في الوقت الذي تنتعش فيه القصة القصيرة جدا كجنس أدبي يمثل خطابا سرديا مهما في المشهد الأدبي العربي، أجد -ومن رؤية خاصة- أن هذا الجنس تضمحل متابعته من قبل المؤسسات الأدبية محليا على الرغم من كثرة الكتّاب المبدعين الذين تورطوا -إن صح التعبير- بالكتابة في هذا الجنس الإبداعي، الذي يشكل بطبعه قيمة ثقافية، ويرصد مهارة الكاتب وإبداعه وفق عناصره الفنية، كما أنه يجسد وعي القاص بالموروث الإنساني حينما يلتقط أدق تفاصيل الحياة ويوظفها في ذاكرة كتابية قصيرة جدا تحتاج للتمرس والقراءة في كثير من الاتجاهات حسب قول ولتر كامبل أحد منظري القصة القصيرة: (لدى محاولة كتابة الأقصوصة عليك أن تستعرض وتحلل العشرات منها، وتقرأ ما تجده من الاتجاهات الحديثة لهذا الشكل). باعتقادي أن إعلان اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق عن نتائج مسابقة منتدى نازك الملائكة للقصة القصيرة جدا لعام 2012، حيث شارك فيها 183 قاصا وقاصة، إشارة واضحة على تعافي هذا الفن واستمراره في هذه الدولة، كما أن الملتقيات العربية التي تكتسب خصوصية هذا الفن وتعقد كل عام في المغرب وقبلها في حمص ودمشق وحلب وفي تونس أيضا مؤشر على سريان هذا الجنس واهتمام المؤسسة الأدبية به. وخليجيا حيث قام منتدى “متكأ” مؤخرا بإعلان مسابقة في هذا الفن الأدبي كدليل واضح على فاعليته في المشهد الأدبي البحريني. إذن بات من الضروري أن تنظر مؤسساتنا الأدبية نظرة نهضوية لهذا الفن وتكون من الدول الرائدة في الاهتمام به بتنشيط هذا الجنس عبر ورش العمل وعقد الأمسيات الخاصة به وتشكيل ملتقى عربي تعقد فيه الندوات والقراءات مساهمة في تطوير هذا اللون الأدبي الذي مارسه كثير من الكتاب العالميين والعرب. فهل يتشكل هذا الحلم في أنديتنا الأدبية قريبا؟