احتدم النقاش بينهن في جلستهن الأنثوية الصاخبة ، كان موضوع الزواج هو المقطوعة الأميز بين المتزوجات والعازبات على حد سواء ، تناقلته أفواههن بمزيد من « اللت والعجن « كل منهن تحاول أن تثبت وجهة نظرها الفلسفية الخاصة فيه . منهن من كانت تعتبر أن الزواج منعطف في حياة المرأة عليه أن ينقلها خطوات للأمام وأي زواج لا يفعل هذا « بالناقص منه « ، أخرى رأت أن الزواج أبسط من هذا بكثير ، وأننا نعقده ونحمّله ما لا يحتمل ، لأنه بالنهاية مجرد ارتباط يحقق شرط المتعة والإنجاب « لا أكثر ولا أقل « ، أما الرومانسية منهن فقط انبرت تؤكد أن العواطف والاحتواء والحب هي أساس الزواج وحين تنتفي هذه العواطف لا داعي للزواج من أصله . أما شروط اختيار الزوج فهذه كانت لديهن سيمفونية أخرى .. فالشرط الذي كان مهماً في رأي إحداهن لإنجاح الزواج هو عند الأخرى ليس مهماً ، ولا حتى ضرورياً .. مواصفات كثيرة تم طرحها وترتيبها كهرم في سلم أولويات الزواج ، ومفردات عدة تراوحت بين الكرم والحنان والقدرة على الاحتواء والتفهم ، مشوبة بشيء من الشهامة والفخر بالأنساب والمهن والدرجات العلمية والقدرة المالية ناهيك عن صفات التفضيل المتعلقة بالجسد والملامح والسلوكيات الشخصية المتلونة . الخلاصة التي تخرج منها فور استماعك لجلسة صاخبة من هذا النوع أن « الناس فيما يعشقون مذاهب « ! لاشيء وفق « كاتالوج « منظم في موضوع الزواج .. والتجارب التي حولنا أثبتت لنا أن لا منطق يمكن أن ينجح مائة في المائة في موضوع الزواج تحديداً ! فما كانت المرأة ترفضه في فلان الذي تقدم لها ، يمكن أن تقبله ، ذاته ، في علان الذي تقدم لها بعده .. هكذا .. وبدون سبب .. تقول لك « أقبل فيه هذا العيب ولا أقبل هذا العيب في الآخر «! سبحانك ربي .. وما الأرواح سوى « جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ « . كما رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها. العلم الحديث يقول لك إن العلاقة بين شخصين مجرد كيمياء .. وأهل الاجتماع يبسطون المسألة على أنها اختلاف قناعات وفقاً لاختلاف الظروف .. هكذا .. ببساطة .. تقبل اليوم ما كنت رفضته بالأمس ، وتقبل الآن نقيصة في فلان لم تكن لتقبلها سابقاً من علان ! فهل هذا يعني أن موضوع الزواج - فعلاً - أبسط مما نتخيله ، وأننا نحمّله أكثر مما يحتمل .. كما قالت امرأة المجلس في البداية ؟