أطلق النظام السوري أكثر من ألفي معتقل سوري من سجونهم مقابل إفراج الجيش الحر عن ثمانية وأربعين «إيرانياً»، اعتقلتهم بعض كتائبه قرب دمشق قبل أشهر، خطوة تبدو ذات طابع إنساني لكنها تحمل مغزى سياسياً خطيراً، فالسوريون يعتقلون ويخطفون من الشوارع والطرقات والبيوت بعشرات الألوف، لمبادلتهم بإيرانيين أتوا إلى البلاد لمقاتلة السوريين، في وقت يتهم الرئيس معارضية بالخيانة والعمالة، ولا يستغرب المراقب لسلوك الرئيس مع الشعب السوري هذه الخطوة، خاصة أنه استخدم كل ما لديه من أسلحة ضد السوريين، لكن المفارقة أن يصدر الرئيس أوامره بقتل واعتقال أبناء الوطن ويدمر الوطن بل أحال سوريا ركاماً، وفي نفس الوقت يتحدث باسم الوطن بل يَعُد نفسه الوطن، لكنه يفضِّل الإيرانيين على أبناء الوطن. وما يثير استغراب المراقب لهذا الحدث الإشكالي (مبادلة الأسرى السوريين بالإيرانيين) أن هناك في سوريا عشرات الضباط من جيشه أسرى لدى الجيش الحر لكن الأسد لم يسع لإطلاقهم او مبادلتهم بمعتقلين من أبناء الوطن حسبما ذكر السوريون ساخرين من هذه العملية على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من من إطلاق أكثر من ألفي شاب من السجون ليعودوا إلى ذويهم، وأمر آخر لفت إليه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن مؤيدي الأسد ابتهجوا لإتمام عملية تبادل الأسرى لأنها أطلقت الإيرانيين وقدموا التهاني لإيران على إطلاق أسراها، ويتساءل المراقب للحدث السوري إلى أي مدى من الخطورة أوصل نظام الأسد النسيج الاجتماعي السوري، ففي الوقت الذ يرقص «شبيحته» على جثث الشهداء السوريين ويتلذذون بقتلهم، يبارك مؤيدوه لطهران إطلاق أسراها ويخشون إطلاق السوريين، وكيف يمكن الحديث مستقبلاً عن مصالحة وطنية في ظل هذا الانقسام الخطير بين أبناء الوطن الواحد الذي ما زال نظام الأسد يزيده شروخاً، ليؤسس هذا الانقسام المجتمعي لتقسيم سوريا الذي كثر الحديث عنه بين أوساط النظام وحلفائه منذ بداية الثورة، لن تزيد عملية تبادل الأسرى هذه حدة الانقسام السوري لكنها توضح حقيقة الصراع الدائر في هذا البلد وإلى أي مدى من الخطر وصل.