي الفقيه أو المرشد الأعلى. وهذا الأخير يدعي أنه يتلقى أوامره من الله - عز وجل -". ويرى عشقي أن فوز روحاني بانتخابات الرئاسة الإيرانية، لم يكن ليتحقق لو لم يكن المرشد الأعلى قد اصطفاه من بين الآخرين، نظرا لرغبة خامنئي بالتوجه نحو الاعتدال خلال السنوات الأربع المقبلة. وتوقف عشقي عن القطع بإمكانية أن يؤدي اعتدال السياسة الإيرانية عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول الخليجية أو العربية بما فيها الأزمة السورية، وإقناع حزب الله من سحب قواته من الأرض، وعدم تأجيج الصراع الطائفي بين السنة والشيعة. وأكد عشقي أهمية أن يعمل روحاني على تخفيف التوتر بين بلاده ودول الخليج والسعودية خاصة، لتكون أرضية لإعادة الثقة بين الجانبين. بدوره، خالف عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل، ما ذكره عشقي بشأن وصول روحاني إلى سدة الحكم في إيران. وقال: إن فوز روحاني "مؤشر قوي على رغبة غالبية الشعب الإيراني بالاعتدال ونبذ التشدد والتطرف، اللذين اتسمت بهما إدارة الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد". وأشار فاضل في تصريح ل"الوطن"، إلى أنه معروف عن روحاني أنه ممن يدعون إلى الاعتدال وتعديل السياسات الداخلية والخارجية الإيرانية، مضيفا أن الأرقام تشير إلى أن فوز روحاني كان كاسحاً ومن الجولة الأولى، معتبراً أن هذا يجعله من أكثر الرؤساء شعبية مقارنة بمن سبقه، وهو الرئيس ال11 في إطار جمهورية إيران الإسلامية. وقال صدقة: "اعتدال الرئيس المنتخب سينعكس على سياسات إيران الداخلية والخارجية، ولكن يجب أن نعي أن المرشد الأعلى علي خامنئي يتمتع بسلطات مطلقة، حتى رئيس الجمهورية ليس لديه مثل هذه الصلاحيات، بل إن صلاحيات الرئيس هي تنفيذية محدودة، وأن على رئيس الجمهورية أن يطيع توجيهات المرشد الأعلى ولا يخرج عن طوعه وإرادته، فصلاحيات الرئيس محدودة والمهيمن على السلطات والصلاحيات هو المرشد الأعلى. وتابع: "معروف عن خامنئي أنه من المحافظين المتشددين، معتبرا أننا بناء على ذلك سنجد رئيسا معتدلاً يسيطر على السلطة التنفيذية، ولكن الرئيس الأعلى على كل السلطات وهو المرشد الأعلى لديه كثير من التشدد، بمعنى أن اعتدال روحاني قد يصطدم بتشدد علي خامنئي، واعتدال روحاني لن يكون له تأثير كبير على السياسات الداخلية والخارجية لإيران". وحول تمسك روحاني بتخصيب اليورانيم، قال صدقة: "أعتقد أن السياسة النووية الإيرانية ستستمر على ما هي عليه مع وجود شيء من المرونة في الموقف الإيراني تجاه المطالب الدولية بخصوص الملف النووي الإيراني، معتبرا أن مسألة التنمية النووية الإيرانية السلمية كما يقولون، هي مسألة إجماع، لا يقبل الإيرانيون أن يكون فيها أي جدال بصرف النظر عن توجهاتهم سواء كانت متشددة أو معتدلة، فهم يصرون على ضرورة المضي في التنمية النووية للتطبيقات السلمية في إيران". كما أكد صدقة بأنه كان من الطبيعي أن يكون كلام روحاني تأييدا للنظام السوري ورئيسه بشار الأسد، باعتبار الموقف الإيراني تجاه سورية، معتبرا أن تصريح روحاني يتماشى مع الإطار العام للموقف الإيراني تجاه الأسد. مضيفا أن موقفه لا يختلف عن عدة مواقف لدول أخرى، ترى أن النظام السوري شرعي ويجب أن يستمر حتى نهاية فترته 2014. من جهته، يرى المستشار الأول ومدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب بمركز الخليج للأبحاث الدكتور مصطفى العاني، أن الأصوات المتفائلة بوصول روحاني إلى الحكم في إيران ليست في محلها. وقال ل"الوطن": "جربنا من هم قبل روحاني ونحن نتفاءل بطريقة غير عقلانية، وتفاؤلنا في غير محله ويجب أن لا نستعجل فيه". ولفت العاني إلى أن العلاقة السعودية الإيرانية فيها اشتباكات كثيرة وقضايا متعددة منها النووية، والسياسة التدخلية، بالإضافة إلى موقف إيران في القضية السورية، مؤكدا أن رئيس الجمهورية ليس بصانع للسياسة في هذه القضايا، ولا في القرارات الاستراتيجية أيضا. ونوه العاني إلى أن إيران لن تتنازل عن دعمها للأسد بأي ثمن، وستستمر في محاربة الثورة السورية، حتى مع وجود روحاني.