تابعت كما تابعتم لقاء مجموعة من (المتشدِّدين) مع وزير العمل الدكتورعادل فقيه، ومناصحتهم له – كما يدَّعُونَ – لأنَّ هناك أموراً لا تعجبهم؛ لذلك قرَّروا (اقتحام) وزارة العمل فجأة مما سبب ربكة وإحداث ضجة إعلاميه في الوزارة، خصوصاً أن عددهم حوالي 200 (شيخ!!)، وهنا لابد من التوقف وتلخيص ما حصل في خمس نقاط: أولاً: من يكون هذا الشيخ أبانمي؟ وماهو منصبه لكي يقتحم هو وجماعته وزارةً لها احترامها وكيانها (ويأمر) بما يراه مناسباً، ويوجِّهُ بعدم رضاه عن قرار الوزير، بصراحة أكثر حاولت وحاولت أن أبحثَ عن منصب هذا الشيخ (المحترم) ولم أجد سوى (داعية إسلامي)! السؤال الذي لا يهدأ: هل كل (داعية إسلامي) يتدخَّلُ بما يقرِّرُه الوزراء ويُقحم نفسَه في أمور أكبر منه؟! ربما كان عمل هذا الوزير أكبر من عمر هذا الداعية المتشدد، وربما يرى ما يراه مناسباً بحكم عمله وقربه من القرارات، وقديماً قيل (مَن تدخَّلَ فيما لا يعنيه لَقِيَ ما لا يُرضيه). ثانياً: شد انتباهي قول أبانمي بأنه دعا على الوزير السابق غازي القصيبي، رحمه الله وغفر له، بالسرطان واستجاب الله دعاءه!، لقد بحثتُ في مواقع إسلامية كثيرة واستفسرت من عدة (شيوخ أفاضل) هاتفياً، وكلهم أفتوا بعدم جواز الدعاء على مسلم بالمرض أو بالموت، فهنا يتضح بما لايقبل التشكيك أنَّ (مشيخة) أبانمي (لك عليها)! ثالثاً: إذا افترضنا أنَّ الوزير عادل فقيه أخطأ في قرار ما؛ فهذا عائدٌ إلى أنه بشر يخطىء ويصيب، وقيل: مَن لا يخطيء لا يعمل، فأقول إذا افترضنا أنه أخطأ فهناك ولاة أمرٍ يُحاسبون الوزراء والمسؤولين على قرارتِهم ويُحاسبون على كل كبيرة وصغيرة، وليس (شيخ!!) أطلق لحيته وقصَّر ثوبَه ولبس مشلحاً رأى نفسه أنه مسؤول عنهم، ويتباكى على وضع البلد وأن فيه تقصيراً وإهمالاً، وأنه الوحيد والمنقذ ولا يعلم أنَّ هناك جهاتٍ تشريعيَّةً بالمملكة العربية السعودية مسؤولة عن كل ما يحدث، سواءً من وزراء أو من غيرهم. رابعاً: أتمنَّى من الدولة، ممثلة في ولاة أمرنا حفظهم الله، ردعَ هؤلاء المتشددين وأمثالهم، وإيقافَهم عند حدهم وأخذ تعهد منهم بعدم تكرار مثل هذه (الاقتحامات) مستقبلاً؛ لأنَّ أيَّ قرار لا يعجبهم مستقبلاً سوف يكررون ما حدث، ويتجمهرون، ويقتحمون الوزارات والمؤوسسات الحكومية، وهذا يسبب فوضى وربكة أمنية نحن في غنى عنها، فإذا لم يتم ردعهم سوف يتكرر ما حدث، وبحماس أكبر؛ لأنَّ مَن أَمِنَ العقوبةَ أساءَ الأدب. أخيراً: يجب على أبانمي ومن معه أن يتأكَّدوا أن هناك رجالاً غيورين على البلد مثلهم، أو أكثر منهم، وأكفأ منهم، ويحاسبون بالخفاء، وينظرون للقرارات بتركيز وبُعد نظر أفضل منهم، ولكن أتمنى أن يُحاسَب هؤلاء المتشدقون بحب الوطن وأن يعووا بأنَّ الدولة لها أنظمتها وسيادتها، وأنَّ (الحبلَ ليس على الغَارب) كما يدَّعِي (قاتلُ الوزراء) !!