ضمن سلسلة الرسائل الجامعية، صدر حديثاً عن مركز آفاق للدراسات والبحوث كتاب تحت عنوان «دور مؤسسات المجتمع المدني وحماية حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية» للكاتبة والناشطة الحقوقية عالية آل فريد، وهو رسالة لشهادة الماجستير في القانون الدستوري والنظم السياسية. ونظراً لندرة الدراسات والأبحاث في هذا المجال على مستوى المملكة، فإن هذه الدراسة تعدّ مساهمة حثيثة في سبر أغوار هذا المجال الحقوقي والمدني الذي بدأ في استقطاب الاهتمام دولياً ومحلياً. الدراسة تنحو إلى المنهج التوصيفي التحليلي، وتهدف إلى الوقوف على واقع حقوق الإنسان في المملكة والعلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني ومعوقاتها، والبحث عن صيغ شراكة بينها وبين القطاع العام في مجال تعزيز حقوق الإنسان. بالإضافة إلى العرض التاريخي والتأصيل الديني لمفاهيم حقوق الإنسان وتطورها، تتناول الباحثة آليات الحماية الدولية والإقليمية والوطنية لحقوق الإنسان من خلال الاتفاقيات والمنظمات الدولية، وكذلك الأنظمة المحلية في المملكة. في القسم المتعلق بحقوق الإنسان في المملكة تفرد الباحثة حيزاً كبيراً من البحث لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان، ومدى التطور الذي حصل فيها، وكذلك نمو الحراك الحقوقي بشكل عام بعد إنشاء مؤسسات حقوقية محلية على الرغم من رفض تسجيل عديد منها أيضاً. وكأي دراسة حقوقية شبيهة، تتناول فريد موضوع الضمانات القانونية لحماية حقوق الإنسان، حيث تشير إلى الضمانات الدستورية كمبادئ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء، إضافة لإشارتها إلى الضمانات الإدارية والسياسية والقضائية. أما القسم المتعلق بمؤسسات المجتمع المدني، فيسير أيضاً بنفس المنهجية من التأصيل النظري للمفاهيم والعرض التاريخي للممارسة. وترى الباحثة أن مسيرة مؤسسات المجتمع المدني في المملكة لا تزال متعثرة بسبب ضعف البيئة القانونية المنظمة لها، وعدم استقلال هذه المؤسسات بصورة كاملة عن الدولة، وغياب التنوع في برامجها، وكذلك قلة الكفاءات المؤهلة فيها. في هذا القسم أيضاً تحاول الباحثة البحث عن إجابة حول كيفية تعزيز دور المجتمع المدني في المشاركة الشعبية وحقوق الإنسان، مشيرة إلى مجموعة من الأفكار كالشراكة الوطنية، وبناء القدرات، والجمعيات المهنية، والمنتديات الثقافية وغيرها. وتوضح أن هنالك معوقات رسمية وذاتية قد تصعِّب من تنامي دور مؤسسات المجتمع المدني بالصورة التي يحتاجها المجتمع. تنتهي الدراسة بذكر مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة بشكل عام، بعضها موجه إلى المؤسسات الأهلية، والقسم الأكبر منها للجهات الرسمية ذات العلاقة. ويلحظ على الدراسة قلة الاعتماد على مصادر رسمية في المعلومات الواردة بالبحث، وكذلك عدم الاستفادة من البحوث والدراسات السابقة والقريبة من هذا المجال سواء كانت محلية أو أجنبية. كما أنها لم تجِب عن سؤال هل أن الصورة الحالية للمؤسسات الأهلية في المملكة هي من تجليات مؤسسات المجتمع المدني؟ والخلاصة أن الدراسة هذه بكل تأكيد تثبت الحاجة الماسة لمزيد من الأبحاث حول قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدني في المملكة.