مواقع التواصل الاجتماعي و«تويتر» أشهرها وجدت لكي يُعبر الشخص عن شعوره ورأيه باستقلالية تامة لا يُشاركه بها أحد، يُغرد بما يشعر به لا بما يشعر به غيره، أو يجامل خاطر شخص ما من أجل عين «رتويت» على الطاير، أو زيادة «فلورز»، أو أمور نحن لا نعلمها، لأنني صراحة صُدمت من بعض الأشخاص الذين ربطتني معهم معرفة سابقة وتفاجأت عندما دخلت حساباتهم الشخصية لدرجة أنني بدأت أشك بأن هذا الحساب لا يمت لهم بصلة، وزالت الحيرة عندي عندما استفسرت من بعضهم عن سبب الاختلاف بين ما يُغرد به، وبين ما هو معروف عنه خارج تويتر أو على طبيعته. أحدهم ممن لم أقابله منذُ فترة طويلة دخلت حسابه ووجدته يعج بالحمد والشكر والتسبيح والأدعية وأقوال الأئمة والعلماء، عندها توقعت أن صاحبي فتح الله على قلبه و(تطوّع)، اتصلت عليه واتضح من كلامه و«شطحاته» بأن صاحبنا «هو هو»، لم يتغير بشيء، وعندما سألته عن السبب ولماذا لا يكتب ما يعكس طبيعته وفطرته أجاب مهاذراً بأنه ينوي الخطوبة قريباً ولربما يبحث أهل «العروسة» عن صاحبنا في هذا الموقع الشهير ويجدون ما يسرهم عند البحث وتتم الموافقة!! آخر سألته فأجاب عن نفس السبب بأنه لا يستطيع أن يمارس (هباله قدام الله وخلقه)! قلت له ولما لا؟ أجاب بأن المُتعارف عليه لدى ممن هم في سنه أنه يملك حسابين، حساب ل«الجماعة» والآخر ل«الشلة». وأن هذا الحساب خاص (للجماعة) والأقرباء فقط وهو مخصص للذكر والحديث فقط، أما حسابه الآخر الوهمي فهو مخصص لكتاباته وما يشعر به وما لا يستطيع قوله أمام أقربائه. هذان الشابان ليسا فقط هما وحدهما من يمارس هذا (النفاق الاجتماعي)، بل هم مثال للكثير من المغردين، ربما سبب ما يقومان به هو أن ثقافة مجتمعنا لا ترحم من يظهر على حقيقته أو يُخالفهم بشيء أو يعبر عن شعوره بتجرد تام وصراحة لا متناهية، لذلك لابد عليه من الظهور بمظهر المتدين فقط، ولا يجب عليه التغريد بما يعتقد أنه يُخالف توجهاتهم وأفكارهم، لذلك نجد أن هذا الموقع وغيره من مواقع التواصل يكثر فيه (الإمعات)، أو بما يسمون (مع الخيل يا شقراء)، لا أهداف لهم ولا أفكار ولا رأي حتى عند النقاشات تجدهم يحسبون للحرف الواحد ألف حساب ليس لأنهم يخافون من الانزلاق خلف المهاترات بل خوف من الرقيب فلان، أو قريب لهم ربما يغضب عليهم أو يؤدي إلى فقدان حظوة عند شخص معين، لهؤلاء نقول: أعانكم الله على أنفسكم وكفاكم (تبطحاً)، وما أجمل أن يعبر الإنسان عما يشعر به هو، لا أن يغرد وهو يضع شخصاً ما تحت حساباته.