لديّ عيوب ومساوئ فهل أعتبر سيئاً بالمطلق؟! ولدي من المزايا والصفات الجيدة كثير فهل أعتبر «حسن السيرة والسلوك» في كل شؤون حياتي؟! الإجابة بديهية وهي بالطبع لا! لديّ -وأنت عزيزي القارئ- من هذه الصفات وتلك؛ استجابة لطبيعتنا البشرية المتمايزة والمختلفة، ولا تستطيع الحكم عليّ جازماً من موقف وحيد عابر بأنني سيئ الطبع أو حسنه، قد أكون جيداً في جميع شؤون حياتي مغتسلاً بالحب والتسامح ومكارم الأخلاق ثم تصيّرك الصدفة أمامي في موقف استثنائي وقد خرجت عن إطار «طبعي» الجميل! وقد أسيء دون قصد أو حتى ربما عن تعمّد لرد إساءة أكبر فهل حكمك عليّ بالسوء عدل في هذه الحالة؟! وقف فقير أمام باب سيدة اتصفت بالكرم فلم يجد عندها إلا الفتات -خلافاً لما يتناقله الناس من برها وسخائها- فكأنه وصمها بالبخل أو تذمر من صنيعها، ولم تجد ما تبرر به سوء حالها وعدم استطاعتها مساعدة السائل إلا أن قدّمت اعتذارها بشكل جميل بقولها -الذي ذهب مثلاً-: «بيتي يبخل لا أنا»! وإن كانت «عين الرضا عن كل عيب كليلة/ ولكن عين السخط تبدي المساويا» فإن الأحكام ستتباين عندها وتختلف، وليس شرطاً في هذه الحال أن يكون الحكم صحيحاً وجازماً على الإنسان، وما يعضد هذه الرؤية قول الرسول صلى الله عليه وسلم «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»! ولكن دون شك يبقى حكم الأغلبية هو الفيصل «أنتم شهداء الله في الأرض» بجانب حضور الرأي المتجرد من العوامل المؤثرة كالأهواء النفسية والميل! وهذا لعمري قليل!