تتزايد أعداد المتسولين الوافدين في المملكة يوماً بعد يوم حتى تجاوز التسول مرحلة الحالة وتحول إلى ظاهرة لصيقة بالوافدين على مختلف جنسيتهم، ولم تقتصر الظاهرة على المدن الرئيسة، بل وصلت إلى المحافظات الصغيرة والأرياف، فمحافظة تربة وقراها أصبحت تكتظ بالمتسولين من مختلف الأعمار وبشكل أوسع، فشريحة النساء والأطفال الذين ينتشرون في الشوارع وأمام المساجد والأسواق يمدون أيديهم بالسؤال أمام كل من يمر أمامهم، بل وصل الأمر ببعض المتسولات اقتحام السيارات ومكاتب الموظفين والمنازل لطلب المساعدة ومد يد العون، وقد أبدى سكان تربة تذمرهم من تلك الظاهرة التي يصاحبها بعض التصرفات غير الأخلاقية لاسيما النساء اللاتي يستعرضن بكامل زينتهن في الشوارع والأسواق، وطالبوا الجهات المعنية باستئصال هذه الظاهرة السيئة ومحاربتها في الشوارع والأسواق والمرافق العامة. «الشرق» تسلط الضوء على هذه الظاهرة وتحاور جميع الأطراف التي صنعتها. قال فهد سعد إن الموظفين يتذمرون من اقتحام المتسولين سياراتهم أثناء خروجهم من مكاتبهم بلا استئذان وبدون حسيب أو رقيب على الرغم من أن الدولة وأجهزتها المختلفة تحارب هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع السعودي ولكن عدم وجود مكتب لمكافحة التسول ساهم في انتشار هذه الظاهرة لافتا بأن المجتمع ساهم في وجود المتسولين بكثرة بسبب إغداق العطاء لهم وتوفير السكن. وذكر منصور النجيمي أن المتسولات وأغلبهن من جنسيات عربية وأخرى مختلفة يتسترن بغطاء الوجه والعباءة ليحققن مآربهن من مكاسب مادية سريعة بعيداً عن الرقابة والجهات المعنية ولفت أن المتسولين والمتسولات عادة ما يتذرعون بحجج واهية ليست لها علاقة بواقعهم المعيشي مثل إبراز أوراق منسوخة تتضمن تقارير طبية غير معتمدة رسمياً وصكوكا شرعية يندرج بعضها ضمن قائمة الوثائق المزورة التي يعاقب عليها القانون إضافة إلى أنهم أصبحوا مصدر قلق للجميع حيث تنتشر معهم الأمراض والجريمة والفساد مشيراً إلى أن طيبة أفراد المجتمع وفرت لهم المناخ المناسب في البقاء بتربة. وأكد محمد قنان أن تزايد عدد المتسولات في تربة بهذه الصورة أصبح يشكل خطرا كبيرا على اقتصاد المملكة إضافة لبعض الممارسات غير الأخلاقية التي تمارسها بعض المتسولات اللاتي يتعمدن إبراز مفاتنهن للرجال مقيمين ومواطنين في محاولة منهن لجذبهم والحصول على مساعدات مالية، ولفت قنان بأن جميع المتسولات من جنسيات عربية دخلن للبلاد بصورة غير شرعية مطالبا بفتح مكتب لمكافحة التسول بتربة للقضاء على هذه الظاهرة. بينما أكد عدد من الرجال والنساء والأطفال المتسولين في تربة أنهم دخلوا إلى المملكة بصورة غير شرعية جماعات وفرادى وقد اعتمدوا التسلل والاختباء من نقاط التفتيش أسلوبا للوصول إلى تربة بغية التسول لأن المملكة هدفا للربح لذا قصدوها من بلادهم وأشاروا أنهم اتخذوا من البيوت الطينية المهجورة والمزارع مسكنا لهم في المساء وفي الصباح تنتشر فلولهم في جميع أرجاء المحافظة وقراها. ووصف الطفل أيمن حسين الذي لم يتجاوز عمره التاسعة ويتميز بالذكاء والفصاحة في استدرار عطف السكان طريقة دخوله للمملكة قائلا: دخلت إلى السعودية عن طريق التسلل مع والدي ووالدتي ومجموعة من الأشخاص بغية التسول وبالفعل وصلنا لتربة وقمنا بالعمل اليومي في استدرار واستعطاف القلوب الرحيمة التي حصدنا منها آلاف الريالات خلال شهر بينما قالت المتسولة عائشة بأنها قدمت للمملكة متسللة مع باقي أفراد أسرتها الذين يبلغ عددهم تسعة أفراد ومجموعة من الأشخاص سيرا على الأقدام حتى تجاوزنا الحدود ودخلنا السعودية ثم توجهنا لجازان ومنها انتقلنا لعسير ومن عسير سرنا على أقدامنا حتى وجد والدي شخصا يقوم بتوصيلنا لتربة مقابل مبلغ مادي كبير جمعناه من التسول أثناء الرحلة مشيرة بأنهم عند مرورهم بأي نقاط تفتيش يقومون بالترجل قبل الوصول إليها والسير من خلف النقاط وتارة من أمامها حتى وصولنا لتربة بعدها وضع أبي لنا مواقع مخصصة نمكث فيها نتسول وهو يراقبنا عن كثب من مسافة بعيدة حتى المساء ثم يقوم بجمعنا والعودة بنا إلى مقر السكن في إحدى المزارع بتربة ولفتت بأن مهنة التسول تدر مبالغ مالية خيالية تتجاوز 500 ريال الحصيلة اليومية للفرد من جانبه أكد محافظ تربة خالد حسن الرويس أنه بعد أن تم تضييق الخناق على المتسولين في المدن الكبيرة وعدم وجود مكتب لمكافحة التسول شجع هذه الفئة المتسللة على اللجوء للمحافظة لامتهان التسول بهذه الصورة لافتا بأن هناك طلبات متكررة لفتح مكتب لمكافحة التسول إضافة للتنسيق مع الجهات الأمنية لإلقاء القبض على فلول المتسولين وترحيلهم لبلدانهم. من جهة أخرى أكد ل «الشرق» مدير شرطة تربة العقيد علي الأسمري أن الدوريات الأمنية تتعقب المتسولين في جميع الأماكن التي يوجدون بها ويتم إلقاء القبض عليهم ومن ثم تسليمهم للجوازات لترحيلهم إلى بلدانهم وقد انحسرت هذه الظاهرة إلى حد كبير في تربة وضواحيها حتى يتم إخلاء تربة منهم جميعاً. متسول صغير يتمركز إلى جوار جهاز الصرف الآلي متسولات ينطلقن لمواقعهن متسولة تجوب الشوارع حاملة طفلها متسولة تعرض طفلها لاستدرار عطف ساكني العمارة متسولة تقتحم سيارة مواطن لطلب المساعدة (الشرق)